(وكالة أنباء العالم العربي) - النجاح الإخباري - "حقي أن أتعلم، أين سفري".. كتب الطبيب الفلسطيني سليمان أبو مصطفى هذه العبارة على لافتة رفعها وهو يشارك في وقفة احتجاجية للمطالبة بسفر الطلبة العالقين في قطاع غزة لاستكمال دراساتهم الجامعية والعليا خارجه، بعدما أوصدت كل الأبواب أمامهم وحرموا من الالتحاق بجامعاتهم بسبب الحرب الإسرائيلية وتأثيرها على عمل معبر رفح مع مصر.

يسيطر اليأس على الطبيب البالغ من العمر 28 عاما، والذي لم يتمكن من الالتحاق بجامعته في كندا في أكتوبر تشرين الأول الماضي كما كان مقررا لاستكمال سنوات اختصاصه في الأمراض الجلدية والتجميل التي درس فيه سنته الأولى من أصل أربع، ليجد نفسه نازحا مع عائلته محروما من السفر عبر معبر رفح المخصص فقط لمغادرة الجرحى والمرضى وحملة جوازات السفر الأجنبية والمصرية وفئات عديدة ليس من بينها الطلبة.

يرفع سليمان صوته عاليا للمطالبة بمنحه وزملائه أولوية ضمن كشوفات السفر التي تغادر نحو مصر ومنها إلى دول أخرى، حتى لا تزداد أضراره المعنوية والمادية، خصوصا وأنه دفع نحو عشرة آلاف دولار من رسومه الجامعية وسيفقدها إذا لم يلتحق بالجامعة، فضلا عن تأخير مستقبله العلمي لسنة إضافية لم تكن بالحسبان.

يوضح سليمان أنه حضر إلى قطاع غزة لزيارة عائلته خلال الصيف كما اعتاد غالبية الطلبة الفلسطينيين بعد سنوات من الغربة وكان معبر رفح يعمل بصورة معتادة، حتى جاءت الحرب وتبدلت كل الظروف.

يقول بغضب "مستقبلي سيضيع وخططي العلمية والدراسية تتعثر أمامي ولا أستطيع فعل أي شيء، هذه الهموم لا تقل عن معاناتي في النزوح والفرار من قصف إلى آخر مع عائلتي المتوجعة جراء الحرب كبقية الغزيين".

وأضاف "بقينا صامتين طيلة الأشهر الخمسة الأخيرة على أمل أن يتحرك أي مسؤول لمعالجة أزمتنا وإيجاد حلول أو آلية لسفرنا لكن دون جدوى، ولم يكن أمامنا سوى رفع الصوت عاليا عبر هذه الوقفة الاحتجاجية".

ونظم طلبة قطاع غزة الدراسين في الجامعات العربية والأجنبية وقفة قبالة المستشفى الميداني الإماراتي في رفح بجنوب القطاع هذا الأسبوع للمطالبة بإدراج أسمائهم ضمن كشوفات السفر التي تغادر عبر معبر رفح إلى مصر ومنها إلى وجهات متعددة.

وحمل الطلبة لافتات عديدة تعكس حجم الأضرار التي تلحق بهم جراء استمرار حرمانهم من السفر، ومنها "مسيرتي التعليمية على المحك، انقذوا مستقبلي من الضياع، سفرنا أولوية وطنية"، بينما أظهروا تأشيرات دخولهم للبلدان التي ينتظرون السفر إليها.

وطالب الطالب الجامعي محمد الأسطل بإيجاد حل سريع وعاجل لأزمة حرمان الطلبة من السفر قبل فوات الأوان، ووصف استمرار بقائهم في غزة دون دراسة بأنها "حرب أخرى يضيع فيها المستقبل الدراسي ولا تقل ضررا عن الحرب الإسرائيلية".

ويتوقع الأسطل وجود مئات أو آلاف الطلبة المسجلين في جامعات عربية وأجنبية، أو يرغبون في استكمال دراساتهم وحالت ظروف الحرب دون التحاقهم أو تسجيلهم في مختلف التخصصات والمراحل الجامعية، قائلا إن المخاطر المحدقة بالتحرك والتنقل تحول دون تجمعهم أو تنظيم وقفات كبيرة لهم للتعبير عن حجم الأزمة التي يواجهونها.  

وقال الأسطل (19 عاما) الذي يدرس هندسة البرمجيات في جامعة كربوك التركية إن استمراره في غزة يعني ضياع مستقبله الجامعي وحتى إمكانية فقدان مقعده الدراسي، مشيرا إلى أن جامعات قطاع غزة كلها مدمرة ولا يمكن الالتحاق بها حاليا ومن المستبعد استئناف الدراسة فيها قريبا.

وأضاف "كل المعطيات تؤكد أن معالجة مشكلتنا تكمن في السماح بسفرنا عبر معبر رفح وفق آلية محددة ولو من خلال جدول زمني معلن بكل أسماء الطلبة، المهم فتح نافذة أمل بإمكانية معالجة المشكلة وأن يعرف كل طالب متى يمكن أن يسافر لترتيب أموره مع جامعته".

وتابع قائلا "لا نريد مزاحمة الفئات الأكثر حاجة، لكننا ضمن الفلسطينيين الذين يمثل لهم السفر أولوية قصوى، ويمكن إدخال أعداد منا للسفر عبر المعبر بشكل يومي حتى تعالج المشكلة شيئا فشيئا". 

من جانبه، اعتبر الطالب مؤمن أبو ركبة أن عدم سفره خلال هذه الفترة يمثل نهاية مشواره الجامعي في دراسة الحقوق بجامعة الحاج الأخضر في ولاية باتنة بالجزائر، لأن تأشيرة دخول الجزائر تنتهي بعد أقل من شهر ولا يعرف هل سيتمكن من استخراج أخرى أو لا.

وأوضح مؤمن (20 عاما) أنه عاد من الجزائر لزيارة عائلته ولم يكن يتوقع أن يحاصر داخل القطاع طيلة هذه الفترة، لافتا إلى أن استمرار الحرب دفعه وزملائه لتنظيم هذه الوقفة حتى يصل صوتهم للمسؤولين في فلسطين ومصر.

وقال "لدينا سلطة فلسطينية ووزارات وسفارات ولديها علاقات مع كل الدول ومع إسرائيل، يجب أن تتدخل بكل الطرق للسماح لنا بالسفر بأي وسيلة ومن أي معبر متاح، فليس من المعقول تركنا وحدنا لمواجهة مصيرنا دون أي تدخل أو مساعدة".

   طلبة فلسطينيون يرفعون لافتات في وقفة احتجاجية للمطالبة بالسماح لهم بمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح لاستكمال دراستهم الجامعية في الخارج (4 مارس آذار 2024)
 

   الطبيب الفلسطيني الشاب سليمان أبو مصطفى (28 عاما) يرفع لافتة تحمل عبارة "حقي أن أتعلم، أين سفري" خلال وقفة احتجاجية لطلبة فلسطينيين في قطاع غزة للمطالبة بالسماح لهم بمغادرة القطاع لاستكمال دراستهم في الخارج (4 مارس آذار 2024)