نابلس - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري -  يتوجَّه الشاب أحمد حميد إلى أحد المكتبات القديمة في مدينة غزة، ليس من أجل الجلوس هناك وقراءة الكتب كبقية المرتادين، بل للبحث عن شيء آخر وهو الكتب  القديمة التي عفا عليها الزمن .

ينتقي ما يحتاجه منها، ويدفع المقابل المادي لصحاب المكتبة، ويهرع بها إلى البيت حيث يجلس على كرسيه وطاولته التي حفظ تفاصيل زواياها، ينفض تلك الكتب بيده ليزيل عنها الغبار، يلتقط المسطرة والقلم، ومن ثُم يبدأ بالتخطيط وطيّ الصفحات الواحدة تلو الأخرى، ليحصل بالنهاية على شكل هندسي مميز، يدهش كلَّ من يراه.

هذا الفن الذي يبدع به حميد هو فن قادم من شرق أسيا، يطلق عليه اسم فن (الأوريجامي ) وهو فن ياباني يعتمد على ثني الورق ليصبح الكتاب تحفة ورمزًا تعبيريًا .

حميد البالغ من العمر( 29 عامًا)، يقطن بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، لم يكمل تعليمه الدراسي، فأصرَّ على أن يتميز عن غيره بموهبته الفنية الجديدة، يسرد تفاصيل بدايته مع هذا الفن قائلا: "قبل عام كنت أتصفح موقع انستغرام وشاهدت كتاب مطوي بكلمة ( love) لشخص من اليابان" .

 وتابع حميد لـ "النجاح" : "نالت تلك الفكرة إعجابي وحاولت تطبيقها بإصرار، قمت بالتواصل مع الشخص الياباني الذي قام بنشر الصورة، تحدّثت معه من خلال ترجمة "جوجل " وبعد مرور أيام على تواصلنا والحديث عن هذا الفن، عرضت عليه أول عملٍ لي فحفّزني على المواصلة، وقدَّم لي بعض الإرشادات حول الفن" .

 وبيَّن حميد أنَّه نشر أوَّل أعماله على صفحاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي فنالت إعجاب الكثيرين من متابعيه كونها غير مألوفة في القطاع، ما حفّزه  لإنتاج المزيد منه .

 ونوَّه حميد إلى أنَّه وبعد نشره لأعماله قام العديد من متابعيه بالتواصل معه بغرض رسم أسمائهم على تلك الكتب بمقابل مادي، فتحوّلت الموهبة لمورد رزق، سعر الكتاب بعد الطي يتراوح من (50- 100 شيكل).

 وعن الصعوبات التي واجهته، أوضح حميد أنَّ اختيار الكتب المطلوبة لهذا الفن ليس هيّنًا فهو يعتمد على الكتب المكتوبة بلغة غير العربية، إضافة إلى وجود صعوبة بتوصيل الطلبات للزبائن خارج قطاع غزَّة بفعل القيود المفروضة على المعابر وإغلاقها بشكل مستمر .

وأوضح حميد أنَّ الوقت المستغرق لطي الكتاب الواحد حتى يصبح جاهزًا بشكل نهائي يحتاج منه ما يقارب الست ساعات. ويطمح لإنشاء معرضه الفني الأوَّل الخاص بفن (الاوريجامي) داخل قطاع غزَّة والمشاركة في معارض دولية، إضافة إلى حثّ الفنانين للاتجاه إلى هذا الفن غير الموجود بغزة ، مطالبًا بوجود جهة رسمية تتبنى هذا الفن وتدعمه.

ويذكر أنَّه بسبب التطور التكنولوجي، فإنَّ العديد من الكتب فقدت قراءها بعزوفهم عن شرائها وأصبحت حبيسة الرفوف، فأصبحوا يتجهون للقراءة الإلكترونية بدلًا من الورقية .

 وفي الفترة الأخيرة، اتّجه العديد من الفنانين في غزة لأتخاذ الأعمال الفنية التي يبدعون بها كمورد رزق لهم وذلك نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها في ظلِّ عدم توفر فرص العمل وانتشار البطالة بشكل كبير.