منال الزعبي - النجاح الإخباري - أحداث 7 أكتوبر وردود الفعل الأولية:

فجر يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استيقظ العالم على ضربة استباقية هزت إسرائيل، ضربة موجعة وجهتها المقاومة في غزة اعتبرتها ثأرًا على اعتداءات الاحتلال، في عملية شملت هجومًا بريًا، بحريًا، وجويًا وتسللا لوحدات المقاومين إلى مستوطنات غلاف غزة، فيما تم قصف مواقع عسكرية إسرائيلية بأكثر من 5 آلاف صاروخ خلال أول 20 دقيقة

حماس وعلى لسان قادتها بادرت بإعلان أن هذه العملية جاءت كرد فعل على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى والاعتداءات في القدس والضفة والحصار الخانق على غزة، أما الهدف الأساسي للعملية حسب "حماس" فكان أسر إسرائيليين لإجراء صفقة تبادل أسرى وتبييض السجون الإسرائيلية.

حققت العملية نتائج مفاجئة تمثلت في "انهيار المنظومة الأمنية الإسرائيلية" ، مما أدى إلى حرب هي الأطول في تاريخ إسرائيل، عام كامل مرّ عليها وما زالت مستمرة حتى اليوم.

ردود الفعل الأولية:

الفصائل الفلسطينية أكدت أن السابع من أكتوبر جاء ردًا على الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة.

في حين سارع جيش الاحتلال بإعلان عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "السيف الحديدي"، شملت غارات جوية مكثفة على مواقع في غزة. مما أدى إلى عدد كبير ومتزايد من الشهداء والجرحى في قطاع غزة.

وأصدرت بعض الدول الإقليمية مثل مصر وقطر بيانات تدعو إلى ضبط النفس وتجنب تصعيد الموقف.

 أما دوليًّا دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وقف فوري للعنف والعودة إلى المفاوضات، في حين بادرت بعض الدول الغربية الموالية لإسرائيل إلى إدانة الفعل المقاوم واعتباره إرهابًا.

بداية الحرب:

بدأت الحرب بعملية جوية إسرائيلية واسعة النطاق استهدفت البنية التحتية للفصائل الفلسطينية في غزة، مما أدى إلى تدمير العديد من المباني الحكومية والمنازل، في حين أظهرت المقاومة الفلسطينية بسالة وصمدت في وجه العدوان الإسرائيلي واستمرت بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية.

بعد أيام من القصف الجوي بدأت القوات البرية الإسرائيلية شن عمليات على الحدود مع غزة، ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة في مناطق مختلفة.

وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري واصف عريقات لـ"النجاح": "إن العقبة الأولى التي واجهها الاحتلال في غزة هي الشعب الفلسطيني وصموده على أرضه وعدم انصياعه لرغبة الاحتلال الإسرائيلي الذي ظن أنه سيكسر شوكة المقاومة باستهدافه البنية التحتية والمدنيين من أطفال ونساء وكبار، وممارسته سياسة التجويع والترهيب والنزوح من منطقة لأخرى داخل قطاع غزة، إلا أن الشعب الفلسطيني رغم كل هذه المجازر، و الجرائم، صمد ولم تنكسر إرادته."

أعلنت إسرائيل حصارًا شاملًا على قطاع غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء والماء والوقود.

وبدأت عمليات الإجلاء للمستوطنات الإسرائيلية القريبة من حدود غزة، وسط إدانات دولية واسعة للهجوم، ودعوات للتهدئة.

المراحل الرئيسية للحرب

 

المرحلة الأولى : : قصف جوي مكثف وتدمير ممنهج للبنية التحتية في غزة.

بعد ردها العنيف كثفت إسرائيل القصف العشوائي على قطاع غزة، في الفترة (10-15 أكتوبر – 2023 )واستهدافت مباني ومجمعات سكنية ومنشآت حيوية، معلنة أهداف الحرب ومنها: القضاء على المقاومة واستعادة أسراها، وأجبرت سكان شمال غزة على إخلاء منازلهم والنزوح جنوبًا.

في الفترة (16 -31أكتوبر 2023) بدأت العمليات البرية المحدودة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، وتصاعدت الأزمة الإنسانية مع نزوح مئات الآلاف داخل القطاع، في حين تزايدت الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.

