النجاح الإخباري -  

توغلت دبابات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الإثنين، في الأحياء الجنوبية والشرقية من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في خطوة ميدانية هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان على القطاع، وسط مخاوف إسرائيلية بشأن وجود أسرى داخل تلك المناطق، وتصاعد التحذيرات الأممية من كارثة إنسانية وشيكة.

وقالت مصادر إسرائيلية إن الجيش يعتقد بوجود عدد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء في تلك المنطقة، وهو ما قد يفسر إحجامه السابق عن اقتحامها، مضيفة أن نحو 20 من بين 50 أسيرًا قد يكونون على قيد الحياة.

ويأتي التوغل الإسرائيلي بالتزامن مع تصاعد القصف الجوي والمدفعي الذي طال منازل ومساجد، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين، وفق إفادات طبية من داخل القطاع.

في غضون ذلك، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن ما لا يقل عن 130 فلسطينيًا استشهدوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وأكثر من ألف آخرين أُصيبوا، في واحدة من أكثر الأيام دموية خلال الأسابيع الأخيرة.

الأمم المتحدة ومنظمة الصحة تدينان استهداف منشآتهما

من جهته، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن منشآت أممية في دير البلح تعرضت للقصف رغم إبلاغ الأطراف المتحاربة بمواقعها مسبقًا، مشددًا على ضرورة احترام حرمة المقرات المدنية والإنسانية، وعلى رأسها مباني الأمم المتحدة.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن مقريّ إقامة موظفيها ومستودعها الرئيسي في دير البلح تعرضوا للاستهداف ثلاث مرات خلال يوم واحد، في حين أعلن مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن قوات الاحتلال اعتقلت اثنين من موظفي المنظمة إلى جانب اثنين من أفراد عائلاتهم، قبل أن تفرج عن ثلاثة منهم وتُبقي على موظف واحد قيد الاعتقال.

تصعيد في خان يونس واغتيال مدير مستشفيات ميدانية

وفي خان يونس، استشهد خمسة فلسطينيين، بينهم أسرة كاملة مكونة من أب وأم وطفليهما، في قصف استهدف خيمة تأويهم. كما أقدمت وحدة خاصة إسرائيلية على اعتقال الدكتور مروان الهمص، مدير مستشفيات غزة الميدانية، في عملية أسفرت عن استشهاد صحفي محلي وإصابة آخر أمام منشأة تابعة للصليب الأحمر.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها بدأت بعلاج المصابين، معربة عن قلقها البالغ بشأن سلامة المنشأة وطواقمها.

أزمة إنسانية حادة وجوع يهدد الأرواح

حذرت وزارة الصحة في غزة من حدوث "وفيات جماعية" خلال الأيام القادمة، في ظل النقص الحاد بالوقود والغذاء والدواء. وأشارت إلى أن الجوع أودى بحياة ما لا يقل عن 19 شخصًا منذ يوم السبت.

وصرح دوجاريك أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عبّر عن "استيائه من التدهور المتسارع للأوضاع"، محذرًا من انهيار آخر شريان يبقي السكان على قيد الحياة.

وقالت وكالة الأونروا إن موظفيها يطلقون نداءات استغاثة بسبب المجاعة، مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بمقدار 40 ضعفًا، ما يجعل الوصول إليها مستحيلًا لغالبية السكان.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة استشهاد 67 فلسطينيًا خلال انتظارهم مساعدات غذائية قرب شاحنات تابعة للأمم المتحدة، بعد يوم من استشهاد 36 آخرين في ظروف مشابهة. فيما زعم جيش الاحتلال أنه أطلق أعيرة تحذيرية نحو "تهديد وشيك"، وقلل من أعداد الشهداء.

توتر مفاوضات التهدئة وضغوط دولية

التصعيد الميداني والارتفاع الكبير في أعداد الشهداء والجوعى ألقى بظلاله على محادثات وقف إطلاق النار، التي تُجرى بوساطة قطرية ومصرية، وبدعم أمريكي. وقال مصدر في حركة حماس لوكالة رويترز إن تصاعد الاستهداف الإنساني قد يعرقل بشدة فرص التوصل إلى هدنة مدتها 60 يومًا تشمل صفقة تبادل أسرى.

وفي ظل المجازر المتكررة، دعت أكثر من 20 دولة، بينها بريطانيا، إلى وقف فوري للحرب، منتقدة أداء حكومة الاحتلال في إيصال المساعدات. إلا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت البيان واعتبرته "منفصلًا عن الواقع".

وبحسب وزارة الصحة في غزة، تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023 حاجز الـ59 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، فيما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قاسية، وسط تدهور شامل في كل مقومات الحياة.