النجاح الإخباري - ليست المرة الأولى التي يعلن فيها قتل زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي. قبل ادعاء الجيش الروسي اليوم بانه قتله على الارجح في غارة شنتها طائراته في 28 أيار على اجتماع لقياديي التنظيم قرب من الرقة بشمال سوريا، افترض كل من واشنطن وبغداد والنظام السوري ذلك، من دون أن يعرف حتى الان ما اذا كان أي من تلك الادعاءات صحيحاً. وثمة أسباب وجيهة دفعت مراقبين الى التشكيك هذه المرة ايضا في مقتله.

  وظهر البغدادي الذي حوّل "داعش" منظمة ارهابية أخفقت تحالفات دولية وإقليمية فضفاضة في القضاء عليها، المرة الاخيرة في تسجيل صوتي بث في تشرين الثاني 2016.

ومع التراجع المستمر للتنظيم في سوريا والعراق، لا شك في أن قطع رأس التنظيمن إذا كان صحيحاً، سيشكل ضربة قوية له، وخصوصاً أنه بحسب خبراء الحركات الجهادية مفاوض ماهر، وسياسي قوي، وعالم دين، ورجل ذي نسب نبيل، وهو مزيج نادر لصفات قائد لتنظيم إسلامي عالمي متشدد.

وفي آخر التقارير عن المطلوب الرقم واحد حول العالم، أفادت وزارة الدفاع في بيان أنه "حسب المعلومات التي نحاول التحقق منها عبر قنوات عدة، كان زعيم تنظيم الدولة الاسلامية أبو بكر البغدادي يشارك في هذا اجتماع للقيادة في 28 أيار وقتل في الغارة"، موضحة ان الاميركيين أبلغوا سلفاً بالعملية.

 وأوضح البيان أن قيادة الوحدة العسكرية الروسية في سوريا "تلقت في أواخر أيار معلومات عن انعقاد اجتماع في الضاحية الجنوبية للرقة يشارك فيه قياديون من تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي"، و "التحقق من المعلومات أتاح معرفة ان الهدف من الاجتماع هو تنظيم قوافل لخروج المقاتلين من الرقة عبر الممر الجنوبي".

وفي تفاصيل الرواية الروسية أنه بعد تحليق استطلاعي لطائرة مسيرة، شنت مقاتلات سوخوي "اس يو-34" و"اس يو-35" غارات في 28 ايار بين الساعة 00,35 و00,45 بتوقيت موسكو (اي 27 أيار بين الساعة 21,35 و21,45 بتوقيت غرينيتش)، وقتلت في المجموع " نحو ثلاثين من القادة العسكريين وعددا من المقاتلين يصل الى 300".

وقبل روسيا، أعلن الاميركيون مقتل البغدادي بعيد بدء هجوم الجيش العراقي على معقل الجهاديين في الموصل.

كذلك، أعلن مسؤولون عراقيون مراراً مقتله. واليوم علق الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن على البيان الروسي بانه لا يستطيع تأكيده.

وحتى وزير الخارجية سيرغي لافروف صرح بأن روسيا ليس لديها تأكيد بنسبة مئة في المئة بأن البغدادي قتل.

  والى التشكيك االرسمي في السيناريو الروسي، سارع محللون الى تفنيده والتشكيك في احتمالات صحته.  

وعدد محلل شؤون الارهاب في شبكة "سي أن أن" الاميركية للتلفزيون بول كرويكشان خمسة أسباب للتشكيك في الاعاء الروسي.

وكتب في حسابه على "تويتر" أن المعلومات الاستخباراتية تفترض أن غالبية قيادي "داعش" خرجوا من الرقة قبل أشهر، وهو ما يناقض المعلومات الواردة في بيان وزراة الدفاع من أنه قتل في غارة على القرة.

واستبعد المحلل في أن البغدادي الذي اتخذ اجراءات أمنية مشددة كان سيحضر مجلساً عسكرياً موسعاً ل"داعش". الى ذلك ، لفت الى ان فكرة مقتل أكثر من 300 مقاتل من "داعش" في غارة واحدة ليست منطقية، مشيراً الى أنه لم ير تقارير ذات صدقية عن غارة كهذه.

 ولاحظ المحلل أيضاً أن "الولايات المتحدة لم ترصد على حد علمنا دردشات داخلية في التنظيم عن مقتل زعيم" للتنظيم.

 ومع كل ذلك، رأى سبباً إضافياً للتشكيك وهو أن البيان صادر عن روسيا المهتمة جداً في الظهور بمظهر القوة التي تقاتل "داعش"، في الوقت الذي ينصب تركيزها في أماكم أخرى.

 والبغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، مولود في مدينة سامراء شمالي بغداد عام 1971 لأسرة سنية متوسطة عرفت بالتزامها الديني. وتقول قبيلته إنها تنحدر من نسل النبي محمد.

اعتقلته القوات الأمريكية في شباط عام 2004، في مدينة الفلوجة، وأرسلته إلى معسكر الاعتقال في سجن "بوكا" حيث اعتقل عشرة أشهر كرس نفسه خلالها للأمور الدينية، إذ أنه كان يؤم المعتقلين في الصلاة، ويلقي خطبة الجمعة، ويُنظم دروساً دينية للسجناء. وشكّل تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم بعد الإفراج عنه في كانون الأول عام 2004.

(النهار اللبنانية)