ويرى الخبير العسكري واصف عريقات أنَّ العقبة الثانية التي واجهت إسرائيل تمثلت بثبات المقاومة الفلسطينية، بقوله: "المقاومة استطاعت أن تحقق إنجازًا في عملية طوفان الأقصى، وصمدت أمام الآلية الحربية الإسرائيلية ما يزيد عن 341 يومًا ولا زالت تقاوم بقوة، رغم أنها خسرت من قواها البشرية ومن معداتها ولكنها حتى الآن تتصدى للاحتلال الإسرائيلي."

المرحلة الثانية (العمليات البرية)

 اشتباكات برية ومحاولات توغل إسرائيلية في القطاع

أعلن مجلس الحرب الإسرائيلي، في مؤتمر صحفي مساء السبت 18 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، الانتقال إلى المرحلة الثانية من العمليات البرية في غزة وفي هذا السياق أكد بيان المجلس "استمرارهم حتى تحقيق الانتصار وإعادة الأسرى

وأكد رئيس وزراء الاحتلال  بنيامين نتنياهو أن الحرب سوف تستمر حتى تحقيق أهدافها الثلاثة الرئيسية وهي "الانتصار الحاسم والقضاء على حماس، وإعادة الأسرى، وضمان أن غزة لن تُشكِّل تهديدا لإسرائيل".

 حاول الاحتلال الإسرائيلي دخول غزة من أكثر من موقع، وفشل في بعض المحاولات قبل أن يُحوِّل تركيزه إلى خطة تعتمد على اختراق غزة من المنتصف والشمال بغية تطويق الجزء الشمالي من القطاع.

المرحلة الثالثة:

استهداف قيادات الفصائل الفلسطينية ومحاولات اغتيال مستمرة

ويشير الخبراء إلى أن هذه المرحلة التي بدأ الإعلان عنها في 2/7/2024  ليست انتقالية بشكل قاطع بين مراحل الحرب، بل تبدو أنها امتداد للمرحلة الثانية، وأنها تمثل حربًا نفسية تهدف لطمأنة الجمهور الإسرائيلي.

ودارجدل حول ما إذا كانت إسرائيل تسعى لتحويل غزة إلى نموذج يشبه الضفة الغربية، إلا أن الخبراء يؤكدون اختلاف الوضع بين الضفة وغزة، حيث تمتلك غزة بنية مقاومة خاصة.

شهدت هذه المرحلة تزايد  الضغط الإسرائيلي داخليًا وخارجيًّا على نتنياهو وحكومته المتطرفة، مع الحديث عن استنزاف جيش الاحتلال وتزايد المطالبات الإسرائيلية للإمدادات العسكرية والمادية من الولايات المتحدة الأمريكية.

اعتمدت هذه المرحلة تكتيك "جز العشب"" حسب تعبير نتنياهو  والذي يتضمن عمليات عسكرية محدودة وخاطفة، مع سحب القوات الإسرائيلية من داخل المدن والأحياء في القطاع، وهدفت إلى السيطرة على المحاور  (محور نتساريم الذي يفصل الشمال عن الجنوب، بالإضافة إلى السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح)، بالإضافة إلى التعامل مع رفح بإنهاء العمليات العسكرية الكبرى في رفح جنوبي القطاع، وسحب القوات مع إبقاء السيطرة على مناطق رئيسة.

رافق ملامح هذه المرحلة قتال على جبهات أخرى شملت جنوب لبنان  والتوصل إلى تسوية مع حزب الله.

وراوحت الجهود الدولية مكانها في مفاوضات الأسرى وسط تخوفات من تجميدها خاصة مع اشتراط فصائل المقاومة انسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من غزة.

المرحلة الرابعة:

تصعيد القصف الإسرائيلي وازدياد أعداد الضحايا في صفوف المدنيين

يجمع الخبراء أن المرحلة الرابعة هدفت  إلى مواصلة الضغط على المقاومة الفلسطينية عبر عمليات هجومية مستندة إلى الاستخبارات، ومنع استخدام الأنفاق كسلاح استراتيجي، وأن الاحتلال وضع خطة لفرض واقع جديد يهدف إلى إضعاف قدرة المقاومة على الاستمرار في القتال، وخلق تحديات من شأنها الضغط على "حماس" للتنازل عن شروطها.

