النجاح الإخباري - بعد ارتفاع مبالغ فيه حرم الكثير من العائلات من شراء اللحوم، وفي ظل الكثير من الشكاوى والمتابعات، قررت وزارة الاقتصاد تخفيض أسعار اللحوم وتحديدها للتخفيف على الناس وتمكينهم من الفرح في عيد الأضحى الذي من أبرز مظاهره الأضاحي واللحوم.

وبالفعل تقرر رسميا اليوم الخميس تخفيض أسعار اللحوم في الأسواق الفلسطينية، وتحديد سقف سعري رسمي من قبل وزارة الاقتصاد الوطني، ما أثار ضجة بين اللحامين الذين رأوا أنهم الحلقة الأضعف في هذا القرار وأنهم قد يتكبدون خسائر مادية في ظل شح توريد العجول والخراف.

في السياق أكد نقيب أصحاب الملاحم، عمر النبالي، في تصريحات خاصة لـ"النجاح الإخباري" أن نجاح تطبيق القرار الحكومي الجديد مرهون بتوفير البضاعة بأسعار عادلة، محذرًا من تحميل اللحّامين وحدهم مسؤولية التنفيذ دون ضمان تدفق الخراف بسعر منطقي من الموردين.

وقال النبالي: "اللحّام هو حلقة وصل بين التاجر والمواطن، وليس من المنطقي أن يُجبر على البيع بسعر محدد دون أن تُوفر له البضاعة بسعر يتناسب مع التسعيرة المعلنة"، مشيرًا إلى أن بعض التجار بدأوا بتوفير الخراف بأسعار تتراوح بين 36 إلى 40 شيقلًا للكيلو، الأمر الذي يُمكّن اللحامين من البيع بسعر مناسب يراعي مصلحة المواطن وحقوق العاملين في القطاع.

وأشار إلى أن الاتفاق مع الجهات الرسمية نص على بيع اللحمة الجرم بـ57 شيقلًا، والمعشبة بـ80 شيقلًا، لكنه شدد على ضرورة التدرج في تنفيذ القرار على أرض الواقع، قائلًا: "قبل إعلان الأسعار، يجب ضمان توفر الكميات الكافية من اللحوم بأسعار مقبولة، وإلا سيُجبر اللحّام على الخسارة أو خرق القرار".

قرار حكومي يحدد سقف الأسعار

وكانت وزارة الاقتصاد الوطني قد أعلنت رسميًا، الأربعاء، عن تحديد السقف السعري الأعلى للحوم في السوق الفلسطينية، ضمن خطة حكومية متكاملة بمشاركة وزارات وهيئات ومؤسسات رقابية وممثلين عن القطاع الخاص، بهدف كبح جماح الأسعار، لا سيما مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.

وجاء القرار بعد اجتماعات خلية إدارة أزمة ارتفاع الأسعار، والتي ضمت كلاً من: وزارة الاقتصاد، وزارة الزراعة، هيئة الشؤون المدنية، الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الأجهزة الأمنية، جمعية حماية المستهلك، ونقابة أصحاب الملاحم ومزارع المواشي، بالتعاون مع مستوردي الأغنام.

وحددت الوزارة الأسعار الرسمية على النحو التالي:

  • كيلو الخروف القائم: 40 شيقل
  • كيلو لحم الخروف الكامل للمستهلك: 80 شيقل
  • كيلو لحم الخروف المقطع: 85 شيقل
  • كيلو لحم العجل للمستهلك: 65 شيقل
  • كيلو اللحم المجمد: 35 شيقل

رقابة مشددة وتحذير من المخالفات

وأكدت الوزارة في بيانها أن هذه الأسعار ملزمة لجميع الأطراف، وأن المخالفين سيتعرضون للمساءلة القانونية، موضحة أن طواقم الرقابة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، ستتابع التزام الأسواق بالتسعيرة الجديدة، وستتخذ الإجراءات اللازمة بحق المتجاوزين.

كما شددت على ضرورة دمغ الذبائح بعلامة مميزة تشير إلى مصدر الذبيحة وعمرها، بالتنسيق مع وزارة الحكم المحلي والبلديات، بهدف التمييز بين اللحم المحلي والمستورد وضمان شفافية المعلومات المقدمة للمستهلك.

اللحّامون: نريد تنفيذ القرار ولكن بعدالة

من جانبه، شدد النبالي على أن اللحّامين ليسوا ضد القرار، بل يريدون تطبيقه بما يضمن العدالة وعدم تحولهم إلى "ضحية" في ظل ضغوط السوق وارتفاع تكلفة الشراء. وقال: "لا نطلب سوى توفير البضاعة بالسعر المناسب حتى نتمكن من البيع بالسعر المقرر".

واختتم النبالي حديثه بالقول: "نحن لا نبحث فقط عن الربح، بل عن الحفاظ على لقمة عيشنا وخدمة المواطن بمنتج جيد وسعر عادل".

ويأتي هذا الجدل حول تسعيرة اللحوم في وقت يعيش فيه المواطن الفلسطيني أوضاعًا اقتصادية بالغة الصعوبة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتداعيات الحرب على الضفة الغربية، والتي شلّت حركة الأسواق، وأوقفت آلاف العمال عن العمل، وفاقمت معاناة الأسر الفلسطينية نتيجة تقليص الرواتب وارتفاع الأسعار تركت المواطن ما بين الغلاء والبطالة وتراجع القدرة الشرائية، في وقت تُطالب فيه القطاعات المختلفة بتدخل رسمي عاجل يضمن حماية المستهلك، دون أن يُحمّل التاجر أو اللحّام مسؤولية الانهيار الاقتصادي وحده. فالحلّ الحقيقي يبدأ من إصلاح المنظومة الاقتصادية، وتوفير الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية في زمن الحرب والحرمان.