وكالات - النجاح الإخباري - تقف مفاوضات الهدنة عند مفترق طرق، حيث تواصل إسرائيل «المماطلة» في تنفيذ المرحلة الثانية، إضافة إلى رفض تسليم الأسرى الفلسطينيين، وفق مراقبين، وسط تصاعد الحديث عن «صفقة تبادل شاملة» من الطرفين، مشروطة من «حماس» بضمانات منع العودة إلى التصعيد.

يتزامن ذلك مع أحاديث أميركية وإسرائيلية عن أهمية تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تنتهي خلال أيام. ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن مقترح «حماس» بـ«صفقة شاملة»، قد يكون حلاً لو كان رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، جاداً في إنهاء الحرب، مرجحين أن يكون التمديد هو الحل الأقرب حالياً، وأن يكون سيناريو «الصفقة الشاملة» مطروحاً في مراحل أخرى متقدمة من أي مفاوضات.

وبموجب وساطة تقودها القاهرة والدوحة وواشنطن أُبرم اتفاق هدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، يشمل 3 مراحل، مدة كل منها 42 يوماً، وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» بشأن المرحلة الثانية في 3 فبراير (شباط)، في حين تنتهي المرحلة الأولى بعد قرابة أسبوع، وسط عدم اتفاق على بدء المرحلة الثانية أو التغلب على أزمات تسليم الرهائن والأسرى.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الثلاثاء، عن القيادي البارز بـ«حماس» موسى أبو مرزوق، قوله إن الحركة منفتحة أيضاً على إطلاق سراح جميع الرهائن في الوقت نفسه، إذا كانت إسرائيل راغبة في إطلاق سراح الآلاف من الفلسطينيين في سجونها، وإنهاء الحرب، والانسحاب من غزة، وذكر: «نحن مستعدون لإبرام صفقة شاملة».

الحديث يكرر ما ذكره رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة ورئيس الوفد المفاوض خليل الحية، قبل نحو أسبوع، بشأن جاهزية الحركة لإنجاز صفقة تبادل أسرى للمرحلة الثانية مرة واحدة، شريطة الوقف التام لإطلاق النار والوصول إلى الهدوء المستدام، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وضرورة تحصين كل ذلك بضمانات دولية ملزمة.

يأتي ذلك بينما يرتقب وصول ستيف ويتكوف مبعوث ترمب للشرق الأوسط إلى إسرائيل، الأربعاء، في إطار جهود لـ«توسيع المرحلة الأولى» من اتفاق الهدنة، وفق ما نقلته قناة «الحرة» الأميركية، الاثنين، وسط حديث صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عن أن «إسرائيل تسعى إلى تمديد المرحلة الأولى عبر عمليات إفراج جزئية، تشمل إطلاق سراح عدد قليل من المختطفين الإسرائيليين مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين، على أمل الحفاظ على وقف إطلاق النار طوال شهر رمضان».

عضو مجلس الشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن رسائل «حماس»، ربما تكون حرباً نفسية مع إسرائيل لمزيد من زيادة ضغوط الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو، لافتاً إلى أن التمديد هو الأقرب من إتمام «الصفقة الشاملة»؛ لأن حكومة الأخير مهددة من خصومه حال ذهابه للمرحلة الثانية أو انسحب من القطاع.

وباعتقاد السفير الفلسطيني بركات الفرا، أن «الصفقة الشاملة» ستكون حلاً لأزمة التعثر الحالي والمتكرر بسبب عراقيل إسرائيل، مستدركاً: «لكن هناك مخاوف من أن تناور إسرائيل، وتعبِّر عن موافقتها وتحصل على الرهائن جميعاً دون أن تلتزم بشروط ذلك، وتعود للحرب، خصوصاً أن (حماس) تعرض ذلك وهي في موقف صعب وضعيف».

ولا يرى أن ضمانات الوسطاء ستكون قادرة على منع إسرائيل من أي اختراق للاتفاق، حال إتمام صفقة شاملة، ما دامت واشنطن لم تمارس ضغوطاً حقيقية على نتنياهو، متوقعاً أن يكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق هو الأقرب للتنفيذ من «الصفقة الشاملة»، التي ستكون مطروحةً في مراحل متقدمة من الصفقة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن نتنياهو ليس جاداً في استكمال الاتفاق، ويريد الحصول على رهائنه والبقاء في قواعد عسكرية، وربما يعتقل الأسرى الفلسطينيين مجدداً متى شاء، وبالتالي لا الصفقة الشاملة أو التمديد الذي يميل له سيكون حلاً لعدم إنقاذ الاتفاق ما دامت ليست هناك ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي للالتزام بأي اتفاق يُبرَم.

بينما لم يعلق الوسيطان المصري والقطري على مقترحَي الصفقة الشاملة أو تمديد المرحلة الأولى، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، ضرورة تنفيذ اتفاق هدنة غزة بمراحله المختلفة، ورفض اقتراحات تهجير الشعب الفلسطيني، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

ويأتي ذلك قبل نحو أسبوع من انعقاد «القمة العربية الطارئة» حول تطورات القضية الفلسطينية في 4 مارس (آذار) المقبل بالقاهرة، التي ستطرح خلالها ملفات عدة بشأن مستقبل القطاع، واتفاق الهدنة، والخطة البديلة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين.

ويرى أنور أن موقف مصر دائماً سيكون مع تنفيذ الأهداف العليا، وهي وقف العدوان وانسحاب إسرائيل من القطاع، وبذل كل الجهود لرفض التهجير، وتسهيل أي فرصة لإتمام جاد وحقيقي لاستكمال الهدنة، متوقعاً أن تكون هناك تفاهمات قريبة للمضي مجدداً في تنفيذ الاتفاق على أن يكون شهر رمضان المقبل في مارس مرحلةً انتقاليةً بين المرحلتين الأولى والثانية.

وباعتقاد الرقب، فإن رسائل مصر واضحة من استكمال الاتفاق ورفض التهجير، وستضغط لالتزام إسرائيل بالاتفاق بوصفه أقصر الطرق لتحقيق الاستقرار بالمنطقة، متوقعاً أن يضغط الوسطاء لعدم انهيار الاتفاق الذي يزداد يومياً، وسط مساعٍ إسرائيلية لتعزيز وضع اللاسلم واللاحرب، وتنفيذ اغتيالات واقتحامات للقطاع متى شاءت.

المصدر:الشرق الأوسط