وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - ككل الشعوب الإسلامية يحتفل الشعب الفلسطيني في ارض الوطن وفي جميع أماكن تواجده، بعيد الفطر المجيد غدا او بعد غد.
لا يوقفه عن الاحتفال الهجمة الاحتلالية المسعورة ضده بشكل عام وضد اماكنه المقدسة بشكل خاص ومركز. بل يمكن القول بثقة ان هذه الهجمة، والى جانب تصديه البطولي لها، تزيده إصرارا على الاحتفال بالعيد بكل شعائره ومظاهره ومآدبه وحلوياته وملابسه وزياراته، وكل زيناته ومباهجه.
يحصل ذلك بالترافق والتوافق التام والشامل مع تواصل إصرار شعبنا على التصدي للهجمة  العدوانية الصهيونية الشرسة.
خصوصا وان هذه الهجمة العدوانية تتميز هذه السنة بشكل خاص بأهدافها النوعية والمتصاعدة بشكل لافت ضد المسجد الأقصى بالدرجة الأولى وكنيسة القيامة، وضد كل مدينة القدس بشكل عام.
هذا الشكل من الاحتفال بالعيد، يمتد ليعم ويسود كل مناطق الوطن الفلسطيني ويشمل في تعبيراته ومظاهره الاحتفالية كل اهل الوطن على اختلاف اديانهم مع تفاوتات محدودة لا تخرج عن الجوهر والاساس المشترك لكل الأديان السماوية.
لقد كرس شعبنا هذا الشكل من الاحتفال على مدار سنوات الاحتلال - وما قبلها- ولكل الأديان.لا فرق بين إسلامي ومسيحي. ففي كل عيد لأي دين تتقارب الشعائر والمظاهر وتسود المشاركة من الجميع وإن بأشكال وتعبيرات على درجة قليلة من الاختلاف.
وأقرب الأمثلة على ذلك ترافق احتفال المسيحيين ب «سبت النور» في هذا العام مع احتفال المسلمين بالعشر الأواخر من رمضان، ومشاركة الكل الوطني في الاحتفالين.
 لكن وفي كل الاحتفالات ولكل الأديان يبقى العامل المشترك الأكثر عمقاً ووضوحاً، هو عامل النضال الوطني والتصدي المشترك ضد الاحتلال ومضايقاته واعتداءاته بقواه العسكرية والأمنية ضد الوطن وكل اهله وكل مقدساته وفي كل مدنه.
لا فرق في ذلك بين المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والمسجد الابراهيمي.
 عبر السنوات الطويلة من التصدي للاحتلال الصهيوني، كرس الفلسطينيون في مسار نضالهم الوطني، معادلة راسخة تقوم على الجمع بين النضال اليومي المستمر والمتواصل بأشكاله وتعبيراته المتنوعة، وبين التمسك بالهوية الوطنية بكل خصائصها وتعبيراتها، ومعها وفي مقدمتها التفاؤل بالنصر ودحر الاحتلال واستعادة الوطن.
ويقوم كل ذلك على قاعدة راسخة لا تهتز او تلين من الأمل الواثق بالنصر النهائي والأكيد، وعلى أساس المعادلة المذكورة.
والى جانب ذلك وبالترافق مع نضالهم اليومي بكل أشكاله ووسائله المتعددة، يتمسك اهل الوطن جاهدين بأن يعيشوا حياتهم بشكل أقرب ما يمكن إلى الطبيعي، ويحيون معها مناسباتهم على اختلاف طبيعتها، ويقيمون أفراحهم أيضاً.
ولم يعد يثير الاستغراب او التساؤل ان تسمع الأهازيج والأغاني الوطنية تغنى في الأفراح والاحتفالات، ولا يثير التساؤل رفعها والهتاف بها أيضا في جنازات الشهداء وفي سرادق او تجمعات عزائهم.
فالفلسطيني يبدأ يوم العيد وبعد أداء الصلاة بزيارة المقبرة لتحية أحباء له رحلوا وليجدد العهد على مواصلة الحياة بعزة وكرامة وفرح رغم المآسي والعذابات التي يعاني منها يومياً. ومن هناك ينتقل ليؤدي واجب التراحم والتعاضد والتكافل.
وصلة الرحم عنده لا تقف عند الأقارب، فقد نشأ في مجتمعنا ومن رحم المعاناة صلات وعلاقات قد تكون أحياناً اقوى من القربى، فعائلات الشهداء وعائلات الأسرى تربطهم أواصر قوية قائمة على وحدة الحال وتشابه التجربة ومشاعر الألم والحزن المشترك، وعلى الشعور بالحيرة والغصة عندما يحاولون الإجابة على سيل الأسئلة البريئة التي يطرحها ابن الشهيد او الشهيدة او الأسير او الأسيرة.
فطوبى لشعب ينتصر على آلامه ويتعالى على جراحه ويتحدى محتله بنجاحه في إدخال البهجة في نفوس أطفاله، شعب يحلم بالحياة فيستحق الحياة.
ويبقى عيدنا الأهم هو يوم عودتنا، وهو قادم لا محالة.
وكل عام والوطن وكل اهله بخير وسعادة.