النجاح الإخباري - لم تكن الخوذات والدروع التي تحمل كلمة "صحافة"، والتي يرتديها الصحفيون حول العالم لتظهر هويتهم، كافية لحمايتهم في الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول، بل تم استهدافهم بشكل مباشر، لتقتل إسرائيل 141 صحفيا حتى اليوم، ويصبح قطاع غزة، بحسب الأمم المتحدة، أخطر مكان لعمل الصحفيين في العالم.

وإذا كان حال الصحفين في قطاع غزة لا يختلف كثيرا عن حال مليوني فلسطيني يعانون محنة الحرب بكل تداعياتها، إلا أن معاناتهم تتضاعف مع حرصهم على أداء رسالتهم من جهة وخوفهم على أطفالهم وعائلاتهم من جهة أخرى.

الصحفي علم الدين صادق وصف ما تعرض له من ضغوط وانتهاكات من قبل الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب قائلا "بدأت العمل في مجمع ناصر الطبي وتعرضنا للكثير من الضغوط والانتهاكات. البداية كانت عندما تلقيت اتصالا من الدفاع المدني، ليخبروني أن منزلي في خان يونس تم استهدافه، ورغم ذلك اكملت عملي".

وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "نزحت عائلتي من خان يونس إلى رفح، كما تعرض أطفالي للعديد من الأمراض ورغم ذلك لا زالت أمارس عملي".

ووصف علم الدين عملية النزوح من خان يونس إلى رفح بأنها "رحلة الموت" نظرًا للمخاطر والصعوبات التي تعرضوا لها، فعند تغطيته للانسحاب الإسرائيلي من خان يونس تم قصف منزل بالقرب منه ما شكل خطرًا على حياته حينها.

وأكد الصحفي علم الدين على أنه مستمر بالقيام بواجبه الصحفي وطالب الأمم المتحدة بمحاسبة الجيش الإسرائيلي الذي استهدف حتى الآن أكثر من 140 صحفيا في قطاع غزة.

أما الصحفي محمد إسماعيل فتحدث عن استهدافهم كصحفيين خلال أدائهم لعملهم في الميدان.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "نفتقد الكثير من الزملاء والأصدقاء الذين فقدناهم خلال الحرب، والصحفي الفلسطيني هو هدف مباشر للجيش الإسرائيلي، خاصة وأنه ينقل الصورة الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي ومعاناة المواطنين.

وأضاف إسماعيل "تعرضت للاستهداف مرتين خلال القيام بعملي ، المرة الأولى كنت برفقة مجموعة من الصحفيين وتم استهداف المنزل الذي كنا بداخله ما أدى لإصابتي بجروح طفيفة، وقبل أسبوع تم استهداف المنزل الذي تواجدت بداخله في خان يونس وتم إخراجنا بعد يومين من تحت الركام". 

وتابع "الصحفي  الفلسطيني أصبح هدفًا للاحتلال الإسرائيلي، الذي يريد طمس الحقيقة لكن سنستمر بتقديم الرسالة وأداء عملنا لإظهار الحقيقة للعالم كوننا شعب تحت احتلال".

* ثمن باهظ

نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر قال إن الصحفيين وعائلاتهم دفعوا ثمنا باهظا خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ نحو 7 أشهر.

وأضاف "تخطى عدد الشهداء الصحفيين 140 تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة".

وشدد على أن عدد الضحايا من الصحفيين خلال الحرب على قطاع غزة هي الأكبر عبر التاريخ، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي يحاول إخفاء الحقيقة من خلال استهدافه المتعمد للصحفيين وعائلاتهم.

وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "هناك 33 صحفيا استشهدت عائلاتهم، و70 صحفيا من الجرحى، و100 حالة اعتقال تمت بحق الصحفيين، وما زال 40 منهم معتقلون، و4 منهم في عداد المفقودين فيما تم تدمير 77 منزلا لصحفين ودمر كذلك 86 مكتبًا إعلاميًا".

وتابع "هناك 4 صحفيين من غزة يتعرضون للإخفاء القسري من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وهم نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد ومحمود زياد عليوة ومحمد صابر عرب".

وفي بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق الثالث من مايو من كل عام، أعلن عن مقتل 141 صحفياً وإعلامياً، وإصابة أكثر من 70 آخرين جراء القصف الإسرائيلي.

وأعرب المكتب عن إدانته للجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق الصحفيين في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، محملاً إسرائيل والولايات المتحدة كامل المسؤولية عن جرائمها ضد الصحفيين والإعلاميين وقتلهم وإبادتهم.

* الصحفيون الأجانب

ولم يكن الصحفيون الأجانب بمأمن من الاستهدافات الإسرائيلية حيث قتلت إسرائيل مصور وكالة رويترز عصام عبد الله في لبنان في 13 أكتوبر تشرين الأول الماضي بإطلاق قذيفتين من عيار 120 مليمترا على مجموعة من "الصحفيين يمكن التعرف عليهم بوضوح"ما يشكل انتهاكًا للقانون الدولي.

وقال التحقيق الذي أجرته قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان"يونيفيل" إن أفرادها لم يسجلوا أي تبادل لإطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان لأكثر من 40 دقيقة قبل أن تفتح دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا النار، على مجموعة من الصحفيين خلال تأديتهم عملهم.

وبحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة عام 2023، الذي أجرته منظمة مراسلون بلا حدود"، جاءت فلسطين في المرتبة 156 من أصل 180، وذكرت المنظمة أن الصحافة في قطاع غزة مُهددة بفعل الهجمات العسكرية الإسرائيلية وسياسات حركة "حماس" قبل الحرب، وكذلك في الضفة الغربية، يشكو الصحفيون من انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى جانب مضايقات من السلطة.

وفي تقرير يُسّلط الضوء على الوضع في غزة، أدان الاتحاد الدولي للصحفيين الاستهدافات الإسرائيلية للعاملين في الحقل الصحفي في الأراضي الفلسطينية.

وتناول التقرير القيود التي تفرضها إسرائيل على المراسلين، مشيراً إلى أنه منذ أن منعت الحكومة الإسرائيلية الوصول إلى قطاع غزة في 7 أكتوبر، أصبحت مهمة نقل الأخبار تقع على عاتق الصحفيين الفلسطينيين المقيمين في القطاع، وإلى حد محدود للغاية، طواقم الإعلام الدولية المرافقة للجيش الإسرائيلي في ظل ظروف خاضعة للرقابة.

ودعا الاتحاد إسرائيل عدة مرات إلى السماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة، والتوقف عن إعاقة عملهم وحق الجمهور في حرية التعبير، مؤكداً أن "إطالة أمد الحظر على الدخول إلى القطاع يحرم العالم من الصورة الحقيقية للأحداث في غزة، وينتهك عمداً حرية الصحافة.

ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين في اليوم العالمي لحرية الصحافة،  إسرائيل إلى التوقف عن استهداف الصحفيين وانتهاك حرية الصحافة، وهي أفعال لا تتناسب مع الديمقراطية.