نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - لا تقف الإعاقة عقبة في طريق النجاح فالشاب أحمد شولي من بلدة عصيرة الشمالية تجاوزها ليخلق لنفسه حياة خاصة عبر مشروع أغنام، سعت له أمه التي تخلت عن عملها بالتمريض لتحتضنه وترعاه.

رغم معاناتها، أرادت أم أحمد شولي أن تعوضه عن كل ما فقد، وعن تفاصيل قصته تحدثت لـ"النجاح الإخباري": "ولد أحمد طفلا طبيعيا، لكنه عانى من التهاب حاد في الأذن تسبب بتلف عصبي أفقده السمع والنطق، لتبدأ رحلة معاناة واجهت بها الواقع بالتحدي".

وأضافت أن أحمد كان طفلا ذكيا يفهم ويتجاوب مع أفراد أسرته، إلا أن التنمر مصير حتمي على كل ذي إعاقة، دخل أحمد روضة أطفال كغيره وكانت أمه الرفيق الدائم، حتى تخلت تماما عن مهنتها بالتمريض لترعاه وتصنع مستقبله.

روت أم أحمد معاناة أبنها في رحلة البحث عن عمل حين أصبح شابا بكامل قواه الجسدية والعقلية، فرفض أن يكون ضمن العاطلين عن العمل، إلا أن الأمر لم يخل من الاستغلال، حيث ساعات عمل طويلة بالإضافة إلى تشغيله بالتنظيف، ما كان يثير غضبه.

واصلت الأم سعيها حثيثا حتى فتحت لها الأبواب، فكان مشروع الأغنام الذي أصبح سببا لسعادة أحمد واستمتاعه بالإضافة لرأس مال يقيه الحاجة ويكف عنه البطالة.

وجاء مشروع الأغنام ضمن مجموعة مشاريع وفرتها البلدية بالتشبيك مع مؤسسات وجمعيات لدعم وتأهيل ذوي الإعاقة عن طريق منح أهاليهم مشاريع باسمهم، بالتنسيق مع مشاريع تأهيل ذوي الإعاقة والتي استقطبتها بلدية عصيرة تهدف لمساواة ذوي الإعاقة بغيرهم من فئات المجتمع ودمجهم معهم بل وخلق فرص عمل تقيهم الحاجة.

ومن اللحظة الأولى التي دخلت بها أغنام أحمد حظيرته دخل معها الفرح، أصبحت شغله الشاغل، ومصدر متعته يقضي بينها ساعات طوال يرعاها ويخدمها، فتدر عليه خيراتها حليبا ولبنا وجبنة ولحوما.

وعن تعلق أحمد بخرافه روت أمه حكايته مع خروفه الأسود: "ولدته أمه وماتت، فحزن أحمد حزنا كبيرا، ومن وقتها أصبح يهتم بكل صغيرة وكبيرة تعنيه كأنه أمه، يسخن له الحليب ويعطيه إياها بالرضاعة، ينظفه، ويلعب معه، يخبيه داخل قميصه، ولا يسمح لأحد أن يراه بتاتا" ، وعللت السبب بأن أحمد يخاف على خرافه من الحسد، فلونه الأسود الداكن المميز ونعومة صوفه وصغر حجمه، تثير عاطفة أحمد.

وأوضحت الأم أن أحمد يتابع مصاريف أغنامه وعائداتها بكل ثقة وسرور، وقد فتح حسابا خاصا به في البنك، مشيرة إلى ارتياحها الآن واطمئنانها على مستقبله، وأنه يعي تماما ما يفعل، كما أن لديه الكثير من الصدقاء في محيطه.

وحول إمكانية الخسارة قالت أم أحمد: "المخاطرة كبيرة قد تتعرض الأغنام للوفاة وقد تمرض، تحتاج عناية ورعاية كبيرتين، وهذه مهمة احمد التي نسنده بها.

وأوضحت أنهم يحاولون خفض تكاليف الإنتاج من خلال إطعام الأغنام برعايتها في البراري لتقليل استهلاك الأعلاف العضوية، مع الاستعانة  بطبيب بيطري يأتي كل مدة لفحص الأغنام صحياً.

الإعاقة السمعية والبصرية لأحمد وإصابته بالعشى الليلي والسكري كل هذه الظروف لم تمنعه من الوقوف بصلابة على طريق الاستقلال الذاتي وشق طريقه نحو مستقبل آمن.  

شرح أحمد بطريقته الخاصة والتي ترجمتها أمه، بأنه سعيد جدا بهذا المشروع، ويشكر كل من دعمه وسانده، وأن أمه أحب الناس لقلبه، أما طموحه فأن تتكاثر أغنامه ويزيد عددها وانتاجها ويتطور مشروعه وتزيد أغنامه التي يعيش معها بجو من الهدوء يعطيها الاهتمام فتعطيه خيرها في مشهد يعكس رسالة كل ذي إعاقة "لي مكان بينكم فدعوني أعيش".