النجاح الإخباري - أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) اليوم الثلاثاء، ورقة موقف لمواجهة القرار الأمريكي بشأن القدس من ناحية قانونية لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب "الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، وأكدت على أن إعلان ترمب "تشريع فاضح للسياسات الاستيطانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال التي تخالف المستقر في القانون الدولي الذي يحرم ضم الأقاليم المحتلة لدولة الاحتلال، ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي".

وأشارت إلى أن القرار الأمريكي الأخير يعمل على تقويض السلم والأمن الدوليين، ويعزز رقعة الخصام ويزيد من حدة الصدام بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال, الأمر الذي يعرض السلم والأمن الدوليين بالمنطقة للخطر، الذي يمكن أن يؤدي لمزيداً من المعاناة والنزف لحقوق شعبنا من قبل سلطات الاحتلال, ما لا يستقيم مع المسلك الذي تتخذه الأمم المتحدة حول العالم، بشأن الحفاظ على الاستقرار.

وأكدت على أن التوجه إلى مجلس الأمن بصيغة كان خيارا مطروحاً، ولكن حاليا يأخذ مقامة قرار الجمعية العامة الأخير الذي صدر بصيغة متحدون من أجل السلام، الرافض للإجراءات الأمريكية الاخيرة بشان مدينة القدس، والذي اعتبر أي إجراءات لتغيير طابع مدينة القدس لاغية وباطلة، وذلك بموافقة 128 دولة، وذلك ليلة أمس الخميس الموافق 21 ديسمبر/ كانون الأول 2017.

وأوضحت أن القرار الأممي الجديد، الذي نال موافقة أغلبية الدول حول العالم، التي لم تنصاع لتهديدات الأمريكية، وانتصرت للقانون الدولي، ولمجموعة المبادئ الراسخة التي تنظم العلاقات بين الدول، يكتسب أهمية خاصة كونه يعيد التأكيد  على المركز القانوني للقدس بصفتها إقليم محتلة وجزء من الأراضي الفلسطينية  المحتلة،  وأن كل ما اتخذته دولة الاحتلال الإسرائيلي وما اعقبها من إجراءات أمريكية غير قانوني ويتناقض مع القانون الدولي وبشكل خاص قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي.

وشددت على أن القرار أيضا أهمية استثنائية كونه جاء ليمنع انجرار بعض الدول خلف الولايات المتحدة الامريكية التي تهدف من إجراءاتها الأخيرة لمحاولة شرعنه عمليات الضم والاستيطان الإسرائيلي في مدينة القدس، ويفتح الباب واسعا أمام توظيف كل أدوات القانون والقضاء الدولي لمسائلة دولة الاحتلال ومن يساندها ويشاركها جرائهما المتركبة بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الراسخة في القانون الدولي.

وبناء على ذلك رأت الهيئة أن المعركة القانونية، طويلة، وتعطي الفلسطينيين العديد من الخيارات الديبلوماسية والسياسية والقانونية ، هذه الاخيرة من بينها السير  أمام لمحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وفقا لما يلي :

أولاً: محكمة العدل الدولية

أ- موضوعياً

تعتبر محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة, وتتولى المحكمة الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة, وبما أن فلسطين عضواً في الأمم المتحدة فيحق لها سلوك هذه القناة، لاستصدار حكم من قبل المحكمة بشأن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، خلافاً للقرارات والقواعد الراسخة في المنظومة الدولية بشأن القدس المحتلة،  وبذلك تضع أمريكيا نفسها محل المسؤولية الدولية, نظراً لشرعنتها الاستيطان الاسرائيلي واشتراكها في جريمة ضم الأقاليم المحتلة بالقوة، وهنا نستحضر فتوى هذه المحكمة التي أدانت الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس وجدار الفصل العنصري وعمليات الضم والذي صدر العام 2004, وعليه فإن القرار الأمريكي يتنافى مع المبادئ التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة، والتي أدانت كل العمليات التي تخل بالأمن والسلم الدولي. 

