النجاح الإخباري - نظم مركز الإعلام في جامعة النجاح الوطنية اليوم الأحد  ندوة سياسية تحت عنوان "لا للترحيل.. لن نسمح بوعد بلفور جديد" بحضور نخبة من الباحثين والمتخصصين في الشأن السياسي.
وتناولت الندوة عدة محاور على النحو التالي: 
المحور الأول: تبعات قرارات ترامب
استهل الدكتور رائد الدبعي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح، حديثه بالتأكيد على أن قرارات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليست "كتابًا مقدسًا"، مشددًا على أن ترامب لا يختلف كثيرًا في أدواته عن هتلر، إلا أنه أكثر تطرفًا وعنصريةً وسرعةً في اتخاذ القرارات. وأضاف أن ترامب يتعامل مع القضايا السياسية بعقلية تاجر العقارات، حيث ينظر إلى البشر والمناطق بمنطق الربح والخسارة.
وأشار الدبعي إلى أن انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وقراره بوقف تمويل الأونروا، لم يكن قرارًا منفصلًا، بل جزءًا من استراتيجية تهدف إلى إلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وإضعاف المؤسسات الدولية التي تدعم القضية الفلسطينية. وأكد أن المخطط الأمريكي يسعى إلى إعادة العالم إلى الاحتلال المباشر وتبني سياسات اليمين الإسرائيلي المتطرف، ما يتطلب من الفلسطينيين التوحد والعمل بعقلية المؤسسة الواحدة والاتفاق على برنامج وطني عقلاني يرتكز على الثوابت الفلسطينية.

المحور الثاني: غزة ستنهض من الدمار
من جهته، تناول الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور التداعيات المترتبة على القرارات الأمريكية والإسرائيلية تجاه غزة، مشيرًا إلى أن النهوض من الدمار يتطلب شروطًا وعوامل ومقومات، وهي غير متاحة حاليًا بسبب حرب الإبادة الحقيقية التي عاشها القطاع.
وأوضح منصور أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد السابع من أكتوبر كانت صادمة، إذ خاطب أهالي غزة قائلاً: "ارحلوا، سنبيد غزة"، وهو ما ترجمته الأفعال على أرض الواقع. وأكد أن ترامب تبنى ذات الفكرة، معتبرًا أن غزة أصبحت غير صالحة للحياة، ما يجعل قراراته أقرب إلى وعد بلفور جديد منه إلى مجرد خطة سياسية.
كما تطرق إلى الدور الإقليمي، مشيرًا إلى أن مصر تتخذ موقفًا إيجابيًا وداعمًا، لكن يبقى السؤال: "إلى متى تستطيع الصمود أمام الضغط الأمريكي؟". وأضاف أن السعودية تمتلك أوراق قوة تجعلها ذات تأثير وثقل في المعادلة السياسية.
المحور الثالث: الموقف الفلسطيني والوحدة الوطنية
وفي مداخلته، أكد نصر أبو جيش، منسق لجنة التنظيم الفصائلي، أن الرهان الوحيد أمام الفلسطينيين هو الوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أن التصريحات والمخططات كافة لن تخيف الشعب الفلسطيني، الذي أثبت على مدار التاريخ قدرته على الصمود والمواجهة.
وشدد أبو جيش على أن المرحلة الحالية تتطلب وحدة ميدانية حقيقية، داعيًا إلى تشكيل جبهة وطنية لحماية الحركات الشعبية وتعزيز الصمود الفلسطيني. وأضاف: "أمامنا خيار واحد، وهو مواجهة المشروع الأمريكي برفض كامل من الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن ما يحدث ليس مجرد أحداث منفصلة، بل هجمة ممنهجة أمريكية-صهيونية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.


المحور الرابع: تفكيك خطاب التهجير وتعزيز الصمود
تحدث الدكتور أسعد تفال منسق برنامج ماجستير دراسات الهجرة واللاجئين في جامعة النجاح، عن أهمية تفكيك خطاب التهجير عبر تعزيز مقومات الصمود والبقاء، مشيرًا إلى أن البعد الديني والتاريخي يلعبان دورًا جوهريًا في ترسيخ الانتماء للأرض، حيث إن فلسطين ليست مجرد بقعة جغرافية، بل قيمة وجدانية عليا في حياة الفلسطينيين.
وأضاف تفال أن إحياء الذاكرة التاريخية وربط الجيل الجديد بالأرض أمر ضروري للحفاظ على الهوية الفلسطينية، مشددًا على أن حق العودة لا يسقط بالتقادم. كما دعا إلى ضرورة التعامل بواقعية مع هموم الناس ومشاكلهم اليومية، مع التأكيد على أن الإعلام يلعب دورًا في تضخيم بعض القضايا، ما يستدعي التعامل بحذر مع الخطاب الإعلامي الموجه.
رسالة واضحة برفض التهجير
اختُتمت الندوة بتأكيد المشاركين على أن مخططات التهجير لن تمر، وأن الشعب الفلسطيني سيبقى ثابتًا على أرضه رغم كل المحاولات الرامية إلى اقتلاعه. وشدد الحاضرون على أهمية ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز أدوات المواجهة السياسية والإعلامية في سبيل إفشال المشاريع الأمريكية والإسرائيلية التي تستهدف الوجود الفلسطيني.
وعكست هذه الندوة السياسية مدى خطورة المرحلة الراهنة، وحجم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في ظل القرارات الأمريكية الداعمة للاحتلال. وجاءت الرسالة واضحة: الرفض القاطع لخطط التهجير، والتأكيد على أن فلسطين ستبقى حية في وجدان أبنائها، مهما اشتدت المؤامرات.