نابلس - النجاح الإخباري - تواصل الحكومة الإسرائيلية خطواتها الرامية إلى إنهاء وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس، في تصعيد قانوني جديد يستهدف مقار الوكالة وممتلكاتها.
وكشفت تقارير عن مشروع قانون جديد يُعدّ الآن داخل أروقة حكومة الاحتلال يقضي بقطع خدمات الكهرباء والماء عن مباني الأونروا، مع منح السلطات صلاحية مصادرة أراضيها دون المرور بأي إجراء قضائي. تأتي هذه الخطوة بعد أشهر من إقرار قانون يحظر عمل الأونروا داخل دولة الاحتلال، وسط معارضة دولية وتحذيرات من تداعيات قانونية وإنسانية خطيرة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس، تعمل وزارتا الطاقة والإسكان الإسرائيليتان على إعداد مشروع قانون جديد ينص على: وقف تزويد مباني الأونروا في القدس بخدمات الكهرباء والماء، ومصادرة مجمعات تابعة للوكالة دون اللجوء لإجراءات قضائية، ومنع الوكالة من مواصلة أي نشاط داخل الأراضي التي تديرها في "كفر عقب" و"معلوت دافنه"
حيث تزعم مسودة القانون إلى أن الأونروا تجاهلت رسائل تحذيرية سابقة من الحكومة، ما يبرر -حسب وجهة النظر الإسرائيلية- تنفيذ إجراءات أحادية دون انتظار قرارات المحاكم. ويؤكد نص القانون أن المصادقة عليه في الكنيست ستمنح الحكومة سلطة مباشرة لإخلاء أي عقار تديره الوكالة دون الحاجة لمسار قانوني.
الأهداف المعلنة: إضعاف الأونروا اقتصادياً وسياسياً
يقود المشروع كل من وزارة الطاقة ووزارة البناء والإسكان، ويهدف إلى تقليص قدرة الأونروا على العمل في القدس، والضفة الغربية، وغزة.
وتقول مصادر في حكومة الاحتلال إن المشروع يهدف إلى "إلحاق ضرر اقتصادي بالوكالة"، في محاولة لدفعها نحو مغادرة المنطقة، أو على الأقل تقليص وجودها بشكل كبير.
القانون الجديد لا يتضمن بدائل لخدمات الوكالة، ما يعني أن عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية قد يُحرمون من التعليم، والرعاية الصحية، والدعم الغذائي، في حال تنفيذ القانون فعليًا.
عقبات سياسية داخل الكنيست: تأجيل مرتقب
رغم استعداد حكومة الاحتلال لطرح المشروع للقراءة التمهيدية في الكنيست، إلا أن تمريره قد يواجه تأخيرًا. فقد بدأت الأحزاب الحريدية مؤخرًا في مقاطعة مشاريع القوانين التي تطرحها الحكومة، احتجاجًا على تأخر تشريع قانون إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية. ومع اقتراب عطلة الكنيست الصيفية، والتي تمتد ثلاثة أشهر، يُتوقع أن يتأجل التصويت النهائي على مشروع القانون إلى ما بعد انتهاء العطلة البرلمانية.
معارضة دولية وتحذيرات قانونية
التحركات الإسرائيلية ضد الأونروا تثير قلقًا متصاعدًا في الأوساط الدولية. الأمم المتحدة وعدة دول أوروبية وعربية كانت قد عبّرت عن معارضتها للقانون السابق الذي حظر عمل الوكالة في أكتوبر الماضي، ووصفت الإجراءات بأنها "تقويض مباشر لعمل مؤسسة إنسانية"، تلعب دورًا حيويًا في تقديم الخدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية حذّرت من أن مصادرة ممتلكات الأونروا دون مسار قانوني يشكّل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، ويمسّ بحرية عمل المنظمات الأممية في الأراضي المحتلة.
ويمثل مشروع القانون الإسرائيلي خطوة تصعيدية خطيرة تمسّ ليس فقط وكالة الأونروا كمؤسسة أممية، بل جوهر قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة. وفي حال تمرير هذا المشروع، فإن ذلك قد يُمهّد لتفكيك المنظومة الإنسانية التي يعتمد عليها مئات الآلاف من الفلسطينيين، دون تقديم أي بديل حقيقي، ما ينذر بكارثة إنسانية واجتماعية جديدة في القدس المحتلة ومحيطها.