ووفق الخطة الإسرائيلية  لهذه المرحلة التزم جيش الاحتلال بالقتال بشكل أساسي فوق الأرض بناءً على معلومات استخباراتية، مع منع عودة السكان إلى شمال غزة من خلال وجودهم العملي والهجومي في محور نتساريم، بما يضمن أيضاً تجنيب الجيش البقاء داخل مواقع دائمة تجعله هدفاً ثابتاً لهجمات المقاومة.

وامتازت هذه المرحلة بتبني المقاومة أسلوب "حرب العصابات" .

وضمن الخطة، ناقش السياسيون والعسكريون مسألة "اليوم التالي"، خاصة فيما يتعلق بتوزيع المساعدات الإنسانية، وثمة اقتراح بأن يقوم جيش الاحتلال بهذه المهمة. وبالفعل، بدأ الجيش بدراسة الطرق التي يمكن من خلالها السيطرة على عملية التوزيع بالتعاون مع الولايات المتحدة، بحيث لا تتحول هذه المساعدات إلى شريان حياة لقيادات وعناصر المقاومة.

واعتمد جيش الإحتلال على معلومات استخباراتية في تنفيذ عمليات هجومية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، بهدف محاولة منع المقاومين من استخدام الأنفاق أو الخروج منها، والتي تعتبرها إسرائيل بنية تحتية عالية الأهمية في قتال قوات الاحتلال.

وتعتقد المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن بقاء المقاومين في الأنفاق لفترة طويلة من شأنه أن يشكل ضغطا عسكريا وسياسيا عليهم، مما قد يدفع القيادة السياسية للمقاومة إلى القبول بشروط وقف إطلاق النار.

اعتمادا على هذه الخطة تمكن الاحتلال من استعادة بعض الأسرى في محاولة لانتزاع صورة نصر أو موقف يمكن البناء عليه بغية تسويغ الاستمرار في الحرب.

صرّح اللواء محمد المصري، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، حول مآلات الحرب وتأثيرها على الاستقرار بالشرق الأوسط، قائلًا إن الحرب "أحدثت تغييرات كبيرة وفارقة محليًا وإقليميًا." وأكد أن أمريكا، التي "تقود العدوان على الشعب الفلسطيني"، تحاول حصر الحرب في غزة والسيطرة على الأوضاع، دون امتدادها إقليميًا. ومع ذلك، تمنح الولايات المتحدة إسرائيل "الضوء الأخضر" لممارسة عمليات "الإبادة الجماعية" في غزة، وتوسيع العدوان إلى الضفة الغربية، بدعم من اليمين المتطرف ومستوطنيه.

وأشار المصري إلى أن "إسرائيل وحليفتها أمريكا تسعيان لإعادة احتلال القطاع وتسيير حكومة مدنية إسرائيلية ذات طابع عسكري." وعلى الجانب الفلسطيني، يرى أن الشعب الفلسطيني "لن يختار سوى صموده ومقاومته وبقائه في أرضه." وأوضح أن الأطفال في غزة "رأوا أهوال ومجازر ومشاهد لا يمكن أن تمحى من ذاكرتهم"، مؤكدًا أن هذا الجيل الجديد "لا يرغب ولا يقبل في التجاوب مع الاحتلال."

أبرز المجازر الإسرائيلية:

ارتكبت إسرائيل في حربها الأخبرة على قطاع غزة أبشع المجازر التي صنفت عالميا ودوليا على أنها "جرائم حرب" وجرائم ضد الإنسانية، استخدمت فيها كل الأساليب الوحشية والمحرمة دوليا من أسلحة وقنابل فسفورية واستهداف المدنيين والأطفال، وحتى العاملين في المجال الصحي والإغاثي والصحفي بل استهداف المنكوبين والنازحين في الخيام ومراكز الإيواء والمستشفيات وجميع الأماكن المكتظة  دون رحمة، وأبرز هذه المجازر:

مجزرة مستشفى المعمداني: وقعت في 17 أكتوبر 2023، كانت من أبشع الجرائم، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية ساحة المستشفى التي كانت تؤوي مئات النازحين، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 500 شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.

مجزرة جباليا: وقعت في 31 أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد وجرح 400 فلسطيني معظمهم من الأطفال، بعد قصف حي سكني مكتظ بالسكان والنازحين.

مجزرة مدرسة الفاخورة :وقعت في 18 نوفمبر 2023 استهدفت مدرسة تابعة للأونروا في شمال قطاع غزة، وأودت بحياة أكثر من 200 بين شهيد وجريح.

