خاص - النجاح الإخباري - بعد أن أعلنت حركة حماس موافقتها على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإبلاغها الوسطاء بذلك، جاء الرد الإسرائيلي بالسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في عملية عسكرية مباغتة، شملت غارات إسرائيلية مكثفة على أصغر بقعة جغرافية تأوي ما يزيد عن مليون ونصف مواطن بفعل عمليات النزوح المتكررة منذ بدء الحرب.
إقدام حكومة الاحتلال على اجتياح رفح لاقى تنديد ورفض واسع، وسط مخاوف من "مجزرة جديدة"، وقالت الخارجية المصرية عبر بيان لها “إن هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادا أساسيا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن للجرحى ودخول المساعدات"
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تتواصل فيه جولات المفاوضات في العاصمة المصرية القاهرة سعيا لإبرام اتفاق هدنة، يشارك فيها ممثلون عن دول الوساطة، بالإضافة إلى وفدين من إسرائيل وحركة حماس.
وعقب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. واصل أبو يوسف على هذه التطورات قائلاً، "إن الاحتلال يرفض الانصياع لوقف إطلاق النار ويمعن في مواصلة هذا العدوان كما هو متوقع، ويحاول إرضاء المتطرفين من وزراء حكومته، و استمرار حكمه من خلال الدم الفلسطيني، لأنه يدرك تماماً أنه في اليوم التالي لوقف الحرب لن تكون حكومة نتنياهو موجودة، وبالتالي استمراره منوط في مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني"
ويواصل أبو يوسف حديثه للنجاح " محاولة رفع العلم الاحتلالي عند معبر رفح، من أجل التأكيد على أنه يقوم بما يمكن أن يشكل استمرارا لهذا العدوان وجرائم ضد الشعب الفلسطيني"
وتعليقاً على ما نشرته صحيفة هآرتس عن اتفاقٍ مصريّ إسرائيلي أمريكيّ بتولي جسم مدني مسلح مراقبة معبر رفح بعد انتهاء العملية العسكرية، أكد أبو يوسف أن هذه المعلومات غير دقيقة بالمطلق، فالمعبر هو فلسطيني مصري وبالتالي لا يمكن القبول بأن يكون هناك أي أقسام تشرف عليه.
ويمضي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حديثه قائلاً "يحاول الاحتلال الحديث عن ما بعد الحرب، وخاصة أن لديه استراتيجية واضحة تماما بفصل قطاع غزة عن الضفة من أجل أن يكون هناك عدم إمكانية لقيام دولة فلسطينية، فيما يدرك الاحتلال أنه لا يمكن قبول اجتزاء لأراض من قطاع غزة أو أن يكون هناك قوات أجنبية أو غيرها، نحن نقول أن اليوم التالي لوقف الحرب هو يوم فلسطيني وليس يوما للاحتلال أو لأمريكا أو لغير ذلك"
وأسهب في ذات السياق قائلاً للنجاح "كثرة الحديث عن اليوم التالي للحرب، يهدف الاحتلال من خلالها إلى الترويج لمسألتين، الأولى هي فصل قطاع غزة عن الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس، ونتنياهو يتبجح بأنه هو الذي منع إقامة دولة فلسطينية، والأمر الثاني وهو ضرب التمثيل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل شطب حقوق الشعب.
"منظمة التحرير هي المسؤولة عن كل الشعب الفلسطيني، والحوارات التي جرت في موسكو وبكين مؤخراً بين حركتي فتح وحماس كانت تهدف إلى ترتيبات متعلقة فيما بعد الحرب والتأكيد على أن ذلك شأن فلسطيني خالص ضمن إجماع وطني" يضيف أبو يوسف
ويختتم أبو يوسف حديثه للنجاح بالقول "هناك شراكة أمريكية احتلالية واضحة تماما في مسار هذه الحرب، وما جرى في مجلس الأمن الدولي من خلال الموقف الأمريكي الذي كان يجهض كل محاولات وقف إطلاق النار أو إلزام الاحتلال بإدخال وتوسيع المواد الغذائية وغيرها، يؤكد على ذلك، وأيضا رفض الاحتلال للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضا ضرب عرض الحائط لكل قرارات محكمة العدل الدولية التي هي أعلى هيئة قضائية في العالم التي تتبع الأمم المتحدة"
مضيفاً "أنا أعتقد أن التحركات التي تجري في العالم والانتفاضة الطلابية في الجامعات الأمريكية والأوروبية وأيضا المسيرات والفعاليات التي تجري في معظم دول العالم ضد الحرب المجنونة على قطاع غزة، ستساهم في تضافر كل الجهود من أجل الضغط على الاحتلال والإدارة الأمريكية لوقف هذه الحرب.
إلى ذلك يذهب الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم إلى التأكيد بوجود تنسيقٍ أمريكيّ إسرائيلي في الدخول المباغت إلى رفح، مشيراً في ذلك إلى أن نتنياهو من المستحيل أن يذهب إلى رفح دون أن يبلغ الإدارة الأمريكية عن الهدف والمدة وكل هذه التفاصيل.
مضيفاً للنجاح "المتعجلون الحقيقيون هم الأمريكيون، وهذا النشاط الدبلوماسي والسياسي المحموم للإدارة الأمريكية يعكس رغبة أمريكية بضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة حتى ولو كانت الشروط ليست في مصلحة اسرائيل كلها أو جزء كبير منها، لأن الولايات المتحدة تخشى من تفاقم الوضع الداخلي على ضوء ما يجري الآن في الجامعات الأمريكية والأوروبية، ومن وجهة نظري فإن الإدارة الأميركية وصلت الآن إلى نهاية الطريق وفهمت بأنه لم يعد هناك أي مجال لأعمال عسكرية حقيقية"
وحول التعنت الإسرائيلي في الموافقة على المقترح المصري القطري يرى سويلم، بأن إسرائيل لن تستطيع أن تخرج الآن عن المشورة الأمريكية في هذا الظرف الذي تعتبر فيه عملية الوصول إلى حل، مسألة حيوية أمريكية، ونتنياهو لن يتورط أكثر لأنه في نهاية المطاف كونه فشل في تحقيق أهدافه منذ بداية الحرب، فما الذي سيحققه في رفح.
ويستدرك المحلل السياسي سويلم حديثه "العملية في رفح استعراضية وفقاً لما أكده محللون إسرائيلون، ولا فائدة منها ولن تحل ولن تغير جوهرياً في النتيجة التي ستصل إليها إسرائيل، وهذا ما يشير إليه محاولتهم رفع العلم الإسرائيلي عند المعبر"
وقدر المحلل السياسي عبد المجيد سويلم للنجاح، أن ما نشر حول تولي جسم مدني مسلح السيطرة على معبر رفح، سيكون ممكناً، لكن ليس كما تقول إسرائيل، لافتاً في هذا الإطار، بأن معبر رفح تشغيله تاريخياً يعود للاتحاد الأوروبي، والعودة بهذا المعنى ليس فيها أي انتصار لإسرائيل"