غزة - النجاح الإخباري - قال موسى أبو مرزوق، رئيس مكتب العلاقات الخارجية لحركة حماس لـ"صحيفة نيويورك تايمز" الأميركية، إنه لم يكن ليدعم "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر لو كان يعلم بالدمار الذي سيخلفه على غزة.
لعدة أشهر، دافع قادة حماس عن قرار الحركة بشن الهجوم، على الرغم من أنه أشعل حرباً إسرائيلية مدمرة أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وحول المنطقة إلى أنقاض
وتقول الصحيفة لقد أعلنت حماس "انتصارها" على إسرائيل، وتعهد بعض مسؤوليها بأن مقاتليها سينفذون المزيد من الهجمات المشابهة لهجوم 7 أكتوبر في المستقبل.
ولكن الآن، بدأ أحد كبار مسؤولي حماس بالتعبير علناً عن تحفظاته بشأن الهجوم، الذي تسبب أيضاً في أزمة إنسانية نزح على إثرها ما يقرب من مليوني شخص وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية.
موسى أبو مرزوق، رئيس مكتب العلاقات الخارجية لحماس والمقيم في قطر، قال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" إنه لم يكن ليدعم الهجوم لو كان يعلم بالدمار الذي سيخلفه على غزة. وأضاف أن معرفة العواقب كانت ستجعل من "المستحيل" عليه تأييد الهجوم.
وأضاف أبو مرزوق إنه لم يتم إبلاغه بالخطط المحددة لهجوم 7 أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر حوالي 250 آخرين، لكنه هو وقادة حماس السياسيين الآخرين أيدوا الاستراتيجية العامة المتمثلة في مهاجمة إسرائيل عسكرياً.
وتابع: "إذا كان متوقعاً أن يحدث ما حدث، لما كان هناك هجوم 7 أكتوبر"، على حد قوله.
كما أشار إلى وجود استعداد داخل حماس للتفاوض حول مستقبل أسلحة الحركة في غزة - وهي نقطة خلاف في المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي - متخذًا موقفاً رفضه مسؤولون آخرون في حماس.
يقول محللون إن تسوية قد تساعد حماس وإسرائيل في تجنب تجدد الحرب.
وقد أعلنت إسرائيل أنها تريد أن تقوم حماس بتفكيك قدراتها العسكرية.
من غير الواضح إلى أي مدى تتشارك قيادات حماس الأخرى وجهات نظر أبو مرزوق بشأن هجوم 7 أكتوبر، أو ما إذا كانت هذه التصريحات محاولة للتأثير على المفاوضات مع إسرائيل أو ممارسة الضغط على زملائه داخل الحركة.
وتقول الصحيفة الأميركية إن قيادات حماس الأخرى خاصة تلك المرتبطة بإيران وحزب الله اللبناني تميل إلى تبني مواقف أكثر تشدداً.
وتشير تعليقاته إلى وجود خلافات بين مسؤولي حماس حول الموقف الرسمي من هجوم 7 أكتوبر وعواقبه.
كما تشير إلى أن إحباطات الفلسطينيين في غزة الذين يقولون إن الهجوم تسبب في معاناتهم غير المسبوقة بدأت تؤثر على قيادة حماس.
تشبه تعليقات أبو مرزوق تلك التي أدلى بها حسن نصر الله، زعيم حزب الله، في أعقاب حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله. أدى حجم الدمار في ذلك الصراع إلى اعتراف نصر الله بأن مجموعته لم تكن لتبتلع وتقتل عدة جنود إسرائيليين في ذلك الوقت لو كانت تعلم أن ذلك سيؤدي إلى رد فعل قوي من هذا القبيل.
في الأيام المقبلة، من المتوقع أن تبدأ إسرائيل وحماس مناقشة المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، والتي تنص على إنهاء دائم للقتال، انسحاب إسرائيلي كامل، وإطلاق المزيد من الأسرى الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين. لكن التأخير في بدء هذه المحادثات بالإضافة إلى الخلافات حول تنفيذ المرحلة الأولى عززت المخاوف من أن الهدنة قد تنهار والحرب قد تعود.
في السياق، قال أبو مرزوق إن بقاء حماس في الحرب ضد إسرائيل هو بحد ذاته "نوع من الانتصار". كما شبه حماس بشخص عادي يقاتل مايك تايسون، بطل الملاكمة للوزن الثقيل السابق: إذا نجا الشخص العادي من ضربات تايسون، فسيقول الناس إنه انتصر.
من الناحية المطلقة، قال إنه سيكون "غير مقبول" الادعاء بأن حماس انتصرت، خاصة بالنظر إلى حجم ما ألحقته إسرائيل بغزة.
وأضاف: "نحن نتحدث عن طرف فقد السيطرة على نفسه وانتقم من كل شيء"، في إشارة إلى إسرائيل، وتابع: "هذا ليس انتصاراً بأي حال من الأحوال".
كما أشار أبو مرزوق إلى وجود انفتاح داخل قيادة حماس للتفاوض حول مستقبل أسلحة الحركة في غزة، وهي قضية شائكة قال مسؤولون آخرون في حماس إنها غير قابلة للنقاش.
وأردف قائلاً: "نحن مستعدون للحديث عن كل قضية"، عندما سُئل عن الأسلحة. "أي قضية تُطرح على الطاولة، نحتاج إلى الحديث عنها".
ويصر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على عدم انهاء الحرب دون تفكيك حماس، بينما أعربت حماس عن استعدادها للتنازل عن الحكم المدني في غزة، إلا أنها رفضت التخلي عن أسلحتها.
بدت تصريحات أبو مرزوق متناقضة مع تصريحات أسامة حمدان، مسؤول آخر في حماس، الذي قال في مؤتمر في الدوحة، قطر، في منتصف هذا الشهر إن "أسلحة المقاومة" ليست محل نقاش، مما بدا وكأنه يستبعد أي تسوية.
وعند سؤاله عن تصريحات حمدان، قال أبو مرزوق إنه لا يمكن لأي قائد أن يحدد الأجندة بمفرده.
ويقول المحلل السياسي إبراهيم مدهون، إن هناك آراء متعددة داخل الحركة حول القضايا المهمة، ولكن عندما تتخذ مؤسساتها قراراً، فإن الجميع يقف خلفه.
ورفض أبو مرزوق الإجابة على أسئلة محددة حول تسويات محتملة بشأن قضية أسلحة حماس. قد تشمل هذه التسويات قيام حماس بتخزين أسلحتها في منشآت خاضعة للإشراف الدولي، أو الموافقة على عدم إعادة بناء شبكة الأنفاق وترسانة الصواريخ، أو وقف تجنيد المقاتلين.
ويقول الخبراء إن نزع السلاح الحركة أمر غير مرجح.
مع تأخر المحادثات حول المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، تحدث المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون بشكل متزايد عن تمديد المرحلة الأولى.
وقال أبو مرزوق إنه يمكن مناقشة إطلاق سراح المزيد من الأسرى والمعتقلين خلال تمديد المرحلة الأولى. لكنه أوضح أنه، في أي حال من الأحوال، ستطالب حماس بالإفراج عن عدد أكبر بكثير من المعتقلين مقابل كل أسير لأن المجموعة تعتبر الأسرى الإسرائيليين المتبقين جنوداً. وذكر أرقاماً مثل 500 و1000 معتقل مقابل كل جندي أسير.
خلال المرحلة الأولى، تم الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين، لكن عدد المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم مقابل كل رهينة لم يتجاوز عادة 50 شخصاً.
وأضاف أبو مرزوق إن حماس مستعدة أيضاً للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين في وقت واحد، إذا كانت إسرائيل مستعدة للإفراج عن آلاف الفلسطينيين في سجونها، وإنهاء الحرب والانسحاب من غزة، مؤكداً استعداد حركته لعقد صفقة شاملة.
وقد رفض المسؤولون الإسرائيليون سابقاً مقترحات تبادل جميع الأسرى بجميع المعتقلين