مجزرة دوار النابلسي: وقعت في 29 فبراير 2024، أطلقت قوات الاحتلال النار على تجمع لفلسطينيين كانوا ينتظرون وصول مساعدات، مما أدى لاستشهاد 118 وإصابة 760 آخرين.

 

مجزرة مستشفى الشفاء: التي بدأت في 18 مارس واستمرت حتى الأول من أبريل 2024، كشفت عن استشهاد  400 فلسطيني بعد حصار استمر لأسبوعين على المجمع الطبي الأكبر في غزة.

 

مجزرة رفح: وقعت بتاريخ 26 مايو 2024، استهدفت طائرات الاحتلال مخيماً للنازحين شمال غرب رفح، أسفرت عن استشهاد 45 وإصابة 249 آخرين.

 

مجزرة مدرسة النصيرات: في السادس من يونيو 2024 استهدفت مدرسة كانت تؤوي مئات النازحين، أدت إلى استشهاد  40 وجرح 74 من المدنيين.

 

مجزرة مواصي خان يونس: بتاريخ 13 يوليو 2024، استشهد 90 فلسطينياً وأصيب أكثر من 300 في قصف جوي عنيف.

 

مجزرة مدرسة التابعين: بتاريخ 10 أغسطس 2024، استهدفت مدرسة كانت تؤوي نازحين يؤدون صلاة الفجر، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 شخص وإصابة العشرات.

تلك المجازر تشكل فصولاً دامية من معاناة الفلسطينيين المستمرة، وتؤكد على استهداف الاحتلال المباشر للمدنيين في أماكن ظنوا أنها آمنة.

اللواء محمد المصري، الخبير في الشؤون الأمنية الاستراتيجية، يعلق: "أميركا تمنح إسرائيل الضوء الأخضر لممارسة عملية الإبادة الجماعية في غزة، والتدمير الممنهج ودعم إسرائيل في مد العدوان إلى الضفة الغربية وتدمير البنية التحية فيها في حرب يقودها اليمين المتطرف ومستوطنيه."

 محطات المفاوضات وجهود وقف إطلاق النار:

في عامٍ من المفاوضات المتعثرة بين حركة حماس وإسرائيل، تكررت محاولات التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق  النار وتبادل الأسرى، إلا أن الموقف المتشدد لرئيس وزراء االاحتلال " نتنياهو" كان حجر عثرة أمام هذه المحاولات.

لعبت مصر دورًا محوريًا في هذه المفاوضات حيث كانت أول من بادر بمحاولة وقف إطلاق النار عبر الوساطة، إذ دعت الطرفين لوقف العمليات العسكرية وبدء مفاوضات عبر لقاءات متعددة مع الجانبين، محاوِلةً التوصل إلى هدنة إنسانية تفتح المجال لإدخال المساعدات إلى القطاع.

قطر أيضاً كانت حاضرة بقوة في مساعي الوساطة، حيث سعت الدوحة للوصول إلى اتفاقيات هدنة مؤقتة تهدف إلى تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، كما شملت المحادثات تبادل الأسرى بين الطرفين.

أبرز محطات المفاوضات:

- 17 يناير: بعد شهرين من اندلاع الحرب على غزة ومع بداية 2024 بدأت الاستعدادات لقمة باريس الأولى بهدف وضع أسس اتفاق جديد بعد صفقة سابقة أسفرت عن إطلاق سراح 125 أسيراً. إلا أن نتنياهو ألغى قرارًا اتُخذ بهذا الشأن، مما أدى إلى عرقلة الجهود.

- 24 يناير: تم تأجيل قمة باريس الأولى بسبب مماطلة نتنياهو في منح التفويض اللازم لرئيس الموساد.

- 28-31 يناير: انعقدت قمة باريس الأولى، ووصفها رئيس الموساد بأنها أحرزت تقدماً، لكن نتنياهو ادعى أن الهوة لا تزال قائمة بين الجانبين.

- 6 فبراير: حاول رئيس جهاز الشاباك المضي قدماً في اتفاق إنساني، لكن نتنياهو اختار استراتيجية جديدة بالمماطلة.

- 23 فبراير: في قمة باريس الثانية، قيد نتنياهو التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي بشكل كبير، مما أدى إلى فشل المحادثات.

- 16 مارس: رفض نتنياهو استئناف المحادثات بعد فشل قمة باريس الثانية رغم الضغوط الداخلية.

