شبكة النجاح الإعلامية - النجاح الإخباري - في ظل الحديث الجاري عن مفاوضات أميركا مع حماس وانتقاد السلطة الفلسطينية لهذا الأمر، أكد المحلل السياسي هاني المصري أن المفاوضات بين حركة حماس وأطراف أجنبية، خاصة الولايات المتحدة، هي انعكاس حقيقي لضعف الوضع الفلسطيني الناتج عن الانقسام الداخلي، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات تعد خروجًا عن القانون الفلسطيني وخرقًا للموقف العربي المشترك.
الانقسام يهدد مستقبل القضية
وتحدث المصري عن تأثير الانقسام الفلسطيني على مجريات الأمور قائلاً: "الانقسام الفلسطيني هو الثمرة الخبيثة التي نتجت عن سنوات من الصراعات الداخلية، في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني من حرب إبادة تهدف لتصفية قضيته. كل طرف يدافع عن نفسه ويحاول جذب الأمور إلى صالحه، وهو ما يساهم في تعميق الخلافات بدلاً من توحيد الجهود لمواجهة المخاطر المشتركة. بدلاً من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستهدف الجميع، أصبحنا نطعن في بعضنا البعض، وهذه حالة من الهزيمة الفكرية والسياسية التي تضعف الموقف الفلسطيني".
أميركا الوجه الآخر لإسرائيل
وأوضح المصري أن أميركا هي الوجه الآخر لإسرائيل ومفاوضاتها مع حماس لا ولكن ذلك لا يعني تغيير موقف واشنطن من الحقوق الفلسطينية، الذي بقي ثابتًا في محاربة الحقوق الفلسطينية والتعامل مع القضايا بشكل انتقائي لافتًا إلى أن هذه المفاوضات بين حماس وأميركا ليست جديدة: "هذه المفاوضات ليست وليدة اللحظة، بل بدأت في وقت سابق، منذ أحداث طوفان الأقصى، حيث كانت الولايات المتحدة تحاول التفاوض مع حماس في محاولة لتحقيق مصالحها الخاصة"
وشدد منصور على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يميز بين الفصائل الفلسطينية، بل يستهدف الفلسطينيين ككل، سواء كانوا من حركة فتح أو حماس. وأوضح منصور أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية وعمليات القتل والحصار على قطاع غزة هي أكبر دليل على سياسة الاحتلال في محاربة كل ما هو فلسطيني دون استثناء.
رفض المصالحة
وحول تأثير هذه المفاوضات على السلطة الفلسطينية، أشار المصري إلى أن السلطة لا تزال غير راغبة في المصالحة مع حماس بسبب الخوف من رد فعل الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وقال: "السلطة الفلسطينية لم تُقدِم على المصالحة خوفًا من عقاب أميركا وإسرائيل لا سيما أن التفاوض مع حماس قد يعني اعترافًا ضمنيًا بالحركة".
واستغرب المصري من موقف السلطة الفلسطينية قائلاً: "كيف للسلطة أن تكون غير مدركة للمفاوضات التي تدور مع حماس، وهي ليست جديدة؟ في الواقع، منذ البداية كان من الواضح أن الأميركيين كانوا يحاولون التفاوض مع حماس، في وقت كان من الضروري تشكيل جبهة موحدة تمثل كافة الفلسطينيين وتفاوض باسمهم".
الوحدة الفلسطينية
وفي سياق متصل، أضاف المصري أن الوضع الفلسطيني الحالي يفرض الحاجة إلى مصالحة حقيقية على الأصعدة كافة، متسائلًا: "أين نحن من تلك الدعوات التي وجهناها منذ أغسطس الماضي لتشكيل حكومة وفاق وطني أو على الأقل تشكيل وفد فلسطيني موحد باسم منظمة التحرير للتفاوض؟ كانت هذه دعوة استشرافية للمستقبل، لأن استمرار الانقسام يعني بقاء الوضع الفلسطيني في حالة جمود".
وبشأن الوحدة الداخلية قال المصري إن 70-80% من الفلسطينيين يرغبون في الوحدة الوطنية، إلا أن غياب الأمل يجعل هذه الرغبة غير قابلة للتحقيق في ظل الواقع الحالي. وقال: "لا يوجد أفق لتحقيق الوحدة في ظل الانقسام والتحديات الداخلية والخارجية، وفي الوقت ذاته فإن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الجميع دون تمييز بين السلطة وحماس، بل يواصل عملياته العسكرية ضد كافة الفلسطينيين في الضفة وغزة".
حماس بحاجة إلى تعديل استراتيجيتها
أكد منصور على أن هناك ضرورة لتشكيل "حماس جديدة"، قادرة على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وأن تركز على وحدة الشعب الفلسطيني أولًا وقبل أي شيء آخر. كما شدد على أن الحركة بحاجة إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتفادي الكوارث المستقبلية، وتفعيل قيادة فلسطينية فاعلة وقادرة على مواجهة التحديات المختلفة، بقوله: "الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة حقيقية تمتلك الإرادة والرؤية وتضع خطة استراتيجية فعالة لاستثمار طاقات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لأن هذا هو السبيل الوحيد للنجاة والانتصر".
وفي الوقت الذي تزداد فيه المطالب بتحقيق الوحدة، يرى المراقبون أن التوصل إلى اتفاق فلسطيني داخلي يشكل حجر الزاوية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعادة بناء الأمل لدى الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه.