الدكتور أحمد جميل عزم - النجاح الإخباري - أدى مكوث الرئيس محمود عباس، لأيام، في المستشفى في رام الله، إلى زيادة الاهتمام بمسألة مستقبل النظام السياسي الفلسطيني، هذا فضلاً عن تبعات انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، نهاية نيسان 2018، وتشكيل المجلس المركزي، موسع الصلاحيات. وهذا ما دفع قيادات في حركة "فتح"، للحديث عن سيناريوهات جديدة لمستقبل النظام السياسي الفلسطيني، ودعا حركة "حماس" لإطلاق تصريحات تتشبث فيها برؤيتها لسيناريوهات شغور موقع رئيس السلطة الفلسطينية، والواقع أنّ السؤال الحاسم ليس شغور موقع رئاسة السلطة، بقدر ما هو احتمالات إقرار تطوير للنظام السياسي الفلسطيني وإحداث تغييرات فيه.

جاء إعلان "حماس"، يوم الاثنين، 28 أيار، عبر بيان حمل اسم "المجلس التشريعي، النائب الأول للرئيس"، وتوقيع أحمد بحر، باعتباره النائب الأول، ويتضمن البيان "إنّ تنظيم الحياة السياسية الفلسطينية هو شأن قانوني بامتياز، وغير خاضع للاجتهاد بأي حال من الأحوال".

وأشار إلى "القانون الأساسي الفلسطيني وتعديلاته". وأن القانون يشير إلى أنّه "إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية في أي من الحالات السابقة، يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتاً لمدة لا تزيد على ستين يوماً تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني".

يفيد إعلان بحر، أو رئاسة التشريعي، في "حماس"، الاعتراف بأمرين، أولاً إقرار شرعية رئيس السلطة الفلسطينية، بل تطالب هذه القيادة، بانتقال الرئاسة ذاتها لرئيس المجلس التشريعي، (آخر من شغل هذه المنصب عبدالعزيز الدويك (70 عاماً))، إذا حدث شغور في الموقع. والأمر الثاني الذي يؤكده إعلان "حماس" أنّها تعتمد على القانون الأساسي في طروحاتها.

اعتراف بحر برئاسة السلطة، على هذا النحو، يطرح تساؤلات كثيرة جداً، من ضمنها قيام كتلة "حماس"، البرلمانية، بإقرار الكثير من القوانين، وتنفيذ سلطات "حماس" الكثير من القرارات والإجراءات التي تقتضي بموجب القانون الأساسي، والقوانين الأخرى، موافقة الرئيس الفلسطيني، وأحدها أحكام الإعدام التي أطلقتها التشكيلات القضائية التي شكلتها "حماس" في غزة، ونفذت من دون مصادقة الرئاسة.

الأمر الثاني، والأهم، أنّ القانون الأساسي، أعلاه، الذي يستند له "بحر"، يقول "إنّ منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني"، و"إنّ ميلاد السلطة الوطنية الفلسطينية، يأتي في سياق الكفاح لأجل نيل (الشعب الفلسطيني) حقوقه الوطنية الثابتة المتمثلة في حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القـدس بقيـادة منظمـة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني أينما وجد".

وبالتالي فالقانون الأساسي، الذي يرتكز إليه بحر، يشدد على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، والسلطة الفلسطينية، بذلك، إحدى أدوات وأطر العمل الفلسطيني، التي أقرها هذا الممثل. وهنا يجب تذكر أن أساس تأسيس السلطة الفلسطينية، القانوني، هو قرار المجلس المركزي المتخذ في دورته بين يومي 10 و12 تشرين الأول 1993، في تونس، والذي تولى أيضاً حق "تشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية"، بموجب القرار. ومن هنا يمكن للمنظمة، أن تطور أطراً أخرى، من مثل حكومة دولة فلسطين، ورئيسها، ومجلسها التشريعي أو البرلمان أو أي اسم آخر، تماماً كما قررت تأسيس السلطة.

لا شك أن اتخاذ منظمة التحرير، قرارا يغير من وضع السلطة الفلسطينية، ورئاستها، ليس أمراً سهلاً، ويحتاج للكثير من البحث والتأني، ولحوار وطني، ولا يجوز التعامل معه بتسرع، لكن صفة المنظمة التمثيلية، المعترف بها، ليس عالمياً وحسب، بل وبحسب تصريح "حماس" الذي أطلقه بحر، أعلاه، تجعل تطوير أطر عمل فلسطينية، كما حدث في حال "السلطة"، أمراً ممكناً.

السؤال، هل سيأتي ممثلو "حماس" من المجلس التشريعي، لاجتماعات "المجلس المركزي"، الذي هم أعضاء فيه، لطرح وجهات نظرهم؟ أم سيجري الاكتفاء بالرفض (غير المجدي) عن بعد؟

إذا كان المقصود تطوير النظام السياسي الفلسطيني، حقاً، والخروج من مأزقه الحالي، فإنّ المطلوب من المجلس المركزي، كثيرٌ من العمل والخطط لتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، بنظرة شمولية، وليس قرارات "أزمة"، وحسب. ومطلوب أيضاً ابتعاد "حماس" عن الموقف الانتقائي، بعدم الاعتراف بالرئاسة والمطالبة بها في الوقت ذاته، والابتعاد عن القبول ببعض ما أنتجته المنظمة، ورفض قرارات أخرى.

[email protected] - جامعة بيرزيت

... عن "الغد" الأردنية