ب- إجرائياً

وبما تسمح به المادة (35/1)، فإن فلسطين يحق لها أن ترفع دعوى تحاكم بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية أمام محكمة العدل الدولية, وبالنظر للمادة (36/1) والمادة (36/2/ج) فإن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للاحتلال، يدخل في صمام عمل المحكمة كون السلوك الذي اتخذته، ينطوي على مخالفة وخرق صريح للمبادئ المستقرة بالميثاق، ويكون ذلك برفع دعوى حسب ما نصت عليه المادة (40/1)، اما بإعلان اتفاق خاص وإما بطلب كتابي يقدم الى مسجل المحكمة, ويكون الكتاب موضحاً فيه سبب النزاع.

ثانياً: المحكمة الجنائية الدولية: 

أ- موضوعياً

ان الاستيطان الذي تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، يعد جريمة حرب يعاقب ميثاق روما الناظم لعمل المحكمة، وبتمعن ميثاق المحكمة الجنائية الدولية نجد أن الاستيطان جريمة، ومسلك معاقب عليه وهو ما تحدثت عنه المادة (8/2/ب/8), نظراً لأن الاستيطان نهجاً إحلالياً، بموجبه يتم إفراغ الأرض من سكانها الأصليين بالقوة، وضمها لدولة الاحتلال، وفقاً لما تضمنه الميثاق في تعريف الجرمية في اطار المادة المشار لها سابقا،ً والتي نصت على أن قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر, بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها, أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.

وبموجب المادة السالفة الذكر فإننا نجد أن مرتكبي هذه الجريمة يقعون تحت طائلة المسائلة الجنائية الدولية، سواء أكانوا أفراد أم قادة, وبمتابعة المادة (27) فإننا نجد أنها جعلت الأفراد متساوين في العقاب على الجريمة، وأسقطت الصفة الرسمية عنهم أياً كانت رئيساً لدولة أو حكومة أو برلمان أو غيره من الأوصاف، ولا يمكن التذرع بالحصانة للحيلولة دون المسائلة والعقاب، وبالنظر للمادة (28) من الميثاق فإننا نجد أنه قد أفرد نصاً لمسائلة القادة الذين يشرعون هذه السياسة ويمارسونها، وفقاً للشق الثاني من هذه المادة, وعليه يمكن للسلطة الفلسطينية استغلال عضويتها في المحكمة الجنائية الدولية، بإدراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدراسة الأولية التي تقوم بها المحكمة، حول قضية الاستيطان كونه مساهماً أصلياً في هذه الجريمة استناداً لنص المادة (25/3/د).

ب- إجرائياً

يتضح من خلال النصوص الناظمة لعمل المحكمة الجنائية الدولية، أنه يتحقق لها الاختصاص الموضوعي لنظر جريمة الاستيطان بموجب المادة (8/2ب/8)، نظراً لأن الجريمة المرتكبة جريمة حرب تتمثل في الاستيطان، وأيضاً يتحقق للمحكمة الاختصاص الزماني، المتمثل بأن هذه الجريمة مستمرة، ويكون للمحكمة نظر هذه القضية في أوقات ارتكبت فيها هذه الأعمال، علماً بأن نظام المحكمة حصر اختصاصها بالجرائم المرتكبة بعد نفاذ نظامها، ودخوله حيز النفاذ وفقاً للمادة (11), وقد تحقق للمحكمة الاختصاص المكاني أيضاً بارتكاب هذه الجريمة على أرض دولة عضو في المحكمة بموجب المادة (12/2/أ).

وعليه يكون لدولة فلسطين، إدراج دونالد ترامب الرئيس الأمريكي على أنه أحد المساهمين في جريمة الضم والاستيطان، من خلال تقديم بلاغ بذلك للمدعي العام في المحكمة لينظر في ذلك, عملاً بأحكام المادة (14)من الميثاق.