تمارا حبايبة - النجاح الإخباري - يعيش إسماعيل السمور في منطقة الشيخ رضوان في غزة، حيث فقد منزله الذي دُمّر خلال الحرب. اليوم، يقيم في بيت أقاربه الذين نزحوا إلى الجنوب" الحياة بعد الحرب أصبحت صعبة ومريرة"، فإسماعيل يروي كيف أنهم ينامون على أصوات القصف والاستهدافات، مما يزيد من حدة القلق والخوف.
إحدى أبرز المآسي التي يعيشها إسماعيل هي فقدانه لوالده، الذي انقطع أثره منذ نوفمبر 2023. كان والده قد خرج من منطقة الشاطئ، وأثناء محاولته الوصول إلى مكان آمن، تعرض لإطلاق نار، ثم اختفى. ورغم محاولاتهم المتكررة للتواصل مع الصليب الأحمر والمنظمات المحلية والدولية، لم يحصلوا على أي معلومات مؤكدة عن مصيره.
معاناة إسماعيل وعائلته تضاعفت، ففقدان الوالد دون معرفة مصيره يعتبر عبئًا نفسيًا ثقيلاً.
يسرد إسماعيل كيف عايشوا مشاعر الفقد كل يوم كما لو كانت اللحظة الأولى و يقول إن الآلاف من الناس في غزة يعيشون نفس المأساة، مما يعكس حجم الألم والمعاناة الجماعية.
يرى إسماعيل أن الاحتلال الإسرائيلي لم يبدأ منذ 7 أكتوبر، بل هو مستمر منذ أكثر من 70 عامًا، محملاً إياه مسؤولية الجرائم المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني. يتحدث عن الظروف الصعبة التي عاشتها عائلته، وكيف أن الحصار أصبح مضاعفًا، مما جعل العديد من الأسر تضطر إلى تناول أعلاف الحيوانات في ظل هذا الحصار، حتى المياه كانت لها طعم غير مألوف، مما يعكس حالة الفقر والعوز
تتجاوز معاناة إسماعيل حدود عائلته، لتجسد معاناة الشعب الفلسطيني ككل، الذي يعيش تحت وطأة تصعيد عسكري غير مسبوق. فالأوضاع الإنسانية والحقوقية تتفاقم بشكل مأساوي، وتزداد أعداد المفقودين والأسرى الفلسطينيين و تكتظ المستشفيات والمراكز الإنسانية بحكايات مؤلمة من الألم والفقد، حيث تترقب العائلات في خوف وقلق، وتشتت قلوبها بين الأمل واليأس، بحثًا عن أخبار أحبائها الغائبين.
وفقًا للمدير العام للعلاقات الدولية في نادي الأسير، رائد عامر، فإن الأرقام تعكس واقعًا مؤلمًا، مليئًا بالمعاناة الإنسانية التي لا تُحتمل. فقد بلغ عدد المعتقلين أكثر من 10,700 حالة، بينهم 730 طفلًا و104 صحفيين، ولا يزال 57 منهم محتجزين في سجون الاحتلال حتى إعداد هذا التقرير. أما أوامر الاعتقال الإداري، فقد بلغت 8,872، ولا يزال هناك 3,400 معتقل إداري، حيث تُجدد هذه القرارات بشكل دوري بحق الأسرى والمعتقلين.
يرى عامر أن الأوضاع مأساوية نتيجة النهج الجديد وتوجهات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الرامية للانتقام من الأسرى الفلسطينيين، مما جعل السجون كالجحيم.
ويضيف عامر" يعاني المعتقلون من عقوبات قاسية أثناء الاقتحامات، مما يزيد من أعبائهم النفسية والجسدية، كما ان الظروف داخل السجون تمثل واقعًا إجراميًا يمارس بحق الأسرى، حيث يعامل جميع المعتقلين بشكل متشابه، مع تدهور في جودة الطعام وكمية غير كافية، مما يؤدي إلى خسارة الوزن بشكل ملحوظ. كما يُعاني الأسرى من إهمال طبي فادح، حتى في حالات الحاجة إلى عمليات جراحية، مما يعكس تجاهلاً تامًا لحقوقهم الإنسانية، مما أدي إلى ارتقاء عدد منهم نتيجة هذا الإهمال.
تتجاوز معاناة الأسرى الحدود البدنية لتطال صحتهم النفسية، فتتجلى قصص العديد من الأسرى الذين أُطلق سراحهم بعد سنوات من الاعتقال، في حالات يرثى لها. هؤلاء الأسرى يعودون إلى عائلاتهم بعد أن فقدوا جزءًا كبيرًا من صحتهم، حيث يعاني العديد منهم من اضطرابات نفسية حادة نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية داخل السجون. في حالات عديدة، نجد أن الأسرى الذين قضوا فترات طويلة في الاعتقال يواجهون صعوبة في التكيف مع الحياة خارج أسوار السجن، إذ يحملون معهم ذكريات أليمة وصدمات نفسية.
فيما يتعلق بأعداد المفقودين في غزة، يضيف عامر أن نادي الأسير يتابع ملفات المفقودين، حيث أُنشئ رابط خاص لأسرهم. يقدر عدد المفقودين بين 2,500 إلى 4,000 بين أسير ومفقود، بينما يعمل النادي جاهدًا لمعرفة مصيرهم.
وعن جهود المنظمات المعنية بقضية الأسرى، يؤكد عامر بأسف أن الاحتلال يمنع حتى المنظمات الدولية وحقوق الإنسان من التواصل مع الأسرى أو زيارتهم. كما توجد تقصير واضح على المستوى الرسمي، حيث يتم التعامل مع ملف الأسرى كقضية ثانوية ستُحل لاحقًا بناءً على الأوضاع السياسية. هذه السياسة تعكس تجاهلاً صارخًا لحقوق الإنسان، مما يستدعي تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي للتصدي لهذه الانتهاكات وتقديم الدعم للأسرى وعائلاتهم.
المواطن إسماعيل سمور بلسان مواطني غزة يؤكد على ضرورة التحرك لإنهاء هذه الأزمات، داعيًا الجميع، سواء كانوا فلسطينيين أو عربًا أو حكومات، إلى إيقاف الحرب والقتل ونزيف الدماء. يختصر رسالته في كلمات واضحة ومؤثرة: "أوقفوا الحرب، أوقفوا القتل".