رام الله - النجاح الإخباري - عبر المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، عن رفض دولة فلسطين لعدم إدراج إسرائيل على القائمة السوداء التي تضم منتهكي حقوق الأطفال في زمن النزاعات المسلحة، واعتبرها فشل أخلاقي وقانوني للأمم المتحدة.

أعلن عن ذلك في كلمته التي قدمها لمجلس الأمن في الأمم المتحدة في نيويورك خلال اجتماع رفيع المستوى عقد عبر خاصية التواصل المرئي برئاسة رئيسة جمهورية إستونيا (رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر)، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، بمناسبة صدور تقرير الأمين العام حول الأطفال في زمن النزاعات المسلحة، وبمناسبة مرور ٢٥ عاما لإنشاء البند الخاص بالأطفال في زمن النزاعات المسلحة، بما في ذلك ولاية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال في وقت النزاعات المسلحة، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكد أن الأطفال الفلسطينيين يواجهون عددًا لا يحصى من المخاطر والانتهاكات الجسيمة من قبل إسرائيل، كما يتجلى في التقارير المتتالية للأمين العام، بما في ذلك القتل والتشويه والاحتجاز والاعتقال والهجمات على المدارس والمستشفيات ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وكلها أسباب تستدعي إدراج إسرائيل في القائمة السوداء، ولا يوجد أي مبرر لفشل الأمم المتحدة المزمن في إدراج إسرائيل، الأمر الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو إنشاء خطة عمل علاجية وتحقيق المساءلة والعدالة للأطفال الفلسطينيين الذين لا يزالون ضحايا العنف والانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة، وأن حرمان الأطفال الفلسطينيين من الحماية التي يحق لهم الحصول عليها بموجب القانون الدولي في مواجهة الجرائم الإسرائيلية المتكررة يقابله تمتع إسرائيل بالإفلات الكامل من العقاب، مما يشجعها على مواصلة جرائمها.

وأوضح منذ بداية الاحتلال، استمرت إسرائيل في سياساتها الهادفة إلى إلحاق الأذى بجيل فلسطيني تلو الآخر لإخضاع شعبنا وسرقة أرضنا، فهذا الاحتلال العسكري الإسرائيلي يمعن في إلحاق الضرر في كل جانب من جوانب حياة الأطفال الفلسطينيين، بدءًا من سلامتهم وتمتعهم بحقوقهم الأساسية إلى نموهم ورفاههم النفسي والاجتماعي وصحتهم العقلية.

وبين أن الأطفال الفلسطينيين هم هدف أساسي لإسرائيل ولغاراتها واجتياحاتها العسكرية، فهي تخطفهم من غرف نومهم، وتعتدي على مدارسهم، وتشرد عائلاتهم وأسرهم، وتحرمهم من الرعاية الطبية اللازمة، وتقتلهم وتسبب لهم الإعاقة البدنية على يد قواتها وعلى يد مستوطنيها، وأن هذا كله يثبت أن استهداف الأطفال جزء لا يتجزأ من السياسات التي تضعها إسرائيل لفرض سيطرتها على شعبنا وأرضنا ومواردنا.

وقال: إن التقرير الحالي يدعي بأن إسرائيل "اتخذت إجراءات تصحيحية وعززت أطر الحماية القائمة من أجل حماية أفضل للأطفال". وهذه ادعاءات ليس لها أساس من الصحة وذلك بحسب الواقع والمعاناة التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون على الأرض، فلقد ازدادت الإجراءات والممارسات الإسرائيلية سوءًا، لتؤكد نمط الاستهتار بحياة وحقوق الأطفال الفلسطينيين، وأن الأسابيع القليلة الماضية وحدها تثبت مدى عمق أزمة الحماية التي يعاني منها الأطفال الفلسطينيون. فلم تتوقف اسرائيل عن قصف عائلات بأكملها في غزة، وحتى قتل الأطفال الرضع، وعن التهجير القسري في سلوان والشيخ جراح، وعن الاعتقال الجماعي التعسفي واستخدامها غير القانوني للقوة، بما في ذلك القوة المميتة والعشوائية واستهداف المدنيين، بمن فيهم الأطفال، فضلاً عن قصف وتدمير المباني السكنية وإلحاق أضرار بـالمستشفيات والمرافق التعليمية، مع تداعيات بعيدة المدى على صحة الأطفال وسلامتهم ورفاههم.

وقال إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة هو بمثابة حكم على الأطفال الفلسطينيين في غزة بالموت البطيء لأنهم محرومون من الرعاية الطبية العاجلة بسبب عدم وجود التصاريح الاسرائيلية أو التأخير في إصدارها أو بسبب عدم إمكانية الحصول على الأدوية والعلاج اللازمين، وأن هذا الحصار يعني عدم حصول سكان غزة على مياه الشرب المأمونة والصرف الصحي الملائم والطعام الآمن والتغذية الكافية والسكن، مما يتسبب في حرمان مئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين من قدرتهم على تحقيق كامل إمكاناتهم وحرمانهم من حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية.

وأكد منصور على أن المساءلة هي السبيل الوحيد لمنع تكرار الجرائم، ولإسرائيل سجل حافل في إظهار عدم استعدادها لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها شعبنا وأطفالنا وتجاهلها لسيادة القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وانتهاكها لاتفاقية حقوق الطفل بازدراء مطلق.

وقال إن عدم إدراج إسرائيل في قائمة منتهكي حقوق الطفل حتى يومنا هذا هو فشل أخلاقي وقانوني، فبعد مرور 25 عامًا على بدء هذا البند من جدول الأعمال، لا يمكن للأطفال الفلسطينيين الاستمرار في المعاناة من القمع الإسرائيلي والفشل الدولي في توفير الحماية التي يحق لهم الحصول عليها.

كما تطرق منصور إلى الجائحة العالمية في سياق الاحتلال الإسرائيلي وتأثيرها على الأطفال، وقال: قبل تفشي مرض كوفيد -19، كانت الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، متأثرة بفعل أزمة إنسانية وأزمة حماية بسبب الاحتلال الإسرائيلي المستمر، لذلك فقد ترك الوباء أثراً كارثياً على صحة الأطفال وتعليمهم ورفاههم وسلامتهم وحمايتهم وكذلك على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر الفلسطينية. وعبر عن امتنان دولة فلسطين لفريق الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا واليونيسيف، وكذلك الوكالات الإنسانية الدولية الأخرى، على مساعدتهم ودعمهم للشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفال واللاجئين، وخاصة في هذه الظروف الصعبة.