- 8 أبريل: ضغوط وسطاء دوليين دفعت باتجاه صفقة مؤقتة للإفراج عن بعض الأسرى، إلا أن نتنياهو عاد ليتبنى موقفًا تصعيديًا.

- 25 أبريل: تم تسريب معلومات حساسة بعد أن أطلع نتنياهو وزير المالية عليها، مما أضعف جهود التفاوض.

- 4 مايو: رفض نتنياهو أي اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، مصراً على ضرورة تدمير قدرات حماس العسكرية.

- 1 يونيو: رد نتنياهو سلباً على إطار العمل الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن.

- 4 يوليو: قدمت حماس ردها الإيجابي على المقترح الأميركي، ولكن إسرائيل اعتبرت أن هناك المزيد من الثغرات.

- 7 يوليو: أصدر مكتب نتنياهو بياناً يوضح الخلافات المتبقية، مما يشير إلى عدم جدية رئيس الوزراء في التوصل إلى اتفاق.

بدورها تظاهرت أميركا بدور الوسيط من خلال إعلان خطة لوقف الحرب في مايو 2024، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطة متعددة المراحل لوقف النزاع. تضمنت انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في غزة مقابل إبرام صفقة تبادل أسرى. ركزت الخطة على إطلاق سراح النساء والأطفال المعتقلين لدى الطرفين، وإدخال مساعدات إنسانية، مع الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية.

خلال هذه المفاوضات وجهود الوساطة الدولية تم التوصل إلى عدة اتفاقات هدنة قصيرة المدى، لكنها كانت تنهار سريعًا بسبب استمرار القصف والهجمات. أحد أبرز هذه الهُدن كان بوساطة مصرية وقطرية، لكنه لم يدم طويلًا نظرًا لاستمرار القصف المتبادل.

ولا تزال الجهود مستمرة في محاولة التوصل إلى اتفاق دائم يُنهي النزاع ويؤسس لوقف دائم لإطلاق النار، وذلك وسط ضغط دولي كبير لتجنب المزيد من الكوارث الإنسانية في غزة.

وفي حديثه حول فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ظل تباين مواقف الأطراف المعنية، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، د. رائد نعيرات، إلى أن "فرص التوصل إلى تهدئة أو وقف إطلاق النار أو التوصل إلى صفقة، تبدو ضئيلة ولا تدعو إلى التفاؤل." وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو تترقب الانتخابات الأمريكية، مشيرًا إلى أن "نتنياهو واليمين ينتظران عودة ترامب"، مضيفًا أن إدارة ترامب كانت أكثر توافقًا مع اليمين الإسرائيلي بشأن "قضايا اليوم التالي"، على عكس إدارة بايدن.

وأوضح نعيرات أن الحديث عن وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى يعتمد بشكل أساسي على "اليوم التالي"، مؤكدًا أن هذا اليوم يتطلب من إسرائيل تحديد موقفها من الدولة الفلسطينية. وأوضح أن "نتنياهو لا يريد تقديم هذه الصفقة لبايدن وكاميلا هاريس لعدة أسباب؛ أولها أنه لا يريد منحهما فرصة الفوز بالانتخابات، وثانيها أنه يعلم أن هذا سيفتح بابًا واسعًا للسؤال حول الدولة الفلسطينية والاستقلال الفلسطيني، وهذا ما لا يريده".

وعن تأثير هذه التطورات على مسار الحرب، قال نعيرات: "الجبهة على قطاع غزة لن تتأثر بالمفاوضات سواء بتفاهماتها أو فرص نجاحها". وأكد أن "التأثير الكبير يقع على الجبهة الشمالية وإيران والضفة الغربية"، مضيفًا أن هذه الجبهات تتأثر بشكل مباشر بالمفاوضات والحديث عن الصفقة، حيث تبلور مواقفها بناءً على تصورات العالم الخارجي للحرب. وأشار إلى أن "إيران وحزب الله أجّلا الرد حتى لا تنجرف المنطقة نحو حرب شاملة، ولكن إذا لم يتم التوصل إلى صفقة بعد الانتخابات الأمريكية، فإن الاستعدادات ستسير في كل المناطق".

دوليًا: حاول مجلس الأمن إصدار قرار لوقف إطلاق النار، لكن الانقسامات بين الدول الأعضاء واستخدام أمريكا الفيتو لصالح إسرائيل حال دون ذلك.

