النجاح الإخباري - في بلدة بيتا الصغيرة بمحافظة نابلس في الضفة الغربية، التي تحاصرها الحواجز العسكرية وتطوقها المستوطنات الإسرائيلية، قام الفلسطيني يزن أقطش بتحويل سيارته الصغيرة إلى عربة إسعاف تجوب الشوارع الضيقة في محاولة للوصول إلى الجرحى خلال المواجهات العنيفة التي تشهدها البلدة بشكل متكرر في الآونة الأخيرة.
بدأ أقطش مسيرته كمتطوع في الإغاثة الطبية الفلسطينية، لكنه لم يكتف بذلك، بل جمع حوله فريقاً من 12 شخصاً يتبادلون الأدوار بما تيسر لهم من أدوات وإمكانيات متواضعة بعد تلقيهم تدريبات مكثفة. ويقول أقطش، "في 2021 ومع بداية أحداث جبل صبيح، أردت أن أكون من ضمن الموجودين في السلك الطبي ومع المتطوعين في الميدان. تطوعت مع فريق الإغاثة الطبية عن طريق مسؤول فريق الإغاثة الطبية الدكتور غسان حمدان عندما كان يأتي لمنطقة جبل صبيح".
ويضيف أقطش: "اقترحت عليه الفكرة أن أكون أحد المتطوعين وبدأت هذه المسيرة في 2021. وبعد تقريباً سنة ونصف السنة أو سنتين وأنا موجود بمفردي في بيتا مع الإغاثة الطبية، أحببت أن أشكل فريقاً خاصاً بي في بلدة بيتا مع تزايد الأحداث وخاصة مع بداية حرب غزة".
تشهد بلدة بيتا مواجهات متكررة بين الجيش الإسرائيلي وشبان فلسطينيين عند منطقة جبل صبيح، الذي يحاول المستوطنون إقامة مستوطنة عليه، وهو أمر يرفضه أهالي بيتا الذين نفذوا عشرات المسيرات الاحتجاجية اعتراضاً على خطط المستوطنين.
ويعتبر أقطش أن طواقم الإسعاف في الضفة الغربية تواجه تحديات "لا توصف"، بعدما زادت بشكل كبير عقب أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
وأشار إلى أن الحواجز العسكرية التي تحاصر بلدة بيتا ليست وحدها ما يثقل خطاهم ويعترض طريقهم، بل هناك إعاقة متعمدة من قبل جيش الاحتلال لعملهم.
ولا تستطيع سيارة أقطش السير في الطرق الوعرة على جبل صبيح، مما يدفعه إلى الترجل حاملاً صندوق الإسعافات الأولية ومحفة لنقل المصابين، محاولاً بما تيسر تقديم الخدمات الطبية للمصابين الفلسطينيين. ويقول أقطش: "الحركة سيرا على الأقدام بها صعوبة في الفترة الحالية، فما بالك بالاقتراب بسيارة لا يعرفونها. نصف المركبة بعيدا ونلتقي في مكان متفق عليه، ونحمل أغراضنا سواء نقالة أو حقائب إسعاف، ونتحرك بعد الانقسام على العدد المطلوب".
أقطش نفسه تعرض للإصابة برصاص جيش الاحتلال سابقاً، بعد إطلاق النار عليه وعلى من معه بشكل مباشر أثناء القيام بواجبهم الطبي.
ويعيش ضياء حشاش، المسعف في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، معاناة مماثلة، ويصف عمل طواقم الإسعاف خلال مداهمات الجيش الإسرائيلي بأنها "مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر". يقول حشاش: "أكثر شيء نتعرض له هو منعنا وعدم حصولنا على موافقة الجيش للسماح لنا بالدخول. هذه أكبر مشكلة تواجهنا بمنع مركبة الإسعاف من الدخول إلى مكان الإصابة أو موقع الحدث".
يشير حشاش إلى أن جيش الاحتلال كثيراً ما يحتجز سيارة الإسعاف لعدة ساعات مع طاقمها ويحاصرها بالآليات العسكرية، وفي أحيان أخرى يتم تفتيشها. ويروي أحمد درويش، المسعف المتطوع في الهلال الأحمر الفلسطيني، تفاصيل عن مضايقات مماثلة من قبل القوات الإسرائيلية أثناء نقل المصابين خلال المداهمات التي يتعرض لها مخيم بلاطة، في ظل منع سيارات الإسعاف من دخول المكان.
ويروي أحمد درويش، المسعف المتطوع في الهلال الأحمر الفلسطيني، تفاصيل عن مضايقات مماثلة من قبل قوات الاحتلال أثناء نقل المصابين خلال المداهمات التي يتعرض لها مخيم بلاطة في ظل منع سيارات الإسعاف من دخول المكان.
وشكل درويش وفريقه مجموعة إسعاف ميدانية لتخفيف المخاطر التي تصيب الناس، بسبب الاقتحامات المتتالية للمخيم وصعوبة وصول الإسعافات إلى الإصابات داخله. قتلت القوات الإسرائيلية في أبريل الماضي المسعف محمد القريوتي خلال مواجهات بين فلسطينيين وإسرائيليين شهدتها بلدة الساوية في الضفة الغربية.
ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في إحصائية نشرتها أن منظمة الصحة العالمية وثقت 340 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية والمسعفين في الضفة الغربية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر الماضي.
الأقطش وفريقه يؤكدون على أهمية مواصلة العمل الإنساني والطبي في ظل الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة، مؤكدين أن الأمل والقوة التي يمنحها العمل التطوعي تساعدهم على مواجهة الصعاب والتمسك بالأمل في مستقبل أفضل.
المصدر: النجاح الإخباري +وكالة أنباء العالم العربي