نابلس - نغم اسماعيل - النجاح الإخباري - كان واضحاً منذ البداية أن فيروس كورونا آتى ليغير الكثير في حياتنا ويقلبها رأسا على عقب، ويخلق تقويماً تاريخياً جديداً "ما قبل وما بعد الكورونا"، وكان منطقياً أن تتضاعف مسؤوليتنا وجهدنا كعاملين في مجال الصحافة، وذلك لتغطية الأحداث وإيصال المعلومة بشفافية وتوعية المواطنين في ظل أزمة كورونا، لكن لم يكن من المتوقع أبداً أن تتحول منازلنا لإستوديوهاتٍ نُطل منها على المشاهدين، بحلقة تلفزيونية كاملة مع عدة ضيوف ايضا من منازلهم، وليس برسالةٍ إخبارية سريعة ومقتضبة.

واليوم بعد مرور 14 يوماً على تقديمي برنامج هوانا الوطن عبر شاشة فضائية النجاح مباشرةً من داخل المنزل، استطيع الحديث عن التجربة، حيث أذكر كيف بدأ الأمر بمبادرة من مدير مركز الإعلام في جامعة النجاح الوطنية المهندس غازي مرتجى لتنفيذ هذه الفكرة،  والذي أثبت في كل أزمة بفضل إدارته الحكيمة أننا قادرون على جعل اي محنة منحة جديدة للتميز والإبداع وأننا نستطيع تجاوز الأزمات بجهود الطاقم وتعاونه، وأنه لا خيار أمامنا إلا استغلال الإمكانيات للتكيف والتأقلم مع الوضع الراهن، فمنذ إعلان حالة الطوارئ عمل مركز الإعلام على وضع خطة مدروسة تحاكي عدة سيناريوهات متوقعة في البلاد، تضمن استمرارية عملنا الإعلامي والمهنية، وتحافظ على صحة الجميع وتقي من المخاطرة باحتمالية الإصابة بفيروس كورونا، جراء الخروج الاضطراري من المنزل لمواصلة العمل، رغم حصولنا على تصاريح للتنقل.

فضلاً عن أن المغزى الحقيقي للرسالة، هو مشاركة المواطنين اجواء المنزل وتوعيتهم بأهمية البقاء داخل المنازل، وتحفيزهم للالتزام والبحث عن خيارات واقتراحات متوفرة من خلال شبكة الإنترنت تساعدهم في قضاء وقت ممتع ومفيد.

وقبيل التجربة أبدينا استعدادنا وحماسنا، لكن الواقع لم يكن بهذه السهولة، وفجأةً وجدتُ نفسي مذيعةً ومهندسةً للإضاءة والصوت، ومسؤولة عن أدق التفاصيل التقنية والفنية المتعلقة ببث الحلقة، وتحول الشعور بالجدية أثناء التقديم من داخل استوديو الفضائية، الى شعورٍ بالتوتر خوفاً من حدوث أي خلل فني كانقطاع التيار الكهربائي او الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك الهاجس المرتبط بشكل الإطلالة عبر كاميرا الجهاز الشخصي "السيلفي"، مقارنةً بكاميرات الفضائية عالية الدقة.

وقد اعتدت ان اتلقى ملاحظاتٍ من والدتي على إطلالتي من خلال رسالة قصيرة، والأن اصبحت الملاحظة وجاهية من خلال تعابيرها وهمساتها الخافتة.

وحتى اليوم لا زلت أشعر في بعض اللحظات بغرابة الموقف، فقد كنت أطل كضيفة على المشاهدين عبر الشاشة الفضية، واليوم بتقديمي للحلقات من داخل المنزل، أصبح جمهور المشاهدين ضيوفاً علينا، نحاول أن نقدم لهم أفضل ما لدينا من مواضيع ومعلومات بإيجابية وتفاؤل.