د.دلال عريقات - النجاح الإخباري - الجامعة العربية الأمريكية

أختار المرأة لمقالي اليوم حيث طالبني العديد من القُراء بالكتابة بشؤون أخرى غير السياسة، وبما أننا نحتفل في الثامن من آذار بيوم المرأة العالمي وتحتفل بلاد الشرق بيوم الأم في الواحد والعشرين من شهر آذار وننهي الشهر بيوم الأرض، أود الحديث عن فخري بالمرأة الفلسطينية وبدورها بدعم وتمكين الصمود على هذه الأرض، لقد حققت المرأة الفلسطينية تقدماً وبكفاءة عالية في الجوانب التعليمية والصحية والفنية والعلمية والهندسية وتميزت في قطاع الأعمال والريادة. سياسياً، لا أنكر أن المرأة الفلسطينية وصلت لبعض المناصب العُليا سواء على مستوى الحزب أو على مستوى السلطة التنفيذية أو القضائية أو التمثيل البرلماني الذي دعمته 'الكوتا النسائية'. الكل يتغنى بالمرأة، فهي الإبنة وهي الزوجة وهي الأم التي أنجبت الرِّجَال! إلا أن السقف الزجاجي يواجه المرأة في فلسطين كما في كل أنحاء العالم!

في شهر آذار، شهر المرأة والأرض، أودّ لفت الانتباه بأن قانون الأحوال المدنية المتعلق بالزواج منذ العهد العثماني كان يجبر الزوجة على تغيير اسم عائلتها لاسم عائلة زوجها مُباشرة بعد عقد القران. الان، بعد الزواج، يحق للمرأة حسب القانون الفلسطيني، الاحتفاظ باسم عائلة أبيها، بعد أن تم تعديل مادة قانون الأحوال المدنية 99/2 بموجب قانون 2008-3 المادة الخامسة فقرة "1" والذي صدر بتاريخ 10/4/2008. التغيير الذي يطرأ الآن على بطاقة هوية الزوجة تماماً كما للزوج هو فقط تغيير الحالة الاجتماعية من عزباء/أعزب إلى متزوجة/متزوج وإضافة اسم الزوج/ة الى ملحق الهوية.

بالرغم من تعديل القانون، غالبية من النساء ما زالت تُغير الاسم! السبب الذي يدفع الرجال وهم كثر في مجتمعنا لإخفاء أسماء زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم ابتداءً من إخفاء اسمها عن بطاقة دعوة الزفاف إلى تشجيعها لتحويل اسم عائلة الأب لاسم عائلة الزوج، يعود لعدم التفكير بالموضوع والابتعاد عن المنطق، فما يحكم هؤلاء هو التقاليد وحب السيطرة وبعدهم عّن العقلانية والأهم بالنتيجة هو التبعية، ولا بد من التذكير الْيَوْم أن قانون الأحوال المدنية الفلسطيني يضمن للمرأة الحق بالإحتفاظ باسم عائلة أبيها.

أقترح هنا على وزارة شؤون المرأة ومراكز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي والمنظمات غير الحكومية الكثيرة التي تعمل من أجل المرأة أن تتابع الموضوع من خلال دمج الرجال في برامجها لضرورة زيادة الوعي لدى الذكور وتشجيعهم على احترام وتقدير وحب المرأة أينما كانت خارج المطبخ. وأنا واثقة أن الرجل الفلسطيني لديه كل الإمكانيات الذهنية والعاطفية لتقبل الموضوع وتطبيقه، الموضوع يحتاج للتفكير والنقاش. أدعو الْيَوْم كل رجل للتفكير بابنته التي يحبها ويدللها ويتشارك معها أرقى وأجمل صور الحب والدلال، لماذا يقبل الأب أو تقبل الابنة بسيناريو تغيير اسمها عن الهوية بعد الزواج؟ الموضوع يبقى خيار وحق شخصي لكل امرأة فهناك سيدات لكي لا أظلم الرجال تسعى لتغيير اسم العائلة لأسباب مادية أو اجتماعية أو غيرها. ما أودّ قوله الْيَوْم، علينا ألا نأخذ بمُسلمات الأمور، حتى تغيير الاسم على صفحات التواصل الاجتماعي، البعض يظن أن هذا شكل من أشكال التحضر والتمغرب أو الحب، ألا يعكس هذا الإجراء شيء من التبعية؟

في هذه المناسبة تمر بمخيلتي مجموعة من السيدات الفلسطينيات المُبدعات؛ الفنانة ريم البنّا التي لم تخجل من أنوثتها بدون شعر، لا بل تحدت السرطان وصمدت وجعلت جيلاً من الصبايا الفلسطينيات أكثر نضجاً لمعنى المرأة الحقيقي وانعكاس جمالها بقوتها وعزيمتها وإصرارها، ولا أنسى الفدائية والدبلوماسية والمعلمة والشاعرة والكاتبة والمهندسة والسباحة والرسامة والفارسة والمصورة والطبيبة والأم والشهيدة والأسيرة.

نعم، هي القوية، هي الذكية، هي صاحبة الإرادة، هذه هي المرأة الفلسطينية التي اعرفها. شهر سعيد للمرأة وللرجل الذي يحترم، يحب ويدعم المرأة وهم كُثر من حولي.

عن القدس الفلسطينية