النجاح الإخباري - تشهد أروقة القرار في تل أبيب وواشنطن وغرف التفاوض في الدوحة حركة مكثفة، بحثًا عن نافذة لا تزال ضيقة لإبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحركة حماس، وسط تداخل معقّد للمواقف، وضغوط إقليمية ودولية، وسيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.

ضوء أخضر أميركي وتحفّظ إسرائيلي معلن

لأول مرة منذ بدء الحرب على غزة، تلوّح إسرائيل رسميًا بإمكانية وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، كجزء من تفاهمات صفقة الأسرى، وهو ما أكده مصدر سياسي إسرائيلي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، مشيرًا إلى تغير في موقف حماس بعد ما وصفه بـ"هزيمة إيران"، الحليف الأبرز للحركة.

في المقابل، لا تزال القيادة الإسرائيلية مترددة في تقديم التزامات نهائية، حيث شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على رفض عودة حماس للحكم في غزة، مع التأكيد على استمرار الحرب حتى استسلام الحركة وتجريد القطاع من السلاح، وفق ما نقلته "القناة 12" العبرية.

حماس تدرس وتُناور… و"ويتكوف" يعود إلى الواجهة

في بيان مقتضب، أكدت حماس أنها تدرس المقترحات التي تلقتها عبر الوسطاء، في إشارة إلى مسودة الاتفاق المُحدّث التي صاغتها قطر ومصر، استنادًا إلى "مخطّط ويتكوف" المدعوم من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفق ما كشفته صحيفة "معاريف".

ورغم عدم صدور رد رسمي حتى الآن، تشير تسريبات صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الحركة أبدت ارتياحًا أوليًا لصيغة الضمانات الأميركية، ما يفتح الباب أمام احتمال القبول بالصفقة، رغم استمرار مطالبها بضمانات لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب شامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

الرياض تدخل على خطّ الأزمة… و"قطرغيت" تعصف بالمشهد السياسي الإسرائيلي

في سياق متصل، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن دخول السعودية والإمارات على خط مفاوضات غزة، بدعم أميركي، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ونزع سلاح الفصائل، وإطلاق مسار سياسي يشمل الضفة الغربية وتوسيع "اتفاقيات أبراهام".

هذه التحركات تجري على وقع أزمة داخلية جديدة في إسرائيل، مع تصاعد التحقيقات في ما يُعرف بـ"قضية قطرغيت"، والتي تطال شخصيات بارزة على صلة بالملف الفلسطيني، من بينهم اللواء يوآف "بولي" مردخاي ومستشارون مقرّبون من نتنياهو.

الميدان يشتعل… والصفقة رهينة المواقف

ميدانيًا، صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، مستهدفة قلب مدينة غزة، والمخيمات الوسطى، وخان يونس، ما أسفر عن عشرات الضحايا، في وقت تواصل فيه القوات الخاصة اغتيال عناصر بارزين في كتائب القسام، بحسب ما أوردته "القناة 12".

في المقابل، تتحدث تقارير موقع "واي نت" عن دعم إسرائيلي لفصائل فلسطينية معارضة لحماس داخل غزة، في محاولة لاستثمار الانقسامات الداخلية، بينما تحذّر تقديرات أمنية نشرتها صحيفة "هآرتس" من استمرار تآكل سلطة الجيش في الضفة الغربية، مع امتناع الشرطة عن تنفيذ أوامر إبعاد بحق نشطاء يمينيين متطرفين.

هل نحن أمام لحظة حسم؟

رغم الضبابية، ترجّح مصادر دبلوماسية أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة، مع ترقب رد حماس الرسمي، واحتمال انتقال الوفود إلى الدوحة أو القاهرة لحسم التفاصيل، في ظل ضغط أميركي واضح، وسعي الرئيس ترامب لتحقيق إنجاز دبلوماسي سريع يُضاف إلى رصيده قبيل استحقاقات داخلية.

في المقابل، لا يُخفي مراقبون القلق من سيناريو تكرار المناورة السياسية، حيث تُوظف إسرائيل الأحاديث عن الصفقة لإعادة التموضع ميدانيًا، مع إبقاء خيار التصعيد العسكري مفتوحًا.

حسابات سياسية معقّدة

صفقة الأسرى، وإن بدت ممكنة نظريًا، لا تزال رهينة حسابات سياسية معقّدة، وصراع إرادات إقليمي ودولي، فيما يبقى المدنيون الفلسطينيون في غزة، كعادتهم، وقودًا لهذه المعادلة القاتلة.

المصادر: يديعوت أحرونوت، معاريف، واي نت، القناة 12، يسرائيل هيوم، هآرتس.