النجاح الإخباري - لا تزال أخبار الشهداء الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي تتوالى، وسط روايات عديدة عن تعرض الأسرى للتعذيب "والموت البطيء" من خلال اتباع إجراءات تعسفية لاإنسانية.
أحدث هذه الأنباء كان نبأ وفاة الطبيب الشهير عدنان البرش، رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء الذي اعتقلته قوات الاحتلال في ديسمبر كانون الأول الماضي خلال وجوده في مستشفى العودة هو ومجموعة من الأطباء.
وقالت هيئة الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني يوم الخميس الماضي في بيان مشترك إن البرش (50 عاما) توفي في سجن عوفر يوم 19 أبريل نيسان، وإن جثمانه ما زال محتجزا لدى سلطات الاحتلال.
وأشار البيان كذلك إلى وفاة معتقل ثان هو إسماعيل خضر (33 عاما)، وقال إن سلطات السجون سلمت جثمانه يوم الخميس الماضي.
* إخفاء قسري
بحسب الإحصاءات الفلسطينية الرسمية، فإن عدد حالات الشهداء بين الأسرى منذ عام 1967 بلغ 254 بينهم 18 تُوفوا بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.
ويقول الفلسطينيون إن الاحتلال يتعمد إخفاء هويات غالبية الأسرى من غزة. ولا تتوفر لدى هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير أي معلومات عن أعداد أسرى غزة أو أسمائهم أو أماكن وجودهم.
وأوردت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية في تقرير نشرته في مارس آذار الماضي أن 27 فلسطينيا من غزة توفوا خلال احتجازهم منذ اندلاع الحرب بالقطاع، مشيرة إلى أن هذه الفئة من الأسرى يتم احتجازها في منشآت عسكرية.
وجاء بالتقرير أن المحتجزين قضوا نحبهم في سجن سديه تيمان قرب بئر السبع أو قاعدة عناتوت في القدس أو في أثناء التحقيق معهم داخل إسرائيل، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال لم يقدم تفاصيل عن ظروف الوفاة.
غير أن التقرير قال إن بعضهم كان يعاني ظروفا صحية سابقة أو أصيب خلال الحرب.
* تجاهل الأوضاع الصحية
رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله زغاري، اتهم إسرائيل بالعمل على "تصفية الأسرى وقتلهم قتلا بطيئا" إما من خلال التعذيب أو اتباع إجراءات بالغة القسوة، وقال إن هذا الأمر زادت وتيرته بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وأضاف في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن إسرائيل وبتعليمات من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير "تُمعن في تعذيب الأسرى والتضييق عليهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة"، وأن الأمر أشد قسوة مع الأسرى المعتقلين من غزة.
ومضى قائلا إن جيش الاحتلال اعتقل منذ بدء الحرب آلاف الفلسطينيين من غزة، مضيفا "لا نعرف عددهم بالتحديد ولا أماكن احتجازهم؛ لكننا رصدنا حتى اللحظة استشهاد خمسة منهم أبرزهم كان الطبيب عدنان البرش الذي اعتُقل من أحد مستشفيات غزة".
وتابع "الشهداء الأربعة الآخرون هم أحمد قديح، وماجد زقول، وإسماعيل خضر، إضافة لشهيد آخر لم يُعرف اسمه حتى اللحظة، وهو من العمال الذين اعتُقلوا داخل إسرائيل في أكتوبر".
واستطرد "هناك عشرات من غزة استشهدوا تحت التعذيب بالسجون الإسرائيلية، وربما يكون الاحتلال قد سلم جثامينهم للجهات المختصة بغزة دون تسليم أسمائهم في إطار سياسة الإخفاء القسري".
وواصل حديثه قائلا إن تعمُّد إسرائيل تجاهل الأوضاع الصحية للأسرى وخاصة المرضى منهم تسبب "بكوارث صحية لهم، وقد يؤدي إلى استشهاد العشرات منهم". وطالب بتدخل دولي عاجل لإنقاذ حياتهم.
وفيما يلي بعض أبرز حالات الوفيات بين الأسرى الفلسطينيين:
- الدكتور عدنان البرش
أشاع الإعلان عن وفاة البرش في أحد سجون إسرائيل حالة حزن عميقة زادت من أحزان الفلسطينيين، واعتبرت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير وفاته "عملية اغتيال متعمدة". وطالبت وزارة الصحة في غزة بفتح تحقيق فوري وعاجل في وفاته.
