مرح العبوة - النجاح الإخباري - عام كامل مرعلى قطاع غزة في عدوان إسرائيلي لم يشهد له التاريخ مثيلاً، حيث استهداف للبشر والحجر، وانعدام لكل سبل الحياة، وقد أدت الحرب كذلك إلى تلوث واسع النطاق للأراضي والمياه، وتدمير للغطاء النباتي، وظهور المخلفات الحربية التي تشكل تهديداً بيئياً خطيراً.

وتشير التقديرات، إلى تعرض المياه الجوفية للتلوث بسبب الأضرار التي لحقت بشبكات الصرف الصحي أما الأراضي الزراعية شهدت دماراً هائلاً نتيجة الهجمات الجوية والقصف المدفعي، والعديد من المزارع تم تدميرها بالكامل، مما أدى إلى فقدان المحاصيل وتدهور التربة.

ووفقاً للمختصين، فإن الغطاء النباتي الذي كان يوفر حماية للتربة ويسهم في توازن البيئة، تعرض للدمار أيضاً ، وهذه الأضرار لا تؤثر فقط على الإنتاج الزراعي، بل تسهم في زيادة التصحر وتآكل التربة، مما يعرض الأمن الغذائي للخطر في المستقبل.

انتشار النفايات والركام

شهد قطاع غزة زيادة هائلة في كمية النفايات والركام نتيجة الهجمات والدمار الذي لحق بالبنية التحتية ، هذا ما أشار إليه الصحفي و شاهد العيان عبد الهادي عوكل الذي أكد أن المواطنين يعيشون في ظروف صحية مزرية حيث تكدست النفايات والقمامة في مناطق النزوح المكتظة عدا عن تدمير الاحتلال لمعدات البلديات و التي ساهم في تفاقم الأزمة، حيث لا توجد القدرة على جمع النفايات أو معالجتها بشكل صحيح ، كما أدى تسرب مياه الصرف الصحي إلى تفشي الأمراض الجلدية، وزيادة انتشار الحشرات والبعوض التي تنقل الأمراض ، خاصة بين أجساد الأطفال .

وأوضح أن كل من يعيش بالخيام معرض للأمراض بسبب نقص النظافة الشخصي الإجباري الذي فرض على المواطنين بسبب نقص المياه و نقص معدات النظافة الشخصية، وغلاء الأسعار.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية  فقد تم خلال الحرب الإبلاغ عن حالات متفرقة من الحصبة و النكاف، وعن أكثر من 600 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا والتهاب الكبد عدا عن انتشار الأمراض الجلدية كالطفح الجلدي و الجرب  وانتشار و القمل و جدري الماء.

ويظل خطر انتشار المزيد من الأمراض مرتفعا بسبب عوامل عدة، تشمل الاكتظاظ ونقص المياه والصرف الصحي وتعطل خدمات الرعاية الصحية الروتينية وتعثر النظام الصحي.

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإن برنامج مكافحة الوباء الذي أطلقته الوزارة بالتعاون مع يونيسيف ومنظمة الصحة العالمية لن يكون كافيا ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء العدوان

 داعية إلى إيجاد حلول جذرية لمشاكل المياه الصالحة للشرب، ووسائل النظافة الشخصية، وإصلاح شبكات الصرف الصحي، وإزالة أطنان القمامة والنفايات الصلبة المتراكمة.

تلوث المياه الجوفية والبحر و تدمير الأراضي الزراعية والغطاء النباتي

هذا وأوضح الدكتور عبد الحليم خضر أستاذ مشارك في هندسة البيئة في جامعة النجاح الوطنية أن قطاع غزة هو قطاع صغير المساحة وعالي الكثافة السكانية و هناك تهديد حقيقي على بيئة القطاع لأنها معرضة للدمار قبل هذا العدوان ، وذلك بسبب الحروب المتواصلة ، والحصار الإسرائيلي ، و تقييد وصول المواد اللازمة و البضائع .

