النجاح الإخباري - بعد طول انتظار نجحت قيادات عسكرية بارزة في الحرس الثوري الإيراني في إقناع صناع القرار بأن الهجوم المفاجئ هو السبيل الوحيد لتعزيز صورة إيران كقوة إقليمية. وبالفعل، أقدمت إيران على تنفيذ ضربة قوية أمس الثلاثاء، إذ أطلقت حوالي 180 صاروخًا باليستيًا باتجاه الأراضي المحتلة، لتتصاعد التوترات في المنطقة بانتظار الرد الإسرائيلي. السؤال المطروح الآن: هل نحن على أعتاب حرب إقليمية شاملة؟

تباينت آراء المحللين حول قوة الرد الإيراني واحتمالية التوسع إلى حرب شاملة:

ردود فعل

سارع  رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو  بالتهديد والوعيد بأن تدفع إيران ثمن هجومها الصاروخي على إسرائيل، بينما قالت طهران إن أي رد انتقامي سيقابل " بدمار واسع النطاق"، وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع السياسي والأمني، بحسب بيان: "لقد ارتكبت إيران خطأً كبيراً الليلة، وستدفع ثمنه".

في حين أعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم جاء ردًا على اغتيال إسرائيل لقادة وازنين وشن عدوان على لبنان وغزة دون رادع.

وبينما أعربت واشنطن عن دعمها الكامل لحليفتها الدائمة إسرائيل، قالت القوات المسلحة الإيرانية إن التدخل المباشر من قبل أنصار إسرائيل ضد طهران سيؤدي إلى "هجوم قوي" من إيران على "قواعدهم ومصالحهم" في المنطقة.

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرر عقد اجتماع بشأن الشرق الأوسط اليوم الأربعاء.

رد اعتبار

الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في حديثه لـ"النجاح" علّق على الرد الإيراني قائلاً:  إنه بمثابة رد اعتبار،"رغم أن الرد جاء متأخرًا، إلا أنه كان ضروريًا؛ لأن إيران وجدت أنها إذا لم ترد، فستخسر جزءًا من مصداقيتها ودعم جمهورها، خاصة مع تزايد الهجمات على حزب الله." وأوضح أن إيران لا ترغب في الدخول في حرب إقليمية، لكنها تدرك أن إسرائيل تسعى لذلك، وأضاف: "إذا لم تكن إيران مستعدة لإيذاء إسرائيل قبل الدخول في الحرب، فإن الحرب ستأتي بشروط إسرائيلية."

وأشار المصري إلى أنَّ إسرائيل بعد تصعيدها في غزة انتقلت الآن إلى لبنان، معتبراً أن خارطة الطريق التي قدمها نتنياهو في الأمم المتحدة كانت واضحة تمامًا تحمل نية خلق "شرق أوسط جديد، في حين وصف نتنياهو  إيران بـ"محور الشر".

وأكد المصري أنَّ "إسرائيل لن تتراجع إلا إذا دفعت ثمنًا كبيرًا قبل الدخول في الحرب." وأردف قائلًا: "إن عدم الرد الإيراني سيشجع إسرائيل على المضي قدمًا في سياساتها العدوانية."

وحول قوة الضربات الإيرانية، أوضح المصري أن إيران تجنبت الضربات القاصمة التي قد تؤدي إلى حرب شاملة، لكنها استهدفت منشآت نفطية ومراكز عسكرية حساسة. لافتًا إلى أن إيران أخذت الخبرة وتعلمت دروسا من الحالة العراقية والسورية، وعليه فإن "المنشآت النفطية في إيران ليست مركزة في مكان واحد، وبالتالي ضرب موقع أو اثنين لن ينهي البرنامج النووي الإيراني."

