النجاح الإخباري - في تحول لافت ومثير للجدل، شن رئيس حزب الديمقراطيين المعارض والجنرال السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يائير جولان، هجومًا عنيفًا على حكومة بنيامين نتنياهو، متهمًا إياها بـ"قتل الأطفال كهواية"، في إشارة إلى المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف.
وفي تصريحات إذاعية صادمة عبر "كان بيت"، وصف جولان إسرائيل بأنها في طريقها لتصبح "دولة منبوذة" شبيهة بجنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري، مضيفًا:
"الدولة العاقلة لا تشن حروبًا ضد المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تتخذ من تهجير السكان هدفًا لها".
تصريحات جولان فجرت موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية الإسرائيلية، وأثارت نقاشًا عميقًا داخل الرأي العام الإسرائيلي والدولي حول مستقبل إسرائيل في ظل حكومة وصفت بأنها "مدفوعة بالانتقام ومجردة من الأخلاق"، وفق تعبيره.
ردود إسرائيلية غاضبة: "يجب نبذه"
لم تمر تصريحات جولان مرور الكرام. إذ توالت ردود الفعل المستنكرة من أعلى مستويات الحكم في إسرائيل حيث أثارت غضب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي بادر بوصفه بأنه "وصل إلى الحضيض"، واتهمه بتشجيع العصيان.
بينما دعا وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس إلى "نبذ" جولان من الحياة العامة.
وسارع سياسيون من اليمين والوسط، بينهم بيني غانتس، ونفتالي بينيت، وإيتامار بن غفير، ويوآف كيش، إلى مهاجمة جولان وطالبوه بالاعتذار.
ورغم حدة الهجوم، إلا أن تصريحات جولان تعكس قلقًا داخليًا متصاعدًا من الانزلاق الأخلاقي والمؤسسي الذي تعيشه إسرائيل في ظل العدوان المستمر على غزة.
ضغوط دولية غير مسبوقة: من الخليج إلى أوروبا
تزامنت هذه التصريحات مع تحركات دبلوماسية ضاغطة على إسرائيل على رأسها الولايات المتحدة التي مارست، وفقًا لتقارير، ضغطًا كبيرًا على تل أبيب لإنهاء الحرب، بعد ضغوط خليجية "غير مسبوقة".
وكذلك قادة بريطانيا وفرنسا وكندا لوّحوا باتخاذ إجراءات ملموسة إذا لم تتوقف الحرب وترفع القيود على دخول المساعدات.
وباشر لاتحاد الأوروبي البحث، بمبادرة من هولندا، تعليق العلاقات التجارية مع إسرائيل استنادًا إلى المادة الثانية من اتفاق الشراكة، بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في غزة.
هذه التحركات تؤكد أن إسرائيل باتت، بحسب مراقبين، تعيش عزلة دبلوماسية غير مسبوقة تهدد مكانتها في المجتمع الدولي.
الأونروا: "القنابل فقط تدخل غزة"
وفي الجانب الإنساني، حذّرت وكالة الأونروا من دخول غزة في "أسوأ أزمة إنسانية منذ أكتوبر 2023"، مشيرة إلى أن:
"الشيء الوحيد الذي يدخل غزة الآن هو القنابل".
ووفق تقارير الوكالة، فإن أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون خطر المجاعة والمرض والنزوح، وسط استمرار إغلاق إسرائيل للمعابر وعرقلة دخول الإمدادات الإنسانية منذ أكثر من 11 أسبوعًا.
53 شهيدًا في أقل من ساعتين: مدرسة ومحطة وقود
وفي مشهد جديد من المشاهد اليومية المروعة، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مدرسة تؤوي نازحين ومحطة وقود في غزة، ما أدى إلى استشهاد 53 فلسطينيًا في أقل من ساعتين، في واحدة من أكثر الهجمات دموية خلال الأسابيع الأخيرة.
هذا المشهد المأساوي يعكس ما وصفه جولان بـ"الهواية القاتلة"، ويعيد فتح النقاش حول مسؤولية القيادة الإسرائيلية أمام القانون الدولي، والاتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
هل يفلت نتنياهو من المحاسبة؟
في ظل هذه المعطيات، يصبح السؤال المطروح: هل تستطيع الحكومة الإسرائيلية الاستمرار في سياستها دون مواجهة تبعاتها السياسية والجنائية؟ وهل تتحول تصريحات جولان إلى بداية تمرّد داخل المؤسسة الإسرائيلية، أم يُخمدها اليمين الإسرائيلي المتشدد؟
الأكيد أن إسرائيل، اليوم، تجد نفسها أمام تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة، وأن استمرارية الحرب في غزة لن تمر دون ثمن، داخليًا ودوليًا، وأن العالم، كما يرى مراقبون، بدأ يرفع صوته تدريجيًا ضد سياسة "الهواية القاتلة" التي تهدد الأطفال والمدنيين وتدفع المنطقة كلها نحو المجهول.