إياد العبادله - النجاح الإخباري -

شن طيران الإحتلال الإسرائيلي غارة على نفق على الحدود المصرية مع قطاع غزة ليلة الخميس مما أسفر عن استشهاد مواطنين واصابة خمسة آخرين، واعتبر الإحتلال أن القصف جاء ردًا على صواريخ أطلقت من سيناء واستهدفت مدينة ايلات الاستراتيجية بالنسبة للاحتلال، المحللون السياسيون يرون بأن الإحتلال أراد الربط في حربه المزعومة ضد المقاومة المشروعة والإرهاب من أجل توصيل رسائل إلى الإدارة الأميركية الجديدة مضمونها أن غزة "كيان ارهابي"، فيما رأى آخر أنه يأتي في سياق محاولة لقطع الطريق على تنامي العلاقات "الحمساوية - المصرية" الأخيرة والتي تكللت بزيارة ناجحة لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والوفد الأمني رفيع المستوى إلى القاهرة في نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي.

"التقارب الحمساوي المصري"
ورأى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن هناك رابط بين ما جرى في الساعات الماضية من استهداف لتنظيم الدولة "داعش" لإيلات وبين قصف الاحتلال لمنطقة الأنفاق على الشريط الحدودي وبين ترميم العلاقة حركة حماس ومصر، مبينًا أن ما جرى يعكس الرفض الإسرائيلي للتقارب "الحمساوي- المصري"، وأشار إلى أن اسرائيل ومعها أطراف مثل "داعش" تتقاطع في المصلحة من أجل خلط الأوراق وحذف البوصلة باتجاه تخريبها بما يضمن عدم تخفيف الحصار عن قطاع غزة من قبل مصر.

وكشف أنه منذ اليوم الأول للإعلان عن التحالف الدولي ضد الإرهاب، واسرائيل تحاول أن تربط بين "المقاومة الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني" وبين تنظيم داعش من أجل المساس بالوعي العربي والإسلامي، وحتى لدى أحرار العالم الحاضنين للنضال الفلسطيني والداعمين للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هذا الربط تجلى واضحًا في عملية القدس الأخيرة عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن منفذ عملية الدهس من "داعش"، مستندًا على أن كل ما يحدث يأتي في سياق فك الارتباط بين المقاومة الفلسطينية والعمق العربي والإسلامي ومحاولتها تبرير السلوك الإجرامي ضد المقاومة، وابراز المقاومة المشروعة على أنها تتقاطع مع تنظيم الدولة.

رسالة موجهة إلى الإدارة الأميركية الجديدة

واتفق الكاتب والمحلل السياسي د. ناصر اليافاوي مع "الدجني" حول محاولة الإحتلال لوضع الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية المقاومة ضمن إطار التعامل الدولي مع تنظيم الدولة "داعش" وتسويقهم للعالم على أنهم منظمات إرهابية لا يختلفون في سلوكهم عن "داعش" وأنه لا فرق بين الإثنين وأنه يوجد بينهم تنسيق مشترك.
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية أرادت باستهدافها لقطاع غزة أن توصل رسالة للمجتمع الدولي مفادها بأنها تضرب مواطن الإرهاب، "حسب الرؤية الإسرائيلية" في قطاع غزة، موضحًا أنها رسالة موجهة إلى الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلة خطاباته الأخيرة الذي ادعى فيها بأن أوباما ترك اسرائيل وتحالف مع أعدائها.

