النجاح الإخباري - حالة من الفوضى عمت ليلة أمس فور انتشار إشاعة تفيد باحتمال عودة الحرب وتصاعد التوتر بين إيران و"إسرائيل"، وتداول أنباء غير مؤكدة عن إغلاق المجال الجوي التركي مع إيران والأردن والعراق، هرع مئات المواطنين في محافظة نابلس إلى محطات الوقود للتزود بالبنزين والديزل، ما أدى إلى اكتظاظ شديد وفوضى مرورية خانقة.
مشهد الهلع هذا لم يكن الأول، بل تكرارٌ لأزمة سابقة خنقت المدينة خلال ذروة التوتر بين إيران و"إسرائيل"، ما يعكس قابلية عالية للاشتعال المجتمعي فور الإحساس بالخطر، حتى وإن كان غير مؤكد.
وأمام تسارع الأحداث وتصاعد الفوضى، أصدر محافظ نابلس اللواء غسان دغلس قرارًا عاجلًا بإغلاق جميع محطات الوقود، في محاولة لكبح جماح الأزمة، واحتواء تداعياتها قبل خروجها عن السيطرة.
وأكد محافظ نابلس اللواء غسان دغلس، في حديث لـ"إذاعة صوت النجاح" صباح اليوم الإثنين، أن ما جرى من هرج ومرج هو نتيجة مباشرة لتأثر المواطنين بإشاعة غير دقيقة، واصفًا تلك الإشاعات بأنها "تهد جبالًا". وأوضح أن تعليق الرحلات الجوية التركية الذي تداولته بعض وسائل الإعلام جاء نتيجة عطل فني في نظام الملاحة الجوية وليس بسبب توتر أمني، مؤكداً عدم وجود وضع استثنائي أو أزمة فعلية في المحروقات.
وأشار إلى قرار إغلاق محطات الوقود مؤقتًا لضبط الأمور وتفادي المزيد من الفوضى، مبينًا أن المحطات عادت للعمل صباح اليوم بعد وصول شحنات جديدة وكافية من البنزين والغاز، وأن الوضع تحت السيطرة. ودعا المحافظ المواطنين إلى التحلي بالوعي ومسؤولية استقاء المعلومات من المصادر الرسمية، وعدم الانجراف وراء الأخبار غير الموثوقة التي تروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
آراء وانتقادات
الصحفي أحمد السدة كتب تحليلاً سريعًا قال فيه:
"هجوم الناس امبارح على محطات الوقود يدل على:
قلة وعي الناس بمختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم العلمية والمعيشية.
غياب الاستراتيجية الحكومية في مكافحة الإشاعات.
غياب استراتيجية الإعلام المحلي في التصدي لها.
كثافة الواسطات حتى على مستوى “جالون” بنزين.
انعدام ثقة المواطن بالمنظومة الوطنية.
غياب قوانين رادعة للصفحات التي تثير الإشاعات.
أوصي بعقد اجتماعات حقيقية تضم الجهات الإعلامية والحكومية والمجتمعية لتحليل الظاهرة ووضع خطة إعلامية ونفسية واقتصادية لمعالجة الخلل."
الأستاذة دينا قدومي كتبت:
"الكازيات عليها أزمة، الجسر عليه أزمة، الأكل عليه أزمة، حتى المكسرات والقهوة عليهم أزمة... إلا الكرامة."
أما المواطن عبود استيتية فعبّر عن استيائه:
"أول ما بصير أزمة، الشعب بيهجم على الكازيات كأنو في مجاعة!
إحنا المفروض نكون قدوة، مش صورة للفوضى.
الوعي مش بالحكي... الوعي بيظهر وقت الشدة."
محمد شوباش كتب:
"الهجوم على الكازيات في نابلس ينم عن أزمة أخلاقية. إحنا بحاجة لإعادة تأهيل وتربية."
أما معاذ قاطوني، فكتب ساخرًا:
"بلشت أزمة الكازيات... وبدكم الله ينصرنا."
أزمة وقود… أم أزمة ثقة؟
رغم صدور توضيحات تنفي وجود أزمة في المحروقات، إلا أن المشهد على الأرض كشف فجوة عميقة بين الخطاب الرسمي وردود فعل الشارع، حيث اختار الكثيرون تصديق ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلًا من البيانات الحكومية.
هذا التباين يعكس حالة من القلق الجمعي، وانعدام الثقة المتراكمة في قدرة الجهات المعنية على السيطرة السريعة على الشائعات أو احتوائها قبل أن تتحول إلى سلوك جماهيري.
وبين صدور الإعلان الرسمي وتجاهله، يتجدد التساؤل:
هل نملك فقط نفي الإشاعة، أم نملك أيضًا الأدوات التي تُقنع بها الناس؟