النجاح الإخباري - ينظر المسؤولون السياسيون في إسرائيل إلى عمليات الاغتيال المتتالية التي يتم تنفيذها سواء بحق مسؤولي الفصائل الفلسطينية أو مسؤولي جماعة حزب الله اللبنانية أو حتى شخصيات إيرانية، على أنها إنجازات متراكمة تدعو للتفاخر بأنه يتم تحقيق أهداف الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر بعد الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس في مستوطنات وبلدات إسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.

غير أن الأمور في أعين محللين إسرائيليين مختلفة، حيث عبر البعض منهم عن الاعتقاد بأن واقع الأمر أن ما يحدث هو أن حركة حماس، على سبيل المثال، كانت تزداد قوة بعد كل عملية اغتيال يتعرض لها قادتها، محذرين من أن اغتيال زعماء تلك الجماعات يفرز قادة أكثر تشددا.

واغتالت إسرائيل مؤسس حماس أحمد ياسين في العام 2004، وفي نفس العام اغتالت القيادي في الحركة وأبرز وجوهها في ذلك الحين عبدالعزيز الرنتيسي، كما اغتالت قائد كتاب القسام صلاح شحادة في العام 2002، وتلاه اغتيال خليفته أحمد الجعبري في العام 2012، وعدد آخر من القادة مثل سعيد صيام، وإبراهيم المقادمة وصالح العاروري، ونزار ريان، وغيرهم.

وقالت إسرائيل اليوم الخميس إنها تأكدت من اغتيال قائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف في غارة نفذتها الشهر الماضي.

كما اتهمت حماس إسرائيل أمس باغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي وعضو الكنيست السابق، عوفر شيلح، إنه لا توجد دولة لديها تاريخ طويل من اغتيال الشخصيات القيادية مثل إسرائيل.

ويشير في تحليل نشرته هيئة البث الإسرائيلية إلى أن السيناريو مألوف دائما بحيث "أولا يأتي الإعجاب بالإنجاز من قبل السياسيين،  وبالقدرات الاستخباراتية المثيرة والتنفيذ الجريء، وينضم إليه على الفور التفسير القائل بأن التصفية تعيد لإسرائيل هيبة الرد وتحرم العدو من قدراته".

ويرى المحلل الإسرائيلي أنه في الغالبية العظمى من الحالات، "كانت الاغتيالات مسار عمل فاشلا، لأن المسؤولين ينظرون إلى التنظيمات الفلسطينية وحزب الله على أنها أشخاص وليس نظاما لا يعتمد على شخص واحد"، وأن ضرب أي منهم سيثير في أنفسهم خوفا شخصيا ورعبا من القدرات الإسرائيلية.

* نتائج عكسية

غير أن شيلح يؤكد أن النتائج تأتي دائما عكس رغبات السياسيين، موضحا "لقد قضت إسرائيل على معظم قيادات حماس مرارا وتكرارا، من الشيخ ياسين إلى أسفل الهرم، ولم تكتسب المنظمة سوى القوة والمكانة الرفيعة، بل وتجرأت على مهاجمتنا بطريقة غير مسبوقة".

ويضرب شيلح مثلا آخر قائلا، إن اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني عباس موسوي في عام 1992، والذي اعتبره الإسرائيليون إنجازا، رفع حسن نصر الله إلى القمة، وكان حجر الزاوية في عملية تحويل التنظيم إلى عدو يمتلك قوة ردع لم تكن موجودة من قبل.

من جانبه أيضا، يقول الكاتب في صحيفة معاريف، مايكل هراري، إن الاغتيالات المتتالية لقادة حماس وحزب الله لن تقضي على التنظيمين، ويرى أنها ربما تأتي بنتائج عكسية من خلال التسبب في ظهور قادة جدد أكثر تشددا.

ويضيف هراري أن هذه الاغتيالات لن تجبر حركة حماس مثلا على أن تستسلم وتطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين دون اتفاق معها، وربما تدفع الحركة للتشدد أكثر في شروطها بسبب بروز قيادات بديلة على الساحة.

ويقول الكاتب الإسرائيلي "من دواعي الأسى الشديد أن الاغتيالات والعمليات في غزة ولبنان وغيرها لا تغير على الإطلاق من المعضلة الإسرائيلية فيما يتعلق بضرورة التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين".

وأشار هراري إلى أن نتنياهو استمع بشكل واضح من الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته والمرشحة الديمقراطية في الانتخابات القادمة، كامالا هاريس، والرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، إلى أشياء موحدة وواضحة، وأن كلا منهم أبلغه على طريقته بضرورة إنهاء الحرب قريبا. 

وأضاف "هل تدرك إسرائيل أنه بغض النظر عن كبار المسؤولين الذين يتم القضاء عليهم، فإن المنظمات مثل حماس وحزب الله، لا يمكن القضاء عليها؟"