النجاح الإخباري - تعيش فنزويلا واقعا سياسيا صعبا يكاد يضع المجتمع الفنزويلي على حافة الهاوية بسبب سوء الأحوال المعيشية والنقص المزمن في المواد الأساسية والغذائية على خلفية الهبوط الحاد في أسعار النفط الذي يعتبر محرك النشاط الاقتصادي في البلاد؛ وهو ما دفع الشعب إلى الوقوف في طوابير طويلة لساعات لشراء احتياجاتهم من الطعام.

وتعاني فنزويلا مأزقا كبيرا بعد تراجع عائداتها من صادراتها النفطية حيث انخفضت إلى ما دون 43 مليار دولار في عام 2015 مقابل 74 مليار دولار عام 2014 ويتعين عليها تسديد دين مستحق في العام الجاري بقيمة 10 مليارات دولار.. كما أنها باتت الآن صاحبة أكبر تضخم في العالم وذلك بنسبة 100%.

وأدت الأزمة الاقتصادية إلى انخفاض قيمة العملة الرئيسية للبلاد (البوليفار) بشكل حاد، حيث فقد تقريبا كل قيمته أمام الدولار الأمريكي فمنذ بداية العام 2012 وحسب أسعار السوق السوداء انخفض بنسبة 99% أمام العملة الأمريكية.

ولم تعد المؤسسات الحكومية في فنزويلا تعمل سوى يومين فقط من الأسبوع في محاولة من الحكومة لخفض فاتورة استهلاك الكهرباء والمياه يرافق ذلك نقص كبير في السلع الغذائية والدواء وغيرها من الضروريات مما جعل هذا البلد يعاني أكثر من زيادة معدل الجريمة بسبب الضغوط التي يتعرض لها الشعب الفنزويلي وفقا لتقارير دولية وعالمية.

وقد أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية إلى خروج حشود كبيرة من أنصار المعارضة في فنزويلا إلى شوارع كراكاس خلال يونيو الماضي يرتدون قمصانا بيضاء وهم يرددون " تسقط الحكومة" من أجل تنظيم استفتاء على بقاء الرئيس نيكولاس مادورو بعد أن فقد كثيرا من شعبيته بسبب الأزمة الاقتصادية في بلاده.

واجتاحت حالة من الفوضى العارمة البلاد على مدى ثلاثة أسابيع منذ مطلع أبريل الماضي بعد أن اتسعت أعمال العنف والنهب التي اندلعت خلال المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للرئيس مادورو والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 30 قتيلا واعتقال نحو 1300 متظاهر.

وكانت الأزمة قد بدأت تتصاعد عندما خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين مطلع أبريل الماضي في مظاهرات تطالب الرئيس بالتنحي وإجراء انتخابات مبكرة رافضة أي نوع من أنواع الحوار مع مادورو الذي كان قد أعلن قراره بمصادرة صلاحيات البرلمان وتحويلها للرئيس مع حرمان النواب من الحصانة.

وعلى الصعيد الدولي .. أعربت الصين عن أملها في أن يتمكن الشعب الفنزويلي من التعامل مع شؤونه الداخلية بشكل صحيح والحفاظ على الاستقرار الوطني والدفع بمسيرة تقدمه الاقتصادي والاجتماعي فيما أعلنت السلطات الأمريكية أنها تدرس عقوبات جديدة ضد فنزويلا ردا على إعلان الرئيس نيكولاس مادورو إجراء تغييرات دستورية.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال استقباله نظيره الأرجنتيني ماوريسيو ماكري في المكتب البيضاوي في 29 أبريل الماضي: "إن فنزويلا في وضع فوضوي".

وتدعم الولايات المتحدة الاحتجاجات التي تشهدها فنزويلا اعتراضا على قرار الرئيس نيكولاس مادورو بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد للحد من صلاحيات مجلس النواب .. وفي المقابل اتهم الرئيس الفنزويلي الولايات المتحدة الأمريكية وحزب المعارضة الرئيسي في البلاد بتدبير انقلاب عليه وذلك قبل ساعات من خروج مظاهرة حاشدة للمعارضة الفنزويلية.

وعلى الصعيد ذاته .. أدانت ثماني دول بأمريكا اللاتينية الاستخدام المفرط للقوة من قبل سلطات فنزويلا ضد المحتجين المدنيين وذلك بعدما وصل عدد قتلى الاضطرابات إلى 36 قتيلا، حيث شجبت الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وكوستاريكا وجواتيمالا وهندوراس والمكسيك وباراجواي تصاعد العنف في فنزويلا وحثت حكومتها على احترام حقوق الإنسان لمواطنيها.

وقالت الدول الثماني، في بيان مشترك، "ندين الاستخدام المفرط للقوة من قبل سلطات فنزويلا ضد المدنيين الذين يحتجون على إجراءات حكومية بما يؤثر على الاستقرار الديمقراطي ويتسبب في خسارة أرواح بشرية" فيما أعلنت كوستاريكا أنها استدعت القائمة بالأعمال آنا باتريثيا بيالوبوس في فنزويلا للتشاور واتخاذ ما يلزم بشأن الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد.

وكانت قوات الأمن في فنزويلا قد اشتبكت خلال الأيام القليلة الماضية مع محتجين أشعلوا حرائق ورشقوها بالحجارة تعبيرا عن الغضب من مرسوم صادر عن الرئيس نيكولاس مادورو بتأسيس جمعية تأسيسية بديلة تملك سلطة إعادة صياغة الدستور.

وتشهد فنزويلا منذ فترة ليست بالقليلة موجة هائلة من الاعتراضات والاحتجاجات نتيجة للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب البلاد رغم كونها بلدا غنيا بالنفط وقد طالبت المعارضة في فنزويلا بإطلاق سراح النشطاء السياسيين واستقلال البرلمان.

يذكر أن قوة الاقتصاد الفنزويلي قبل انهياره والتي استند عليها الرئيس السابق هوجو تشافيز طيلة فترة حكمه، كانت عبر النفط، حيث اعتمدت اعتمادا كليا على البترول كمصدر وحيد لاقتصادها وناتجها الإجمالي.. كما أن سياسة تشافيز في التأميم والمصادرة دفعت المستثمرين للهروب برؤوس أموالهم الضخمة إلى الخارج، ما أدى إلى انهيار القطاع الخاص.