وعن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مادحًا إيران: "لو كنت في السلطة لضممت إيران إلى اتفاقيات أبراهام" علق المصري قائلاً: "ترامب لا يرغب في خوض حرب في الشرق الأوسط، وهذا ما يجعله يتحدث عن صفقات واتفاقات بدلاً من المواجهة العسكرية." لكنه شدد على أن "السياسات الأمريكية تتبع مصالح الدولة الكبرى وليس فقط توجهات الرئيس، سواء أكان جمهوريًا أو ديمقراطيًا."

موقف حماس

أما بشأن تعليق حركة حماس على الرد الإيراني ووصفه بأنه "يوم استثنائي"، أوضح المصري أن الضربات الإيرانية أسهمت في إعادة بعض الأمل لمحور المقاومة، خاصة بعد خسائر كبيرة، مشيرًا إلى أن "هذه الضربات لم تكن كافية، لكنها كانت أفضل من عدم الرد."

استهداف مفرغ من الأهداف

بدوره المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عمر جعارة في حديثه لـ"النجاح"، يرى أن: "القصف الإيراني جاء انتقامًا لاغتيال قيادات وازنة مثل حسن نصر الله وإسماعيل هنية، لكن إذا كان الهدف هو الانتقام فقط فلا قيمة لهذه الضربات."

وأضاف: "الضربات العسكرية يجب أن تكون مرتبطة بهدف سياسي واضح، وإلا ستكون كالصفقات الخاسرة."

وأشار جعارة إلى أن إسرائيل وضعت حسن نصر الله على قائمة الاغتيالات بسبب تأكيده على عدم فصل قضيتي غزة ولبنان، في حين يسعى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لتحقيق أهدافه الأربعة، وأهمها فصل هاتين القضيتين.

وتساءل جعارة عن الأهداف السياسية التي يمكن أن تتبناها إيران بعد إطلاقها 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، قائلًا: "نحن ننتظر من إيران، كداعم لمحور المقاومة، أن تتبنى موقفًا فعالًا يوقف القتال المستمر في غزة ولبنان". كما أعرب عن استغرابه لعدم وجود هدف سياسي واضح خلف هذه الهجمات.

وفيما يتعلق بالخسائر، أشار جعارة إلى أن إسرائيل أعلنت عن ثلاث إصابات طفيفة جراء القصف، إلا أن قناة 12 العبرية نقلت عن قائد في سلاح الجو الإسرائيلي قوله "إن اثنين من المقاومين في الخليل أوقعوا خسائر أكبر، مما أثار تساؤلات حول فعالية الصواريخ الإيرانية".

الرد الإسرائيلي

ولفت أجعارة إلى أن إسرائيل تخاف وترتدع من العمليات النوعية في الضفة وغزة أكثر من خوفها من صواريخ إيران وهو ما عبّر عنه قائد في سلاح الجو الإسرائيلي بقوله: "إيران ارتكبت خطأ بإطلاق هذه الصواريخ وستدفع ثمن ذلك، لكن الأهم هو التركيز على الجبهات الحقيقية: غزة، الضفة الغربية، وجنوب لبنان".

ويتوقع قليلون أن يكون رد إسرائيل محدودًا هذه المرة، مما يشكل اختبارًا جديدًا في ظل سعي إدارة بايدن لتجنب دوامة جديدة من التصعيد، وبحسب موقع إكسيوس فإنَّ إسرائيل تدرس ردًا على الهجوم الصاروخي الإيراني الكبير الذي وقع يوم الثلاثاء، ويشمل استهداف بنى تحتية استراتيجية مثل منصات الغاز والنفط أو ضرب المواقع النووية الإيرانية.

وتشمل الردود المحتملة، وفقًا لموقع "أكسيوس"، الاغتيالات المستهدفة أو الهجمات على أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية. مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى تصعيد إضافي في الصراع المستمر منذ عام.

 إلا أن الأسئلة الكبرى تبقى مطروحة حول ما إذا كانت المنطقة متجهة نحو حرب شاملة، أم أن هناك فرصًا لتجنبها عبر تدخلات سياسية دولية؟!