غزة - النجاح الإخباري - قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفجير أماكن عديدة مشهورة ومعروفة على مختلف مُدن ومُخيمات وأحياء قطاع غزة، خلال حربه بعد السابع من أكتوبر، الأمر الذي تعمد به هذا الاحتلال كوسيلة لتحقيق أهدافه السياسية والنفسية، وليس فقط كأعمال تخريب عشوائي، بل هو استهداف بشكل مباشر للهوية الثقافية والتاريخية للمجتمع الغزي.
وتعمد الاحتلال إلى تدمير هذه المعالم والأماكن في قطاع غزة بشكل مستهدف. حيث يُعتبر هذا النوع من التخريب جزءًا من استراتيجية الحرب النفسية والهجمات على الهوية الثقافية والذاكرة الجماعية للمجتمع.
معالم دمرها الاحتلال
ومن أشهر المعالم التي قام الاحتلال بتدميرها في هذه الحرب مسجد السيد هاشم، والذي يقع في حي الدرج بمدينة غزة، وينسب اسمه إلى هاشم بن عبد مناف جد الرسول محمد “ص”. كان مسجدًا معروفًا وتعرض للقصف الإسرائيلي.
وأيضاً مسجد العمري الكبير، وهو أحد أهم وأقدم المساجد في فلسطين التاريخية. يقع في وسط غزة القديمة ويحتوي على مكتبة تحتوي على مخطوطات قديمة.
بالإضافة إلى كنيسة الروم الأرثوذكس التي تعد أقدم الكنائس في غزة، وبُنيت في القرن الخامس الميلادي. تضم قبر القديس برفيريوس الذي توفي عام 4201، والمقبرة الرومانية التي تم العثور عليها في شمال غزة وتعود لعصر الرومان والتي تم تنقيبها العام الماضي، وايضاً متحف رفح الذي يعد مكانًا لدارسي التاريخ والتراث في غزة، وتعرض للدمار، وغيرها العديد من المعالم والاماكن التي ترمز لتاريخ وحضارة قطاع غزة، كقصر الباشا وحمام السمرا وسوق الزاوية وسوق الذهب والمجلس التشريعي ومركز رشاد الشوا وغيرها.
نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، علقوا على هذا الموضوع، وكتب سالم الريس على صفحته بفيسبوك: إنه "خلال تسعة أشهر من الحرب الإسرائيلية على مختلف مُدن ومُخيمات وأحياء قطاع غزة، كان مُلاحظ تفجير جيش الاحتلال لأماكن مشهورة ومعروفة وتعمد تخريبها، مثلاً دوار مُحدد ومشهور خاصة تلك التي يتوسطها مجسمات عسكرية، أو مؤسسة ثقافية أو رسمية قديمة من عهود سابقة، ملامح المخيمات وأزقتها، والمتنزهات العامة والكثير من الأمثلة".
وأضاف الريس، "كنت وما زلت أستغرب وصف بعض الغزيين -بعضهم صحفيين إعلاميين- أنّ هكذا أعمال هي لمجرد التخريب بدون هدف، أو كما يصفها البعض "إفلاس جيش الاحتلال" أي أنه لا يجد الأهداف فيخترعها دون سبب أو هدف"، مشيراً إلى أنه يرى بأن جيش الاحتلال لا يتصرف في الغالب كـ "فشة خلق" ، بل ضمن إطار عملية مُنظمة غوغائية هدفها ضرب وتدمير الذاكرة الفردية الغزية، وكأنه يقول للعامة "سأمحي ذكرياتكم، سأدمرها، سأقلب حياتكم راسًا على عقب الآن ومستقبلاً"، لذلك أراها عملية منظمة بالشكل العام، غوغائية في الفعل على أرض الواقع. كما كتب الريس
أما عزيز المصري فعلّق قائلاً " هذا ما يطلق عليه سياسة اغتيال معالم المدينة واغتيال الذاكرة، فإن أول ما قصف الاحتلال قام بقصف قصر الباشا وحمام السمرا والجامع العمري وسوق الذهب، وبعدها سوق الزاوية وسوق فراس أسواق شعبية مرتبطة بتاريخ المدينة، ثم دائرة المخطوطات التي تضم أندر المخطوطات التاريخية تؤرخ لتاريخ غزة من القرن 16 للقرن 20 مع ارشيف البلدية أخطر ارشيف تاريخي لمعالم المدينة، وقام بتجريف منطقة الجندي المجهول باعتبارها رمز وسط المدينة التجاري مثل منطقة طلعت حرب في القاهرة أو الحمرا في بيروت، ثم بدأ بأقدم أبراج غزة في منطقة الرمال ومحيطها".
آثار التدمير
إن تخريب المواقع الثقافية والمعالم الشهيرة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المجتمع والأفراد في غزة، وذلك من خلال الهوية الثقافية والذاكرة الجماعية، حيث أن تدمير المعالم الثقافية يؤدي إلى فقدان جزء من الهوية الثقافية للمجتمع. يعتبر هذا النوع من التخريب هجومًا على الذاكرة الجماعية والتراث الثقافي للأجيال المتعاقبة.
بالإضافة إلى الآثار الصحة النفسية والعاطفية، يمكن أن يسبب تدمير المعالم الثقافية شعورًا بالحزن والفقدان للأفراد، قد يعاني الناس من الاكتئاب والقلق نتيجة لرؤية مكان مألوف يتعرض للتدمير.
ناهيك عن الآثار الاقتصادية والتنمية لهذا الأمر والذي قد يؤثر على الاقتصاد المحلي، حيث يؤدي تدمير المعالم السياحية والثقافية إلى تراجع السياحة والاستثمار، مما يؤثر على فرص العمل والتنمية، بالإضافة إلى تأثير هذه العملية على المؤسسات الثقافية على البحث العلمي والتعليم. فقد يتعذر على الطلاب والباحثين الوصول إلى الموارد والمعلومات الموجودة في هذه المؤسسات.
إمكانية الإصلاح
وحول إمكانية إصلاح هذه المباني في المستقبل أو بعد الحرب، فإنه من الصعب التنبؤ بهذا الأمر في ظل استمرارية الحرب، ولكن هناك بعض النقاط التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار وهي.
التدمير البنيوي: فقد يكون التدمير البنيوي للمباني والمعالم الثقافية صعبًا للغاية في الإصلاح. يعتمد ذلك على مدى تلف البنية والأضرار الناجمة عن القصف.
التمويل والموارد: إصلاح المباني يتطلب تخصيص موارد مالية وبشرية. قد يكون من الصعب توفير هذه الموارد في ظل الظروف الحالية.
الاستقرار السياسي: الاستقرار السياسي يلعب دورًا مهمًا في إمكانية إصلاح المباني. إذا كان هناك تصاعد للنزاعات أو تدهور في الأوضاع الأمنية، فإن الإصلاح قد يكون أكثر صعوبة.
الإرادة السياسية: يجب أن يكون هناك إرادة سياسية للحفاظ على التراث الثقافي وإصلاح المباني. إذا كانت السلطات المعنية ملتزمة بذلك، فقد يكون هناك أمل في الإصلاح.