تمارا حبايبة - النجاح الإخباري - في سياق غزة، حيث الظروف الإنسانية الصعبة والضغط الكبير على البنية التحتية الصحية نتيجة الحصار المستمر والصراعات المتكررة، تتعقد جهود مكافحة انتشار مرض شلل الأطفال. فالبنية التحتية الصحية في غزة من نقص حاد في الموارد والمعدات الطبية والأدوية، بما في ذلك اللقاحات الضرورية للوقاية من هذا المرض وغيره من الأوبئة. ومع تقييد حركة الأفراد والبضائع، يصبح وصول اللقاحات والإمدادات الصحية إلى الأطفال الأكثر حاجة إليها أمرًا بالغ الصعوبة.
يعيش الأطفال في غزة في بيئة مكتظة بالسكان، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية مثل شلل الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تزيد الظروف النفسية والاجتماعية الصعبة من ضعف النظام الصحي المحلي في التعامل مع تفشي الأمراض والسيطرة عليها.
وفي تطور خطير، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان رصد أول حالة إصابة بشلل الأطفال في مدينة دير البلح، لدى طفل عمره 10 أشهر لم يحصل على التطعيم.
وحسب طبيب الأطفال، أكرم سعادة، فإن شلل الأطفال هو مرض فيروسي يسببه فيروس شلل الأطفال (Poliovirus)، ويعد من الأمراض المعدية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، خاصة الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي.
ويضيف سعادة للنجاح الإخباري فأن هذا الفيروس يمكن أن يؤدي إلى ضعف في العضلات، وفي الحالات الشديدة، قد يتسبب في شلل دائم وما يشكل نسبته 0001%
وعن طريقة العدوى، يوضح سعادة أن الفيروس ينتقل عبر الاتصال المباشر مع براز الشخص المصاب، أو من خلال المياه والأطعمة الملوثة، وغالبًا ما يصيب الأطفال تحت سن الخامسة.
وحسب ما أكده سعادة للنجاح الاخباري فإن شلل الأطفال يتجلى في أشكال متعددة؛ منها النوع الذي يؤدي إلى شلل دائم، وآخر لا يسبب الشلل ولكنه يسبب أعراضًا مشابهة لأعراض الإنفلونزا مثل الحمى، والتهاب الحلق، وآلام العضلات وهو يشكل ما نسبته 25% من مجمل الحالات وبدون تدخلات صحية فعالة، قد يؤدي انتشار هذا الفيروس إلى عواقب وخيمة على صحة الأطفال ومستقبلهم في غزة.
جهود مكافحة شلل الأطفال في غزة تعتمد بشكل كبير على حملات التطعيم المنظمة من قبل وزارة الصحة بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) واليونيسيف، التي تواجه تحديات كبيرة نتيجة الظروف السياسية والأمنية الصعبة. كما أن الوعي العام حول أهمية التطعيم ومكافحة شلل الأطفال في غزة ضروري للغاية لمنع انتشار هذا المرض والحفاظ على صحة الأطفال.
وفي هذا السياق، أعلن ما يسمى منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي السماح خلال الأسابيع المقبلة بإدخال حوالي 60 ألف جرعة لقاح إضافية لتطعيم أكثر من مليون طفل في قطاع غزة. كما سيتم السماح بإدخال الطواقم الطبية واللقاحات اللازمة للوقاية من الأمراض والأوبئة، بما في ذلك تلك الخاصة بفيروس شلل الأطفال.
و من المتوقع أن تصل إلى إسرائيل خلال الأسابيع المقبلة 43,250 قارورة تحتوي على اللقاحات المطابقة لنوع الفيروس المكتشف في العينات البيئية الجارية، ليتم نقلها إلى قطاع غزة. هذه اللقاحات تكفي لتطعيم أكثر من مليون طفل على مرحلتين، حيث يمكن إعداد 2,162,500 جرعة لقاح من هذه الكمية.
وذكر المنسق أن وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق تجري تقييمات منتظمة للأوضاع مرتين كل أسبوع بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف)، بهدف رسم صورة دقيقة لانتشار الفيروس في قطاع غزة. كما يتم عقد اجتماعات خاصة لإنجاز عمليات التطعيم بين السكان بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
مع هذه الجهود والتنسيق الدولي، يبقى الوعي العام حول أهمية التطعيم ومكافحة شلل الأطفال في غزة ضروريًا للغاية لمنع انتشار هذا المرض والحفاظ على صحة الأطفال ومستقبلهم.