النجاح الإخباري - أعلن جيش الاحتلال عن بدء عملية عسكرية واسعة في حي الزيتون، أكبر أحياء مدينة غزة من حيث المساحة، في إطار خطة "الكابينيت" لإعادة احتلال القطاع تدريجياً.
ويقع حي الزيتون في قلب مدينة غزة، وسُمّي بهذا الاسم نسبة إلى كثرة أشجار الزيتون التي كانت تغطي أراضيه. ويعود تاريخه العمراني إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي حين توسع البناء خارج مركز المدينة، قبل أن يتضاعف عدد سكانه مع تدفق اللاجئين الفلسطينيين بعد نكبة عام 1948، ليصبح من أكثر مناطق غزة اكتظاظاً بالسكان.
على مدار العقود الماضية، شكّل الحي نقطة مقاومة بارزة ضد الاحتلال، حيث شهد مواجهات وعمليات فدائية، أبرزها في عام 2004 حين فجّر مقاومون ناقلة جند إسرائيلية. كما تعرض لاجتياحات متكررة بعد انسحاب الاحتلال من غزة عام 2005، ولعمليات تدمير واسعة في حروب 2008-2009 و2014، من بينها مجزرة عائلة السموني التي شكّلت واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة في القطاع.
ومع اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبح حي الزيتون مجدداً محوراً للتوغلات العسكرية، حيث حاولت قوات الاحتلال السيطرة على أطرافه الشرقية والجنوبية، مستخدمة القصف المكثف وعمليات التهجير القسري.
حصيلة الدمار والنزوح
بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، دمّرت قوات الاحتلال خلال ستة أيام فقط منذ 11 أغسطس/ آب الجاري نحو 400 منزل في حي الزيتون عبر تفجيرها بروبوتات مفخخة وقصفها بالطائرات الحربية. وأوضح المرصد أن الجيش الإسرائيلي "يقوم بتسوية الحي بالأرض" ضمن خطة لإحكام السيطرة على مدينة غزة وتهجير سكانها مع النازحين إليها من شمال القطاع، والذين يقدَّر عددهم بمليون نسمة، نحو مناطق محاصرة في الجنوب.
الهجوم أجبر أكثر من 90 ألف مواطن على النزوح تحت القصف الكثيف، فيما حوصرت المربعات السكنية بطائرات مسيّرة من نوع "كوادكوبتر" لإجبار السكان على المغادرة. وأكد المرصد أن تدمير المنازل لم يبرَّر بأي ضرورة عسكرية، حيث لم تُسجَّل اشتباكات في المنطقة، ما يثبت أن الغاية هي التهجير القسري واستهداف مقومات الحياة الفلسطينية.
العملية العسكرية الأخيرة تأتي بعد مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت" على خطة إعادة احتلال غزة تدريجياً بدءاً من مدينة غزة، في ظل دعم أمريكي متواصل. ويرى المرصد أن ما يجري في حي الزيتون يندرج ضمن سياسة إسرائيلية منهجية تهدف إلى استكمال جريمة الإبادة الجماعية ومحو المدن الفلسطينية عبر التدمير الشامل للبنية التحتية ومقومات الحياة الأساسية.
دعوات دولية متجددة
المرصد الأورومتوسطي دعا المجتمع الدولي ومؤسسات القانون الدولي إلى التدخل العاجل لوقف المجازر وضمان حماية المدنيين، وتنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق قادة الاحتلال وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو. وحذّر من أن استكمال إسرائيل لعملياتها العسكرية قد يقود إلى مذابح جماعية غير مسبوقة بحق سكان غزة، الذين يعيشون أصلاً كارثة إنسانية مروعة خلّفت حتى الآن أكثر من 61 ألف شهيد و155 ألف مصاب، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.