التدخلات الدولية الرئيسية (قرارات مجلس، محكمة العدل، الجنائية):

- مجلس الأمن: جلسات متكررة لمحاولة التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار، لكن كانت هناك انقسامات بين القوى الكبرى.

- محكمة العدل الدولية: باشرت مناقشة الشكاوى الفلسطينية حول الجرائم المرتكبة من قبل إسرائيل، مع تأكيد على ضرورة إجراء تحقيقات دولية.

- المحكمة الجنائية الدولية: أطلقت تحقيقات أولية حول الجرائم المحتملة التي ارتكبت خلال الحرب، بما في ذلك استهداف المدنيين.

  • 25 أكتوبر: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لهدنة إنسانية فورية.
  • 15 ديسمبر: مجلس الأمن يتبنى قراراً يدعو لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.
  • 29 ديسمبر: جنوب إفريقيا ترفع دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
  • 26 يناير 2024: محكمة العدل الدولية تصدر أمراً بإجراءات مؤقتة تلزم إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية.

اللواء محمد المصري قال إن الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية أظهر الضعف وعدم الإنصاف، ما يجعل فلسطين لا تحارب من الإسرائيلي فقط بل من قبل العالم أجمع".

وفيما يخص المواقف العربية، قال نعيرات إن "السابع من أكتوبر شكّل صدمة للفاعلين السياسيين في المنطقة"، وخاصة لمحور التطبيع الذي كان يتصور أن القضية الفلسطينية قد شُطبت. وأكد أن محور التطبيع وجد نفسه غير قادر على التأثير على إسرائيل وأمريكا "حتى لو هامشيًا"، واصفًا هذا الفشل بأنه من أكبر الخسائر التي تعرض لها المحور بعد السابع من أكتوبر.

التطورات الإنسانية:

تسببت الحرب في أزمة إنسانية أثارت غضبًا عالميًا استدعى مظاهرات عبر مختلف الدول قادتها الحركات الطلابية في الجامعات العالمية، وبذلت جهود كبيرة من قبل المؤسسات الإنسانية والحقوقية والإغاثية سارعت للتعامل مع ما خلفته المقتلة الإسرائيلية التي أدت إلى:

- أزمة إنسانية: تفاقم الوضع الإنساني في غزة بسبب نقص المواد الغذائية، المياه، والدواء، بالإضافة إلى تدمير كبير للبنية التحتية.

- نزوح داخلي: مئات الآلاف من السكان فروا من منازلهم بحثًا عن الأمان في مدارس الأونروا والمستشفيات، ومع ذلك تم استهدافهم عبر مجازر بشعة على مرأى من العالم أجمع.

- الجهود الإغاثية: منظمات دولية مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر والأونوروا كثفت جهودها لتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، لكن تعذر الوصول إلى العديد من المناطق بسبب استمرار العمليات العسكرية.

وشهدت أشهر أكتوبر ونوفمبر: تفاقم أزمة نقص الغذاء والماء والوقود في غزة.

وأعلن في ديسمبر: انهيار شبه كامل للنظام الصحي في غزة، مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة.

في يناير 2024 حذرت  الأمم المتحدة من خطر المجاعة في شمال غزة.

وفي فبراير سادت التحذيرات من  تفشي الأمراض والأوبئة بسبب نقص المياه النظيفة والظروف الصحية المتردية.

واستهدف الاحتلال الجهود الإنسانية من خلال محاربته الأونروا وتصريحات قادته بضرورة وقف أعمالها بل استهدف العاملين فيها حيث أعلنت الأونروا استشهاد ما لا يقل عن 220 من موظفيها في غزة، واستهدف أكثر من 70 مدرسة تابعة لها.

وفي إطار التحليل العسكري يؤكد واصف عريقات على أنَّ الضربات التي تلقاها "الكيان الصهيوني"  في السابع من أكتوبر أثرت بشكل كبير على ركائزه الثلاث: الجيش، والمستوطنين، والمهاجرين، على حد قوله .

وأوضح قائلاً: "الجيش لم يستعد قوة الردع، بل فقد أيضًا روح المبادرة، حيث لا يستطيع الآن اتخاذ عنصر المبادرة في أي جبهة من الجبهات". وأشار إلى أن هذا الضعف يبدو جليًا في ممارسات الجيش على الأرض.

