النجاح الإخباري - بشتى الطرق والأساليب، ينغصُ الاحتلال على الفلسطينيين أينما يولوا وجوههم، متعمداً ممارسة سياسة العقاب الجماعي والعبث بحياة المواطنين والتحكم بها، والحواجز الإسرائيلية إحدى أبرز الوسائل الأكثر عنصرية لإذلال المواطنين، فأصبح من المستحيل، بل الأكثر استغراباً، أن تمرّ على حاجز عسكري ذات صباح أو مساء بسهولةٍ ويسر، في ظل إغلاقات متتالية تجبر المواطنين على المكوث لساعات طويلة أو انتهاج طرقٍ التفافية -إن وجدت- غير مؤهلة وتستغرق وقتاً طويلاً.

مساعٍ إسرائيلية لتنفيذ المشاريع الاستيطانية..

ويرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقرير أعده في هذا الإطار، بأن الحواجز العسكرية تشكل أحد أدوات السيطرة الإسرائيلية بما يعزز المشاريع الإستيطانية الهادفة إلى التفتيت الجغرافي والدميغرافي للأرض الفلسطينية المحتلة.
 
ورغم فرض المزيد من القيود على حرية الحركة منذ 7 أكتوبر 2023، كان من اللافت الزيادة الملحوظة في عدد الحواجز العسكرية، بالتزامن مع بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفي ذلك محاولة واضحة لزيادة الانتهاكات والجرائم في الضفة عبر الحواجز والتوسع في اقتحام المدن والمخيمات، وفقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
 

بعد 7 أكتوبر .. نصب 898 حاجزاً عسكريا وبوابة 

وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فقد وصل عدد حواجز الاحتلال العسكرية في محافظات الضفة إلى 898 حاجزاً عسكريا وبوابة، منها أكثر من 173 بوابة حديدية جرت عملية وضعها بعد السابع من أكتوبر عام 2023، منها 17 بوابة وضعت منذ بداية العام الجاري 2025

وقد أشار المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره، إلى الحالة الصعبة التي تواجهها المدن الفلسطينية بسبب الحواجز، ومنها محافظة سلفيت، حيث أقام الاحتلال بوابة حديدية على المدخل الرئيسي لبلدة ديراستيا، شمال مدينة سلفيت، وهو ما أدى إلى منع حرية تنقل المواطنين، ومؤخراً جرى إغلاق الطريق الذي يستخدمه المواطنون كبديل عن مدخل البلدة الرئيسي، وهو طريق التفافي، للوصول إلى وجهاتهم.

وفي الخليل، قطعت سلطات الاحتلال تواصل أنحاء المحافظة عن بعضها البعض وفرضت سياسة عقاب كاملة على المواطنين، وبلغ عدد البوابات الحديدية في المحافظة 50 بوابة، ووثق المركز عشرات الشهادات من سكان المخيم والقرى المحيطة بها  والمنطقة المغلقة في مدينة الخليل، حول سياسة العقاب الجماعي عليهم.


تأثيرات جمة ..
وفي هذا السياق، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "اوتشا"، "تعوّق القيود المشددّة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في شتّى أرجاء الضفة الغربية، والتي تشمل إغلاق الطرق وفترات التأخير طويلة على الحواجز وتركيب بوابات جديدة على مداخل القرى، قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية وإلى أماكن عملهم".

وأضاف أنه: "تشهد إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية في الضفة الغربية تدهورًا بسبب الأزمة المالية والقيود المفروضة على الوصول، إذ بات 68 % من نقاط الخدمات الصحية لا تملك القدرة الآن على العمل لمدة تزيد عن يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، ولا تعمل المستشفيات إلا بما نسبته 70 في المائة من قدراتها".

وتابع قائلا: "يتعرض الفلسطينيون لعمليات الاحتجاز الجماعي على يد القوات الإسرائيلية في شتّى أرجاء الضفة الغربية. ففي إحدى الأحداث التي وقعت في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، أشارت التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية احتجزت أكثر من 60 فلسطينيًا لمدة خمس ساعات على الأقل خلال اقتحام بلدة عزون في قلقيلية".


بسبب الحواجز .. تراجع في الحالة الإقتصادية
علاوةً على ذلك، فإن الحواجز الإسرائيلية أدت إلى تردي الحالة الاقتصادية بشكل أكبر مما هي عليه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد أوردت دراسة حديثه صدرت عن غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة، بأن الحواجز والإغلاقات أثرت بما نسبته 50.2% على المنشآت المستهدفة في قدرتهم على الوصول إلى الأسواق والعملاء والموردين.
وأعربت 48% من المنشآت المستهدفة أن الحواجز والإغلاقات المتكررة أثرت في قدرة الزبائن على الوصول إلى الأسواق، وفق الدراسة.

وأفادت 51.5% من المنشآت المستهدفة بأن الحواجز والإغلاقات المتكررة أدت إلى انخفاض الإنتاجية الإجمالية للمنشأة، و51% من المنشآت المستهدفة قالت إن الحواجز والإغلاقات المتكررة انعكست سلبا على المبيعات.

ويقول الباحث في مجال الاستيطان في بيت لحم حسن بريجية، "إن الحواجز أثرت بشكل واضح على الوضع الاقتصادي للمواطنين، حيث ارتفعت نسبة العائلات التي أصبحت تحت خط الفقر في بيت لحم إلى 36% وكان أحد أسباب الارتفاع الصعوبة التي تواجه تلك العائلات في التنقل"، ومن المهم الإشارة إلى أن ذلك ينطبق بنسبٍ متفاوتة على باقي محافظات الضفة الغربية.

ويشير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن هذه المعطيات تشير بوضوح إلى سعي الاحتلال إلى تفتيت الضفة الغربية وتحويلها إلى كانتونات منعزلة، فضلا عن إعاقة وصول المزارعين إلى المناطق الزراعية ومناطق “ج” والمناطق القريبة من المستوطنات، بما يسهل اعتداءات المستوطنين فيها والاستيلاء عليها، في إطار تكريس سياسات الضمّ الإسرائيلية".

وقد حذر المركز، من التداعيات الكارثية للقيود الإسرائيلية في الضفة، داعياً الجهات المسؤولة إلى ارغام الاحتلال على إزالتها فورًا لضمان حرية التنقل المكفولة بموجب المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وتشهد الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر 2023، تضييقاً وخناقاً إسرائيلياً ممنهجاً، تمثل في زيادة حملات المداهمات والاقتحامات والاعتقالات في صفوف المواطنين، وما أن أعلن عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ضمن المرحلة الأولى، شن الاحتلال حملة عسكرية واسعة أطلق عليها اسم "السور الحديدي" وبدأها في جنين وطولكرم، مؤكداً بأن هذه العملية ستتوسع بشكلٍ أكبر في الأيام المقبلة وغير مرتبطة بسقف زمني محدد، ضمن مساعي إسرائيلية هادفة إلى إرضاء اليمين المتطرف وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.