غزة - أسامة الكحلوت - النجاح الإخباري - لا تخلو مستشفيات قطاع غزة يومياً من زيارة المصابين الذين بترت أطرافهم السفلية أو تعرضوا لكسور خلال مشاركتهم في مسيرات العودة السلمية على طول السياج الفاصل، يوم الجمعة من كل من كل اسبوع، والتي انطلقت منتصف مارس الماضي.

علاج مكثف يحتاجه الجرحى، فالرصاصة الواحدة تكون متفجرة، فتصيب المشاركين في العظام بشكل مباشر، وتؤدي الى مضاعفات في الشرايين والاوردة، مما يشكل خطراً على حياتهم.
فأصبح عدد كبير من المصابين يبحث عن بصيص أمل في علاجه من أجل استعادة صحته، أو الحفاظ على ما تبقى من أطرافه السفلية، فتقدَّم المستشفى ما لديها من إمكانيات للجرحى، ويضطر عدد كبير منهم للمراجعة اسبوعياً في مؤسسة أطباء بلا حدود، والتي تهتم بمتابعة وعلاج الجرحى والمصابين، وخاصة ممكن لديهم مضاعفات في أطرافهم السفلية.
محمد الشعافي أحد المصابين برصاصة متفجرة في الأطراف السفلية، وهو من المشاركين في المسيرات شرق البريج منذ بدايتها، وأصيب في المرحلة الأولى بطلق نار أسفل القدم، والثانية كانت القاضية.

يعاني الشعافي من الإهتمام في علاجه، رغم مناشداته لأجل السفر للعلاج في الخارج للمحافظة على ساقه التي حاول الأطباء استجماع عظامها المهشمة نتيجة الرصاص المتفجر بـ"بلاتين"، دون جدوى، بل فقد الإحساس بساقه.

ويقول:" إصابتي صعبة.. هكذا وصفها الأطباء، وأعاني من تهتك شديد في العظام، ولا يوجد لدي إحساس بقدمي، وأنا متزوج وأب لطفلين، وهناك تقصير من الأطباء، ووضعي المادي صعب جداً، وإنفصلت عن زوجتي وقد يتم حبسي في أي لحظة لعدم مقدرتي على دفع النفقة، وأنا غير قادر على العمل حالياً نتيجة إصابتي".
وفي السياق، لاحظ استشاري جراحة العظام في المستشفى الاوروبي د. جمال أبو هلال، أن غالبية الاصابات تكون في أماكن حساسة وفي محيط المفصل، وهذا يؤدي الى تكسر في العظام، وبعد إجراء عمليات معقدة للمصابين يكون لديهم إعاقة في حركة المفصل وخشونة.

وأكد انه مهما بلغ العلم من تطور، إلا انه يكون هناك جزء من الاعاقة بعد العملية، وفي أحسن الحالات تكون الإعاقة بنسبة 20 بالمائة، وخصيصاً للمستهدفين في محيط المفاصل.
وأضاف:" كثير من الحالات تكون إصابتها في الأعصاب، ونعمل لها ترميم للأعصاب، وتصل النتائج من  80-90%، ولكن العصب لا يعود لطبيعته".
وعلق أبو هلال على اتهام بعض المصابين للأطباء بالتقصير قائلاً: "غاية الناس لا تدرك، بعض الحالات تحتاج تنظيف في اليوم الاول، وثم انتظار 72 ساعة لإجراء باقي العمليات، وهذا أمر لا يفهمه الناس ويتهمونا بالتقصير، ولكن هذا بروتوكول حقيقي للعمل".

ولفت الى أن غرف العمليات لا تعمل حسب مزاج الطبيب، لأن المستشفى مجهز بـثماني غرف للعمليات، ولكن هناك جدول للعمليات الطارئة، وتم إيقاف العمليات المجدولة من أجل تقديم كافة الخدمات للجرحى.
واستذكر أبو هلال حديث كبير المستشارين في بريطانيا الذي زار غزة مؤخراً وشارك في إجراء عمليات للجرحى حينما قال:" تعجز دول على التعامل مع هذه الحالات الكبيرة التي يتم التعامل معها بسرعة في مستشفيات القطاع، ولكن هناك حالات وكسور معقدة تحتاج مدة علاج طويلة".

ومن أكثر المواقف المؤثرة التي شاهدها أبو هلال قال:" يوم نقل السفارة الامريكية للقدس وصلتنا حالات بشكل كبير وإصابات رهيبة، كنا نعمل في كافة غرف العمليات، وباقي المصابين كانوا ينزفون أمام غرف العمليات بإنتظار دورهم للدخول، وكان هذا موقف مؤثر فالمريض يناشد وليس بإمكاننا عمل شئ لأن جميع غرف العمليات مشغولة بحالات طارئة".
الى ذلك، قال المدير الطبي في مستشفى الاقصى د اياد الجبري، أن الكثير من المعدات تنقص أطباء العظام لإكمال علاج الجرحى في مسيرات العودة، ولكن رغم ذلك يبذل الأطباء جهودًا كبيرة لإنقاذ حياة الجرحى والمحافظة على أطرافهم.

ومن المعدات التي قال عنها الجبري، أدوات خاصة بتثبيت العظام مثل العظم الصناعي الذي يساعد في نمو العظام وتغطية الفجوات التي يحدثها الرصاص الاسرائيلي.
وأضاف: "هناك أيضاً نواقص شديد في مثبت العظم سواء الخارجي او الداخلي للأطراف السفلية، إضافة الى نواقص لتوصيل الاوردة والشرايين، ما يؤدي لبتر الأطراف السفلية أو العلوية".
وتحدَّث الجبري عن جهاز التصوير الإشعاعي غير المتوفر في المستشفى ولفترة طويلة، كما يعاني من عطل في جهاز يعتبر العين التي يتم من خلاله توجيه الأطباء في تثبيت العظام، وقد عمل الأطباء خلال الفترة الماضية بدون هذه العين، وفي بعض الأحيان يؤدي الى فشل بعض العمليات،  الطواقم الطبية نجحت في التعامل مع الحالات والأصابات في مسيرات العودة لكن وجود هذه اللوازم الطبية والأجهزة من الضروريات.