وأشار خضر إلى أن الاحتلال عمل على تدمير شبه كامل للبنية التحتية للقطاع الإنتاجي و الخدماتي ، وانهيار أنظمة الصرف الصحي وأنظمة إدارة النفايات الصلبة ، ومعظم المباني و شبكات الطرق.
 وتابع " يجب الإشارة إلى وجود 39 مليون طن من الركام الملوث بالذخائر الغير متفجرة و مادة الإسبستوس التي تعد من المواد الخطرة على الإنسان و البئية ، عدا عن وجود جثث لآلاف الشهداء بين الركام و هذا يؤدي إلى تلوث التربة ، الهواء ، ومصادر المياه"


وقال إن الغطاء الزراعي تدمر بشكل مهول حيث تم تجريف الأراضي الزراعية و تدمير الدفيئات و البيوت البلاستيكية و شبكات الري بشكل كامل ، عدا عن تدمير الحوض الجوفي الفلسطيني الساحلي وهو حوض رملي قليل العمق معرض للتلوث بشكل كبير بسبب تربة الرملية ، وبالتالي الملوثات تصل من السطح إلى المياه الجوفية و هذا الكم الهائل من الملوثات قد وصلت إلى هذا الحوض ، و تحدث خبراء البيئة و المؤسسات الدولية المعنية بالبيئة و الحيوان أن الاحتلال دمر التنوع البيولوجي خاصة في منطقة وادي غزة ، فهناك قرابة ال 200 نوع أسماك و150من الطيور وثديات مهددة بالاختفاء من غزة فيما أصبحت الكائنات البحرية في البحر المتوسط مهددة نتيجة العدوان عدا عن التحول الخطير الذي طرأ على سلوك الحيوانات ولجوئها لأكل الجثث بسبب الجوع .

تأثير الأسلحة المستخدمة على البيئة

أما عن المخلفات الحربية بما في ذلك القذائف غير المنفجرة والألغام فهي تشكل تهديداً بيئياً وصحياً خطيراً على المدى الطويل، وهذه المخلفات قد تتسبب في تلوث التربة والمياه أيضاً ، مما يعوق جهود إعادة الإعمار ويهدد حياة السكان المدنيين.

الأسلحة المستخدمة في النزاع، مثل الأسلحة الكيميائية أو القنابل العنقودية، يمكن أن تترك تأثيرات سامة تدوم لسنوات، مما يزيد من تعقيد جهود التعافي والإنعاش في المنطقة.

هذا ما أشار إليه الدكتور عبد الحليم خضر "بأن التقييم الكلي للأضرار تظهر نتائجه بعد انتهاء الحرب ولكن هناك تقييم مباشر يرى بالعين المجردة ، وهناك تقييم علمي دقيق يشمل أخذ عينات من التربة و الهواء و الحوض الجوفي وعمل تحليل مخبري لها بمختبرات مخصصة لمعرفة مقدار و نوعية الملوثات فيها ، وبالتالي يجب وضع العمل على إيجاد خطط الاستجابة الإنسانية السريعة ، خطط عاجلة لمعالجة الركام و إعادة تدويره بشكل آمن ، إدارة مياه الصرف الصحي النفايات الصلبة بأسرع وقت ممكن لأن هذه الملوثات لها الأثر الأكبر على صحة الإنسان خاصة أن الاحتلال قد استخدم أسلحة فتاكة لها تأثيرات أساسية و هي الذخائر غبر المنفجرة لها خطورة كبيرة على السكان و تحديات في حال إعادة الإعمار لإنها قد تنفجر بأي لحظة ، التلوث الناتج من المواد الكميائية الخطيرة  و أطنان المتفجرات التي ألقيت على القطاع ، و المعادن الثقيلة المصنوعة منها هذه الذخائر تمثل مصدر كبير لتلوث المياه و التربة على المدى الطويل " .

إن الآثار البيئية للحرب على قطاع غزة تتجاوز بكثير الخسائر المباشرة التي تسببت فيها الهجمات، تلوث المياه، تدمير الأراضي الزراعية والغطاء النباتي، انتشار النفايات والركام، والمخلفات الحربية تشكل تحديات ضخمة تعيق جهود التعافي وتعزز الأزمات الصحية والبيئية.

خبراء البيئة و الصحة يأكدون أنه يجب أن تكون هناك جهود منسقة على الصعيدين المحلي والدولي لمواجهة هذه الآثار، بما في ذلك تقديم المساعدات الفنية والمالية لإزالة المخلفات، ومعالجة التلوث، وإعادة تأهيل البيئة.