منال الزعبي - النجاح الإخباري - الصحافة في فلسطين ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة وشهادة يرويها اليوم الرفيقان في الحياة والعمل أحمد وحازم، وحَّدهما العمل الصّحفي، وجمعهما مركز إعلام النجاح، صحفيان حرّان مخلصان، حازم الناصر "أبو عماد" صاحب العين الشاهدة على أحداث فلسطين، ترصد كاميرته اعتداءات الاحتلال وعدوانه، هو ابن الميدان وعين الحقيقة، وأحمد موقدي، المصور والمخرج الفذّ صاحب الأفلام القصيرة المعبرة، اليوم يسطّران قصَّة تجسد معاناة الصحافة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال والظلم.

 حازم الذي هبّ لتغطية عدوان الاحتلال الأخير على مخيم جنين، اتّخذ زاويته مرتديًّا زيّه الصحفي ودرعه الواقي إلا من غدر الاحتلال، يرصد تناثر أشلاء الشهداء والجرحى، لترصده عين قناص وجد لرصاصته مستقرًا في الخاصرة، في إصابة مباشرة نقل إثرها إلى مستشفى النجاح.

خبر وصل سريًعا وفي بث حي ومباشر، فكانت نبضات قلب رفيقه أحمد موقدي أسرع؛ خوفًا وهلعًا على حياة رفيق الدرب الذي أوصاه بمكالمة هاتفية: "دير بالك أبو شريك".

 دون تفكير أسرع أحمد للاطمئنان على رفيقه وتوثيق إصابته، حمل قلبه وكاميرته وهرع إلى المستشفى يفكر في حازم وابنه الطفل عماد، وذكريات العمل الصحفي المشترك، يزوره ويؤدي واجبه الإنساني والوطني، فيشاء القدر أن يوحّد بين الصديقين من جديد، في حادثة صادمة حوّلته من متضامن مع مصاب إلى شريك حقيقي في المعاناة والألم، رصاصة طائشة ضلت طريقها وأخطأت وجهتها لتستقر في جسد أحمد، ليشاطر زميله حازم واقعًا جديدًا، ويرقد إلى جانبه على سرير الشفاء.

طفلته شادن ابنة العامين رفيقة والدها، التي تبادرت لذهنه فور إصابته طالبًا رؤيتها ليتشبث بالحياة، داخلا عناية الله قبل أن يدخل العناية المكثَّفة.

الآن، يرقد الزميلان في غرفة واحدة في المستشفى، ينظران إلى بعضهما بابتسامة مليئة بالأمل، يتشاركان الألم والصبر، يحلمان بالشفاء والعودة إلى حياتهما الطبيعية، وإلى عملهما الذي يعشقانه، يرويان لبعضهما قصصًا عن تجاربهما في الصحافة والإعلام، يضحكان من بعض المواقف الطريفة التي مرا بها، ويبكيان من بعض المشاهد المؤلمة التي شهداها، هما يؤمنان بأن عملهما رسالة نبيلة وخالدة، وبأنَّ حق الإعلام في نقل الحقائق دون خوف أو رضوخ هو حق مقدس، لا يُعطى في فلسطين بسهولة، فالصحفيون هنا يواجهون كل أشكال العنف والتضييق والتهديد من قبل قوات الاحتلال ومستوطنينه، في العام الماضي فقط، تعرَّض 295 صحفيًا فلسطينيًا لاعتداءات مختلفة، اعتداءات صادرت روح شيرين أبو عاقلة، وأفقدت معاذ عمارنة عينه، وغيرهما الكثير.

هذه الاعتداءات لم تثنِ الصحفيين عن مواصلة عملهم ومهمتهم في نقل الواقع الفلسطيني للعالم، اليوم يقف الجسم الصحفي متكاملًا متضامنًا ضد رصاص الاحتلال الغادر ورصاص المستهترين الطائش، جسد واحد لن يقوى عليه الرصاص يتضامن ويتكاتف مع المصابين والمعتقلين يطالب العالم أجمع بحماية الصحفيين من كل أشكال الانتهاكات والجرائم.