النجاح الإخباري - لارا زايد - في الوقت الذي يباد فيه ما يزيد عن 38 ألفاً من المدنيين الأبرياء في قطاع غزة خلال عشرة شهور فقط بواسطة آلة الحرب الإسرائيلية الهمجية، تسعى دولة الاحتلال إلى إجراءات مكثفة تهدف إلى الضم والسيطرة على قطاعات واسعة من الأراضي الفلسطينية، مستغلةً الانشغال بما يجري من جرائم غير مسبوقة في القطاع.

ووفقاً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإن سلسلة من الإجراءات قد بدأتها دولة الاحتلال عبر حكومتها الحالية، لتحقيق أهدافها التوسعية، تمثلت بالمصادقة على مخططات التوسعة للمستوطنات من أربع خطوات إلى خطوتين، ثم بالسماح بالعودة للاستيطان إلى شمال الضفة الغربية.

 إلى جانب تسهيل إجراءات تسوية أوضاع البؤر الاستيطانية أو شرعنتها وفق المسمى الاحتلالي، بالإضافة إلى عمليات التهجير القسري للتجمعات البدوية و تكثيف عمليات مصادرة الأراضي، وكل ذلك يصبُ في القضاء على الوجود الفلسطيني وإضعاف قدراته.

الجهود الفلسطينية لمواجهة الاستيطان

وأمام هذا التغول الاستيطاني، تسعى الجهات الرسمية الفلسطينية إلى تكثيف جهودها لقطع الطريق أمام الاحتلال ومستوطنيه في تنفيذ مخططاتهم، إلا أن عقبات عديدة تقف أمامها، إلى جانب الإجراءات المعقدة قانونياً في التوجه للمحاكم المحلية أو الدولية.

وينوه رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان في هذا الإطار، إلى الافتقار لخطة وطنية حقيقية لدعم وتمكين صمود المواطنين، إلى جانب الامكانيات الشحيحة في ظل الظروف المالية التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية والحصار غير المسبوق على الشعب الفلسطيني.

ويبين شعبان إلى التعاون الذي يجري مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال لدعم المواطنين، إلا أنه ليس كافياً بالحد المطلوب.

وحول لجان الحراسة التي تنشط في القرى والبلدات التي تتعرض لاعتداءات مكثفة من المستوطنين، يشير مؤيد شعبان، إلى أن الهدف منها هو تنبيه الأهالي فقط، فهذه الجهات لا تملك سلاحًا تجابه أي اعتداء، بما يدعو لضرورة وضع أفكار لبلورة خطة حقيقية من فصائل العمل الوطني والإسلامي في الضفة الغربية، لتمكين المواطن من الدفاع عن نفسه وحمايته من المستوطنين وإجرامهم.

مقاومة الجدار والاستيطان: 7681 اعتداء نفذها الاحتلال والمستوطنين في النصف الأول من 2024

وأشارت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى تنفيذ الاحتلال ومستوطنيه خلال النصف الأول من هذا العام ما يقارب 7681 اعتداءً، وتركزت هذه الاعتداءات في محافظة الخليل بـ 1307 اعتداءات تليها محافظة القدس بـ 1099 اعتداء ثم محافظة نابلس بـ1093 عملية اعتداء.

وأشارت الهيئة إلى أن الاعتداءات تراوحت بين فرض وقائع على الأرض (مصادرة أراضي وتوسعة استعمارية وتهجير قسري) وإعدامات ميدانية وتخريب وتجريف أراضي واقتلاع أشجار والاستيلاء على ممتلكات وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.

الجهود القانونية لمواجهة التوسع الاستيطاني.. هل من جدوى؟

وتسعى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى جانب المؤسسات الفلسطينية والمنظمات الحقوقية لمواجهة التوسع الاستيطاني غير المسبوق بالتوجه إلى المحاكم المحلية والدولية، وتوثيق تجاوز الاحتلال للمواثيق والقوانين الدولية بسلب الأراضي ونهبها.

المستشار القانوني في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار يذكر للنجاح في هذا الإطار، إلى أن المرحلة الحالية تشهد تماديا وتغولا على الحقوق الفلسطينية من خلال مجموعة من المتطرفين الصهاينة الذين يمتلكون زمام الأمور السياسية في دولة الاحتلال، حيث مشروعهم الأساسي هو خلق بيئة طاردة للفلسطينيين على هذه الأراضي.

ويبين مرار إلى أن المنظومة الاحتلالية باتت تعقد الإجراءات الدفاعية للفلسطينيين عن ممتلكاتهم سواء كانت المباني أم الأراضي من خلال اشتراطات جديدة وقوانين وأنظمة مستحدثة تمنع الفلسطيني من تكرار نجاحاته في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحقوق العقارية.

