النجاح الإخباري - خاص النجاح الإخباري
في ظل استمرار الحرب في غزة، تبرز لبنان كجبهة محتملة جديدة قد تفتح أبوابها على صراع آخر، فالمناوشات أدت إلى إخلاء أكثر من 100 ألف إسرائيلي ومقتل وإصابات العشرات في مستوطنات الشمال، كما أن مدى القصف يتوسع والحرائق بدت وكأنها تلتهم المستوطنات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، ومع ذلك، يعتقد بعض المراقبين أن هذا قد يكون مجرد بداية للمواجهة، خصوصاً في حال توقفت الحرب على قطاع غزة.
يأتي ذلك فيما تتواصل الحرب على قطاع غزة وسط خلافات داخلية إسرائيلية، على الرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر تأييدًا للحرب، فإن الكثيرين يعتقدون أن نتنياهو يطيل أمد القتال لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.
دوافع التصعيد في لبنان
المبرر الأساسي لسيناريو التصعيد ضد للبنان هو أن إسرائيل، بعد وقف الحرب على غزة، قد تجد الدافع للقيام بعملية مماثلة في لبنان للسماح بعودة عشرات الآلاف من السكان الذين تم إجلاؤهم من الشمال.
فمن غير المرجح أن يقبل الإسرائيليون العودة للمستوطنات في الشمال وجنود حزب الله يقفون على الحدود، حيث أصبح لدى المستوطنين "فوبيا" من تكرار أحداث السابع من أكتوبر.
-ويقول أندريا تينينتي، المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أن تبادل إطلاق النار المستمر منذ ثمانية أشهر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية هو التحدي الأساسي الذي تواجهه قوات اليونيفيل العاملة هناك، مشددا على أن اليونيفيل تبذل قصارى جهدها لخفض التوتر في هذه المنطقة، كما أعرب عن استعداد اليونيفيل لتنفيذ أي حل يتوصل إليه المجتمع الدولي بموافقة الأطراف المعنية.
تحديات أمام التصعيد
ومع ذلك، قد تعرقل عدة عوامل هذا التوقع. الأول والأكثر وضوحًا هو أن القتال في غزة لم ينته بعد، ولا يبدو أنه قريب من النهاية.
ونقلت القناة 13 عن ساسة إسرائيليين قولهم إن فتح جبهة لبنان في الوقت الراهن قد يؤدي إلى زعزعة القتال في غزة.
التحفظات الأمريكية والإقليمية
من غير المرجح أن تدعم الولايات المتحدة توسيع رقعة الحرب لتشمل لبنان، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة.
ورغم التحفظات الأمريكية، قد لا تعارض واشنطن تصعيدًا محدودًا على طول الحدود اللبنانية بهدف جعل حزب الله أكثر مرونة في المفاوضات بشأن ترتيبات أمنية جديدة مع إسرائيل.
وهذا السيناريو يبدو محتملاً جزئيًا
وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان له إنه يشعر "بقلق متزايد إزاء تصاعد التوترات عبر الخط الأزرق، والتدمير المتزايد والتهجير القسري للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية-اللبنانية".
والخط الأزرق هو الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى في 2000. ولا يعتبر الخط الأزرق حدوداً دولية لكنه رُسم بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.
وعندما زار المبعوث الأمريكي أموس هوكشتاين بيروت قبل عدة أشهر، أُبلغ بأن حزب الله لن يناقش أي شيء حتى تنتهي الحرب في غزة.
وقد وافق هوكشتاين على هذا الشرط، مدركًا أن تحقيقه سيسمح لإسرائيل بنقل قواتها إلى الحدود اللبنانية، مما يزيد من النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في تحديد واقع جديد في المنطقة.
رؤية استراتيجية مشتركة
إذا كان هذا هو التفكير الأمريكي، فإنه يشير إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تفضلان في النهاية المفاوضات على حرب شاملة.
الهدف، وفقًا للاقتراحات الأمريكية والفرنسية، هو انسحاب وحدات حزب الله النخبوية من الحدود، على الرغم من أن هذا الانسحاب قد لا يصل إلى نهر الليطاني كما هو محدد في قرار مجلس الأمن 1701 الذي أنهى حرب لبنان عام 2006؛ ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود؛ ومنح حرية أكبر لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان؛ وإنهاء التحليق الجوي الإسرائيلي؛ وترسيم الأجزاء المتنازع عليها من الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ردود حزب الله المحتملة
من المرجح أن يرفض حزب الله علنًا عددًا من هذه الشروط. ومع ذلك، قد يحسب الحزب أن بإمكانه التلاعب بعدة شروط لصالحه.
على سبيل المثال، لن يمنع الجيش اللبناني الشباب الشيعة من دخول القرى الحدودية التي ينحدرون منها.
وهذا يعني أن الحزب، في مقابل تنازلات تجميلية تؤدي إلى الهدوء على الحدود (الهدوء الذي يرغب فيه الحزب)، سيحتفظ بطريقة لإعادة نشر أعضائه سرًا في المناطق الحدودية.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو من الخطأ الجزم بعدم حدوث حرب في لبنان. فالأوضاع في الشرق الأوسط قد تتدهور في أي لحظة بسبب حسابات خاطئة أو تصعيد غير متوقع.
ومع ذلك، فإن العوامل التي تعرقل نشوب صراع شامل لا تقل قوة عن تلك التي تدفع باتجاهه.
في الختام تعيش المنطقة حالة من التعقيد والاستقرار الهش، وأي خطأ في الحسابات يمكن أن يؤدي إلى تفجر صراع شامل.