النجاح الإخباري - ألمح تحقيق لجيش الاحتلال في فشل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي نُشرت نتائجه، اليوم الخميس، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أراد الهدوء، في حين فشلت الاستخبارات العسكرية ("أمان") بفهم حماس لسنوات طويلة.

ووفق التحقيق، فقد شكّل الجيش والمنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة، مفهومًا كان قائمًا على افتراضات غير صحيحة، ما أتاح لحماس بناء قدراتها، التي جعلت الهجوم المفاجئ، وغير المسبوق ممكنًا.

وتشير تحقيقات الجيش الإسرائيلي إلى أن الفشل بدأ قبل وقت طويل من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في الفترة التي أعقبت العدوان الذي أطلق عليه الاحتلال مسمّى "الجرف الصامد" في عام 2014.

ويُظهر التحقيق كيف قاد الرئيس السابق لحماس في غزة، يحيى السنوار، منذ عام 2017، تغييرا إستراتيجيًّا جذريّا في الحركة، من الاعتماد على الحرب تحت الأرض إلى هجوم بريّ واسع النطاق، في حين ظلّت منظومة الأمن الإسرائيلية "عالقة" في مفاهيم قديمة.

وعلى مدى سنوات عديدة، كان مفهوم الأمن الإسرائيلي تجاه غزة، يرتكز على فرضية مركزية، هي أن حماس هي حركة عقلانية "مرتدعة وملتزمة بالاتفاق"، وحتى بعد وصول السنوار إلى القيادة في عام 2017، استمرّت شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، في وصف حماس بأنها "حركة واقعية"، مهتمّة بالهدوء في قطاع غزة، لصالح التنمية المدنية.

وتشير تحقيقات الجيش الإسرائيلي إلى أن "نظامًا من المفاهيم الخاطئة كان قائمًا على مرّ السنين".

وبحسب التحقيق، فإن التقييم كان أن التهديد الذي يمكن أن يشكّله قطاع غزة، لم يكن التهديد الأعظم، وفي الوقت نفسه نشأت فجوة في فهم استعداد حماس لتحقيق رؤية "تحرير فلسطين".

ولفت التحقيق إلى أنه بعد الحرب على غزة عام 2014، أنشأت حماس هيئة أركان عامّة منظّمة و"مقرًّا عملياتيًّا" برئاسة رائد سعد.

وفي الصدد ذاته، أضاف أن حماس بدأت تحت قيادته، التخطيط لـ"المشروع الكبير"، لشن هجوم واسع النطاق على إسرائيل، بما في ذلك عملية بريّة، يشارك فيها آلاف المقاتلين.

وجرى كلّ هذا، في حين واصل قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تقييمه بأن حماس "تركّز على بناء الأنفاق تحت الأرض".

وتبيّن من التحقيق، أن التصوّر الإسرائيليّ، قد تشكّل بشكل كبير بعد الحرب على غزة في عام 2021؛ فعلى النقيض من تقييم حماس بأنها رأت في العملية "انتصارا" بسبب إطلاق النار على القدس المحتلة، وفهمها بأنه من الممكن خوْض معركة متعددة الجبهات ضد إسرائيل مع حزب الله اللبنانيّ، في المقابل، رأت إسرائيل في العدوان ذلك العام، "تحقيقا للردع"، وعدّت أنها حقّقت "ضربة" ضدّ حماس.

وأكّد التحقيق أن الاستنتاج الإسرائيليّ، قد استند إلى "تقييم متفائل بشكل مفرط لإنجازات حارس الأسوار (الحرب على غزة 2021 وهبّة الكرامة في مناطق 48)".

وتطرّق تحقيق الجيش الإسرائيلي إلى وثيقة "سور أريحا" لحماس، والتي كانت قد وصلت إلى إسرائيل في وقت مبكّر من عام 2022؛ ورغم أن الوثيقة وصفت بدقة نوايا حماس في اختراق فرقة غزة بجيش الاحتلال، باستخدام 4 آلاف مقاتل، والوصول إلى مدن في عمق إسرائيل، إلا أنها عُدَّت في إسرائيل "فكرة مستقبليّة" تهدف إلى بناء القوّة، وليست تهديدا حقيقيًّا.

وعُرضت الوثيقة المذكور، على رئيس الاستخبارات العسكرية، وقائد المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال في أيار/ مايو 2022، لكن لوحظ أنهما لم يعرفا ما إذا كانت "خطّة ملموسة"، أم مجرّد أفكار لرائد سعد.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، في ندوة بعنوان "صورة معركة"، نوقشت "سور أريحا" باعتباره سيناريو مستقبليا. وكان تقدير الجيش الإسرائيليّ في ذلك الوقت، هو أن حماس قادرة على تنفيذ هجوم بريّ بمشاركة كتيبتين، ونحو 70 مقتاتلا، بينما في الواقع كان الوضع مغايرا بشكل كليّ، إذ شارك في هجوم 7 أكتوبر، نحو 5 آلاف و600 شخص.

 

 

نشر جيش الاحتلال، اليوم (الخميس)، نتائج التحقيق في أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأبرزَ فيها «إخفاقات» استراتيجية واستخبارية كبيرة أتاحت لحركة «حماس» شنّ أكبر هجوم على إسرائيل في تاريخها.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، أكد الجيش في ملخص عن التقرير لوسائل الإعلام أن قواته «أخفقت في حماية المواطنين الإسرائيليين. تمّ التفوّق على فرقة غزة (الإسرائيلية) في الساعات الأولى من الحرب، مع سيطرة الإرهابيين (على الأرض) وارتكابهم مجازر في المجتمعات وعلى الطرق في المنطقة».

وقال مسؤول عسكري للصحافيين: «السابع من أكتوبر كان عبارة عن إخفاق تام»، والجيش «أخفق في تنفيذ مهمة حماية المدنيين الإسرائيليين»، مضيفاً: «كثير من المدنيين قُتلوا في ذاك اليوم وهم يسألون أنفسهم وبصوت مرتفع: أين كان الجيش الإسرائيلي؟».

وقال المسؤول أيضاً: «لم نتصوّر حتى أن سيناريو كهذا كان ممكناً»، مشيراً الى أن عناصر فصائل فلسطينية تتقدمها حركة «حماس»، باغتوا إسرائيل ليس فقط من حيث حجم الهجوم بل أيضاً بـ«وحشيته».