واستعرض المخاوف الإسرائيلية في تحليله حول الوضع القائم، مبينًا أن التجارب الصاروخية الجديدة للمقاومة الفلسطينية، وإعلان اسرائيل احباطها لمحاولات تهريب أسلحة من بعض الدول العربية مثل ليبيا وسورية عبر البر والبحر، أثار قلها العميق إزاء تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، ومحاولة ابراز قضية تطوير السلاح من أجل ذبح غزة في أي لحظة.
وأشار "الدجني" إلى أن مؤشرات الحرب موجودة وقائمة، خصوصًا في الوقت التي تعيش فيه حكومة الإحتلال الإسرائيلي أزمة حقيقية نتيجة أكثر من سبب أبرزها، تقرير المراقب العام للدولة حول إخفاق حرب 2014 في تدمير الأنفاق، ومسألة الفساد واستدعاءات النيابة لرئيس الوزراء الإسرائيلي فضلًا عن صفقة الغواصات، الأمر الذي يحد من شعبية نتنياهو "الطموح" ويمنعه من الاتجاه نحو انتخابات مبكرة، كاشفًا أن اسرائيل بسلوكها القائم تحاول أن تصدر أزماتها الداخلية إلى الخارج المحيط، بالإضافة إلى استنتاج موقف الإدارة الأميركية الجديدة ورئيسها الحالي "ترامب"، من أي حرب جديدة مقبلة ضد غزة، وأكد على أن كل هذه العوامل تدفع صانع القرار في اسرائيل إلى اتخاذ قرار الحرب واستدراج المقاومة إلى أي عدوان متى تريد.
وبين أن الأوضاع الفلسطينية في قطاع غزة من حصار مستمر وتفاقم للأزمات، واستمرار حالة الإحباط، فضلا عن جهوزية المقاومة، كلها تشكل أسباب قائمة للحرب، مشيرًا إلى أن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك من النضج والوعي ما يجعلها تقرأ المعادلة جيدًا في دولة الإحتلال وفي طبيعة المشهدين الإقليمي والدولي، منوهًا إلى أن هذا الموقف أكد عليه قادة فصائل العمل الوطني في الإجتماع الأخير بإعلان تمسكهم بالتهدئة مع الإحتلال، وأشاروا إلى أن هذا الموقف يتطلب حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا وتدخل من قبل المجتمع الدولي، لوقف المراهقة السياسية لنتنياهو في قطاع غزة.

قرار الحرب مرتبط بالميدان

وشدَّد على أن عوامل الحرب والمواجهة مع قطاع غزة موجودة، ولكن مسألة اختيار التوقيت من الصعب تحديدها كون قرار الحرب مرتبط بالميدان والعمليات والأهداف، مؤكدًا على أن البيئة تسمح بذلك نتيجة الانقسام الذي يشهده العالم العربي وانشغال الحالة العربية بأزماتها الداخلية، إضافة إلى انشغال المجتمع الدولي في حالة الصراع العالمي وتشكل النظام الجديد، فضلًا عن انشغال الاتحاد الاوروبي في قضية محاربة الارهاب، لافتًا إلى أن الأوضاع باتت مهيأة لحرب في عام 2017، وأوضح أن إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية يشكلان عاملان مهمان في مواجهة التحديات القائمة.

فيما رأى "اليافاوي أن الإحتلال يجهز لمجموعة من الأهداف ويُحضّر من أجل بلورتها لأي لحظة يتم فيها استدراج المقاومة لحرب قريبة على غزة، فضلًا عن أن المتغيرات الدلية الأخيرة تسمح بعدوان جديد على غزة بفعل الانقسام والتغيرات الدولية والتي تجلى أبرزها في إدارة أميركية جديدة.
وتوقع المحللان بأن عام 2017 لن ينتهي قبل أن تشهد غزة عدوانًا جديدًا يكون هدفه الأساسي القضاء على القدرات الإستراتيجية للمقاومة الفلسطينية، والبحث عن بديل يدير قطاع غزة ككيان خالي من السلاح بما يضمن حالة الإستقرار على الجبهة الجنوبية لإسرائيل.
يشار إلى أن ما يقوم به الإحتلال من عمليات تصعيد ضد قطاع غزة يندرج في محاولة لتصدير أزماته الداخلية واستحقاقاته الخارجية والكشف عن سياسته الرامية إلى اعتبار غزة ملفًا وظيفيًا لتحقيق أهدافه الحكومة اليمينة المتطرفة والمتعثرة في قضايا الفساد.