و كشف عريقات أن "أكثر من 800 ألف مستوطن هاجروا وغادروا بيوتهم من المستوطنات"، ولن يتمكنوا من العودة طالما استمر القتال. أما الركيزة الثالثة، المهاجرين، فقد أشار إلى أن "الهجرة العكسية من الداخل إلى الخارج" باتت ظاهرة، مما يمثل تحديًا خطيرًا لبقاء الكيان الصهيوني بسبب "مشكلة حقيقية في العمق البشري والجغرافي".

في حين أشاد عريقات  بصمود المقاومة وقدرتها على استخدام "أسلوب حرب الفدائيين أو حرب العصابات"، موضحًا أنها تتجنب المواجهة المباشرة وتعتمد على "عنصر المباغتة والانقضاض على الجيش الإسرائيلي في فترات تراخيه وإعيائه". وبيّن أن المقاومة تستفيد من نقاط قوتها وتستغل نقاط ضعف العدو، مما يعوض الخلل في ميزان القوى.

 وأضاف أن المقاومة أرهقت العدو من خلال مرونتها في "الكر والفر" وتنويع العمليات واستخدام ما يمكن من الأسلحة، مشيرًا إلى أنها "دفعت قيادات الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأنه لا توجد حلول سحرية مع المقاومة الفلسطينية وأنهم وصلوا إلى طريق مسدود".

و فيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة في قطاع غزة قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د. رائد نعيرات : "إسرائيل وحليفتها أمريكا تسعيان لإعادة احتلال القطاع وتسيير حكومة يسمونها مدنية إسرائيلية لكنها عسكرية". وأضاف: "نحن كفلسطينيين ننظر إلى اليوم التالي على قطاع غزة على أنه جزء من الدولة الفلسطينية والحقوق التي تضمن استقلال فلسطين". وأعرب عن اعتقاده بأن "الرؤية الفلسطينية أقرب للتحقيق رغم المجازر والخسائر"، مشيرًا إلى أن "هناك نجاحات واضحة في عدم منح الإسرائيليين تحقيق أي إنجاز حقيقي، لا في غزة ولا حتى الضفة".

وفيما يتعلق بتأثيرات هذه الحرب وتبعاتها لفت الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية اللواء محمد المصري إلى أن التطورات العالمية مثل حرب أوكرانيا وتأثيرات جائحة كورونا قد أثرت على السياسات الدولية، وقال إن العالم يتجه نحو نظام متعدد الأقطاب، ما سيكون "أكثر عدلًا وإنصافًا للقضية الفلسطينية."

وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد منحت إسرائيل الدعم المطلق، "واستخدمت الفيتو مرتين لمنع وقف إطلاق النار في غزة."

وعن المواقف العربية، أضاف المصري: "لا زال هناك تعويل على العالم العربي، لكن الصمود في وجه هذا الاستعمار الإسرائيلي لا يكون إلا بإنهاء حالة الانقسام وتوحيد البيت الفلسطيني." وشدّد على ضرورة وجود "وحدة وطنية وإجماع فلسطيني على موقف واحد"، منتقدًا ضعف المواقف العربية ودور الدول المطبعة مع إسرائيل.

واختتم المصري بقوله إن المجتمع الدولي يتعامل "بازدواجية" مع القضايا، إذ أعطى "تفضيلًا للمهجر الأوكراني" بينما "همّش الفلسطينيين وكل الآلام والدماء التي ارتكبت بحقهم." وأكد أن الفلسطينيين يجب أن يحافظوا على "قوتهم من خلال وحدتهم الداخلية ومناعتهم الوطنية" لمواجهة هذا التحدي.

بعد سنة من الحرب  تخلص الأقوال إلى أن "طوفان الأقصى" نقطة تحول بارزة في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث شكلت علامة فارقة ما بعدها يجب ما قبلها، وضعت المنطقة أمام مشهد معقد من الأحداث والمواجهات المستمرة. ومع تصاعد الأزمة الإنسانية، تزداد الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات بشكل فوري وفعال. إن تعقيدات هذا الصراع وتداعياته الإقليمية والدولية تؤكد على ضرورة مقاربة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للنزاع، وتسعى لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة، كل هذه الأحداث تضع الدول الكبرى الفاعلة على المحك والمنطقة كلها على مرجل نار مجهول النتائج!