وبحسب الطبيب الفلسطيني خالد حمودة، والذي كان معتقلا وأُفرج عنه قبل بضعة أشهر، فإنه رافق البرش في أحد سجون النقب لعدة أيام في ديسمبر كانون الأول الماضي، وأكد أن البرش كان يتلقى معاملة بالغة السوء.
وقال حمودة لوكالة أنباء العالم العربي "في أحد أيام شهر ديسمبر الماضي ومع ساعات الفجر، وصل الدكتور البرش لأحد المعتقلات الإسرائيلية، وكانت عليه آثار تعذيب شديد في مختلف أنحاء جسده، إضافة لحرمانه من الطعام".
وأضاف أنه ساعد الطبيب بالجلوس وقدم له الغطاء والطعام، وأن البرش أكل كسرات من الخبز خلسة تجنبا للعقاب لأنه كان ممنوعا من الأكل، ولأن الفجر من الأوقات التي لا يُسمح فيها للأسرى بتناول الطعام.
وتابع "آثار التعذيب كانت واضحة جدا على جسده، وظل طول الفترة مقيد اليدين ومعصوب العينين بقطعة قماش. مكث البرش يومين فقط معي، ثم وصلت قوة عسكرية خاصة ونقلته إلى مكان مجهول".
وأكد حمودة أن السلطات الإسرائيلية تعمدت تعذيب البرش "بشكل وحشي وتصفيته"، وإنه تعرض "لألوان من العذاب أدت في النهاية لاستشهاده"، ووصف الأمر بأنه "جريمة ضد الإنسانية".
- وليد دقة
قبل ذلك، تم الإعلان في الثامن من أبريل نيسان الماضي عن وفاة الأسير وليد دقة بينما كان يقضي عامه الأخير من حكم بالسجن 39 عاما، وذلك بعد مضاعفات لحقت به جراء إصابته بالسرطان والالتهاب الرئوي.
كان دقة يُلقب برجل الكهف، وتوفي عن 62 عاما بعدما قضى أكثر من ثلثي عمره رهن الاعتقال. وهو الأسير رقم 251 الذي يستشهد داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967.
ويرى الفلسطينيون أنه أحد أبرز ضحايا الإهمال الطبي المتعمد بين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ففي أغسطس آب الماضي، رفضت محكمة إسرائيلية الإفراج المبكر عنه، ورفضت أيضا طلبا من الاتحاد العام للكُتّاب والأدباء الفلسطينيين في مارس آذار 2023 بضرورة الإفراج الفوري عنه لحالته الصحية.
- خضر عدنان
يُعتبر الأسير الإداري خضر عدنان قائد ما يُطلق عليه الفلسطينيون "معارك الأمعاء الخاوية"، في إشارة إلى حالات الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأُعلنت وفاته فجر الثاني من مايو أيار من العام الماضي بعد إضراب عن الطعام استمر 87 يوما احتجاجا على اعتقاله الإداري. وقالت مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي حينها إنه عُثر عليه فاقدا الوعي داخل زنزانته بسجن نيتسان.
ينتمي عدنان لحركة الجهاد الإسلامي، وخاض ستة إضرابات شهيرة عن الطعام.
- ناصر أبو حميد
يُعتبر ناصر أبو حميد، القيادي في حركة فتح، من أبرز الأسرى الذين عانوا الإهمال الطبي بسجون الاحتلال. واستشهد في ديسمبر كانون الأول عام 2022.
أصيب أبو حميد بالسرطان، وعاش رحلة ألم خاصة مع عدم تقديم العلاج اللازم له. ورفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه لأسباب صحية وإنسانية على الرغم من تدهور وضعه الصحي منذ عام 2021.
أبو حميد كان محكوما عليه بالسجن المؤبد سبع مرات و50 عاما، وكان اعتقاله الأول قبل الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 حيث أمضى أربعة أشهر. وأعيد اعتقاله مجددا وحُكم عليه بالسجن عامين ونصف العام، ثم أُفرج عنه، ثم اعتُقل بعد ذلك أكثر من مرة.