"حينما يتم الاعتداء على المواطن الفلسطيني يمنع من التوجه لأي من الجهات لرفع شكوى ضد المستوطنين المعتدين عليه، ضمن منظومة استيطانية واحدة تتضافر فيها كل الجهود لإظهار المستوطن بأنه يعاني من اضطرابات نفسية ومنفلت من القانون كما في العديد من الحالات، لتبرئته وعدم محاسبته، وبالتالي لا يمكن مواجهة هذا الاعتداء بالشكل القانوني" يضيف مرار .

وحول الملف القانوني المرفوع لدى محكمة الجنايات الدولية في الجرائم الاستيطانية التي تقع بحق الفلسطينيين كأفراد وممتلكات، يؤكد عايد مرار إلى أن المحكمة تتقاعس وتعمل بشكلٍ بطيء في التعاطي مع هذا الملف بحكم الضغوطات الأمريكية والعديد من الإرهاصات والسياسات المنحازة.

ويمضي مرار قائلاً: "الدول الأوروبية وأمريكا وضعوا المنظومة القانونية الدولية ويدافعون عنها في كل أنحاء العالم إلا على القضية الفلسطينية، حيث ترى دولة الاحتلال تخترق المواثيق الدولية ليلاً ونهاراً، ولكنها لا تعير أي اهتمام لهذه الجرائم على المستوى الفلسطيني"

منذ أوسلو .. الاحتلال يصادق على أكبر مصادرة للأراضي في الضفة

صادقت دولة الاحتلال على مصادرة 12,7 كيلومترا مربعا من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وقالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، إنها المصادرة الأكبر منذ 3 عقود.

وأوضحت المنظمة، في بيان أصدرته، أن "مساحة المنطقة التي يشملها الإعلان هي الأكبر منذ اتفاقيات أوسلو 1993، ويعتبر العام 2024 عام الذروة بالنسبة لإعلان مصادرة مساحات بعينها كأراضي دولة".

وتقع المساحات الأخيرة المصادرة بالقرب من مستوطنة يافيت في غور الأردن، ومن خلال إعلانها أراضي دولة، فإن حكومة الاحتلال قد عرضت تأجيرها "للإسرائيليين"، وحظرت ملكية الفلسطينيين لها.

وبهذه المصادرة، ترتفع مساحة الأراضي التي أعلنتها إسرائيل "أراضي دولة" منذ بداية العام إلى 23,7 كيلومترا مربعا.

وبحسب منظمة "السلام الآن"، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش "مصممان على مواجهة العالم أجمع، والعمل ضد مصالح شعب إسرائيل لصالح حفنة من المستوطنين"، الذين يحصلون على الأرض "كما لو أن لا وجود لنزاع سياسي يجب حله أو إنهاء حرب"

قانون الطوارىء.. المعضلة الأساسية أمام الجهود القانونية المبذولة

ويعقب الباحث في مجال البيئة والاستيطان في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي للنجاح، إلى النشاط الكبير الذي يمارس من المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية والمحلية من أجل توثيق اعتداءات المستوطنين، وفضح جرائم الاحتلال من جانب ومتابعة القضايا القانونية.

فيما يذكر لنا الباحث موقدي، إلى أن المعضلة الأساسية التي نصطدم بها حاليا هو قانون الطوارئ، الذي أعلن عنه الاحتلال منذ بداية الحرب على غزة، وهو تحويل الضفة لمناطق عسكرية مغلقة حتى إشعار آخر، وبالتالي جمد هذا القانون نشاطات كثير من المحاكم الإسرائيلية وحتى المحكمة العليا الإسرائيلية، مما يعني عدم القدرة على فتح ملفات جديدة ومتابعتها بالشكل القانوني الأمثل.

ويمضي موقدي قائلاً: "يضاف لذلك إلى أن الكثير من المواطنين الذين تم إخطارهم بوقف العمل بالبناء خاصة المنازل السكنية أو المنشآت الزراعية بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية  نجد صعوبة حقيقية في التعامل مع ملفاتهم القانونية كون الاحتلال لا يتعاطى بها بسبب قانون الطوارئ المعلن حاليا".

ويختتم موقدي حديثه "رغم ذلك هناك تواصل دائم ما بين المؤسسات، وقبل فترة قصيرة عقد اجتماع موسع مع عدة مؤسسات دولية  شريكة من ضمنها مركز أبحاث الأراضي وعدة مؤسسات في منطقة رام الله، هدفها هو إيجاد تدخل سريع لما حصل في الكثير من القرى الفلسطينية وتضرر كبير في النبية التحتية، جراء اعتداءات المستوطنين التي لا تتوقف".