النجاح الإخباري - قال مسؤول أممي رفيع المستوى إن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة يستمر في التدهور إلى مستويات لم تُر في التاريخ الحديث. وأكد أهمية إعادة الالتزام بعملية سياسية تنهي الاحتلال وتحقق حل الدولتين.

وأوضح نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط رامز الأكبروف أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسته الشهرية حول الحالة في الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء، إن غزة، بعد 22 شهرا من الحرب، تغرق بشكل أكبر في وضع كارثي مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين والنزوح الجماعي والآن: المجاعة.

وأضاف عبر دائرة تليفزيونية من القدس، أن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تواجه أيضا أزمة غير مسبوقة تتمثل في توسيع المستعمرات بلا هوادة والهدم وتصاعد العنف بما يقوض أي آفاق للسلام.

في اجتماع مجلس الأمن الدوري حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، قال الأكبروف إن الاختيار لم يكن أكثر وضوحا من الوقت الحالي: إما الاستمرار على المسار الحالي للصراع طويل الأمد بما يكرس الاحتلال، أو إعادة الالتزام بعملية سياسية تحل الصراع وتنهي الاحتلال وتحقق حل الدولتين.

وتحدث المسؤول الأممي عن تصاعد القصف العسكري الإسرائيلي بأنحاء غزة، إذ ضرب خيام النازحين والمدارس والمستشفيات والمباني السكنية. وقال إن استهداف الصحفيين مستمر، مشيرا إلى قتل أكثر من 240 صحفيا في غزة.

كما تحدث الأكبروف، الذي يتولى منصب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، عن زيارته الأخيرة إلى غزة وذهوله من نطاق الدمار والمعاناة. وقال إنه قابل عاملين في المجال الإنساني يخاطرون بحياتهم لتوصيل المساعدات بينما هم أنفسهم يعيشون في ظروف لا تُطاق.

وقال إن الأمم المتحدة وشركاءها يعملون بلا هوادة لمساعدة السكان في غزة، ولكن المخاطر الأمنية عالية للغاية وتدابير التكيف الحالية غير كافية على الإطلاق.

وأضاف أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، يواصل التدهور بشكل خطير، لتتقلص مساحة إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية بينما يتقدم بسرعة واقع الدولة الواحدة القائم على الاحتلال غير القانوني والعنف المستمر.

وبين أن أكثر من 32 ألف شخص من سكان ثلاثة مخيمات لا يزالون مشردين نتيجة تلك العمليات المستمرة. وشدد على ضرورة تمكنهم من العودة إلى ديارهم واستئناف الخدمات بما في ذلك المقدمة من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا).

وأضاف أن المطلوب الآن هو عمل جريء لحل الصراع وإنهاء الاحتلال وإعادة الأفق السياسي.

بدورها، أشارت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا إلى حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقعات اتساعها إلى دير البلح وخان يونس نهاية الشهر المقبل، وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.

وقالت: أكثر من نصف مليون شخص يواجهون حاليا الجوع الشديد والعوز والموت. بنهاية أيلول/سبتمبر قد يزيد العدد عن 640 ألفا. ونحو مليون شخص يواجهون المرحلة الرابعة الطارئة من تصنيف مراحل الأمن الغذائي، وأكثر من 390 ألفا في المرحلة الثالثة (الأزمة). لا يوجد أحد في غزة تقريبا لم يتأثر بالجوع.

وتابعت: على الأقل 132 ألف طفل تحت سن الخامسة من المتوقع أن يعانوا من سوء التغذية الحاد بين الآن وحتى منتصف العام المقبل. وعدد من يهددهم الموت، من بين هؤلاء الأطفال، زاد بثلاثة أضعاف ليصل إلى أكثر من 43 ألفا. أما العدد بالنسبة للحوامل والمرضعات، فيُتوقع أن يزداد من 17 ألفا إلى 55 ألفا.

وقالت مسويا إن المجاعة ليست ناجمة عن جفاف أو كارثة طبيعية، ولكنها كارثة تم خلقها نتيجة حرب أدت إلى قتل عدد هائل من المدنيين وإصابات وتدمير ونزوح جماعي.

وأشارت إلى زيادة دخول المساعدات إلى غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقالت إن الأمم المتحدة وشركاءها جلبوا، خلال هذه الفترة، 12 ألف طن متري على الأقل من دقيق القمح ودعموا 80 مطبخا يقدم 400 ألف وجبة يوميا، وجلبوا غذاء علاجيا لثلاثين ألف طفل يعانون من سوء التغذية يكفي لمدة شهر، وقدموا إمدادات طبية حيوية بما فيها وحدات الدم، وأوصلوا المياه النظيفة إلى أكثر من ألف موقع.

وأشارت إلى استئناف الإمدادات التجارية المحدودة مما ساهم في خفض أسعار السلع الأساسية التي ما زالت باهظة وبعيدة عن متناول الكثير من السكان.

ولكن المسؤولة الأممية قالت إن هذه التطورات المهمة لن تغير أو توقف مسار المجاعة. وأضافت: "لتلبية احتياجات 2.1 مليون جائع، نحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير. نحتاج إلى جلب وتوصيل كميات أكبر من المساعدة المنقذة للحياة، ونحتاج إلى رفع القيود على الإمدادات الأساسية، ونحتاج إلى إنهاء التأخير والرفض الذي يقوض عملنا كل يوم".

وقالت نائبة منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام التجويع كأسلوب في الحرب والهجمات على ضروريات بقاء السكان على قيد الحياة، مثل الغذاء والمياه والبنية الأساسية الزراعية.