النجاح الإخباري - "فلسطين تتعرض لأسوأ أنواع الفصل العنصري "الأبارتهايد"، الذي قد يتعرض له أي شعب في العالم، لأنهم محاصرون في أماكن ضيقة، ومحددة، وغير قادرين على التنقل، والحركة بشكل سهل". هذا هو الانطباع الأول للقائد السياسي الجنوب أفريقي ماندلا مانديلا، حفيد الزعيم السياسي ورئيس دولة جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا، خلال زيارته الأولى لفلسطين، والتي ستستمر أربعة أيام.

ويصف ما رآه، بقوله: امتعضت كثيرا عندما اجتزنا الحدود من الأردن إلى فلسطين، ففي طريقنا من أريحا إلى رام الله وما شاهدته من مستوطنات يذكرني ما تعرضنا له أيضا في جنوب أفريقيا، لأننا كنا محاطين بعدد من المستوطنات، ولا يسمح لنا بالتنقل من مكان لآخر".

وأعرب عن سعادته لزيارة فلسطين، مشيرا إلى أن جده كان دائم الحديث عن نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبالأخص أيام الزعيم الراحل ياسر عرفات، خاصة في فترة حصاره في المقاطعة برام الله التي تعد من أكثر اللحظات سوءً في حياته.

وأضاف أن جده كان يقول إن "أبو عمار" لم يدعم الشعب الإفريقي فقط بالكلمات، ولكن بالموارد أيضا، كي يتخلص من الاحتلال، فهو لم يعتبره فقط صديقا بل رفيق درب.

واستذكر موقف الشهيد "ابو عمار" في خطابه في الأمم المتحدة عام 1974، الذي أكد فيه حق الشعب الجنوب إفريقي في الحرية، والمساواة، والحياة الكريمة، معلناً إدانته لنظام "الأبارتهايد" البائد، ووقوف الشعب الفلسطيني وتضامنه المطلق مع شعب جنوب إفريقيا.

كما تطرّق إلى زيارة جده إلى فلسطين عام 1996، ومقولته الشهيرة حينذاك: "إن حرية جنوب إفريقيا ستبقى منقوصة ما لم تحصل فلسطين على حريتها"، في إشارة واضحة إلى عمق العلاقة التي تربط جنوب إفريقيا بفلسطين، مشددا على أن بلاده وتحديدا أسرة مانديلا مستمرون على خطى جده لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته".

وأعرب ماندلا عن سعادته البالغة لزيارة ضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات، مؤكدا أنها مصدر فخر واعتزاز، قائلا: هذه رسالة لجدي أنني زرت ضريح صديقه، فهو كان متأثرا بكل شيء فعله، والفرحة كانت غامرة أيضا بعد زيارتي لميدان جدي، أن أرى شاهدين لهذين العظيمين في مكانيين قريبين، وبمدينة رام الله، أن هذا مصدر فخر واعتزاز.

كيف ترون امكانية نيل الفلسطينيين حقوقهم في ظل التعنت الإسرائيلي وعدم التزامه بالقرارات الأممية؟

نحن نؤمن بضرورة أن يتوحد الفلسطينيون بقيادة وحكومة واحدة، ومن تجربتنا في جنوب إفريقيا كنا نناضل لتوحيد الصوت الإفريقي، عبر انسجام وتكاتف الأحزاب السياسية كافة، حتى يتم محاربة الظلم الواقع علينا، وقد تمكنا بالفعل من الوصول إلى حركة التضامن العالمي مع جنوب إفريقيا.

أرى أن الرئيس محمود عباس يتبع هذه الاستراتيجيات، عبر قنوات مختلفة، أبرزها انضمامه للمنظمات الأممية، ومحاولاته الحثيثة لإيصال الصوت الفلسطيني، والمعاناة التي يتكبدها الفلسطيني للعالم أجمع، فهو يسير بالطريق الصحيح.

وبهذا الخصوص، أكد ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، فالمتابعة بما يحدث في فلسطين وميانمار من انتهاكات متواصلة ضروري لتوثيق ما يجري، ووقوف المجتمع الدولي عند مسؤولياته.

لن يهدأ لنا بال حتى ينال الفلسطينيون حقوقهم، لأننا نؤمن أن معاناتكم هي معاناتنا، وهمومكم هي همومنا، وسويا سنتجاوز هذه الصعوبات.

وفي معرض رده عما إذا أثر اعتناقه الاسلام في شباط 2016 على كيفية إدارته لقرية "مفيزوا" (فقد عينه جده في العام 2007 رئيسا لهذه القرية) بصورة خاصة، ولدوره في البرلمان الإفريقي، خاصة بعد الانتقادات الحادة التي تعرض لها، نفى ماندلا جملة وتفصيلا ما تم ترويجه حينها، بقوله: كل شخص له منصب في منطقة معينة، تختلف ديانته عن الآخر، هناك مسيحيون، ومسلمون، وديانات أخرى، وهؤلاء الزعماء في هذه المناطق يتبعون لعدة ديانات، وما روج عن أن اعتناقي الاسلام قد أثر على حياتي المهنية والسياسية، فأنني اقول لا، وهذا يؤكد جهلهم.

وحول زيارته بالأمس لمؤسسة ياسر عرفات، ومقابلة رئيسها ناصر القدوة، قال: حظينا بشرف زيارة المؤسسة، ونؤكد أنه عندما نحتفل بمئوية نيلسون مانديلا العام المقبل، سنسعى إلى ايصال الصوت الفلسطيني ومعاناة الشعب الفلسطيني، فهذا مهم جدا.

لماذا لم يفكر جدك عندما خرج من السجن بعد قضاء 27 عاما بالانتقام ممن مارسوا التمييز العنصري؟

جدي حارب وصارع حتى وصل للحرية، ولم يكن هدفه فقط تحرير الجماعة التي وقع عليها الاضطهاد والظلم، بل تحرير كافة المضطهدين (الأسود والأبيض) على حد سواء، وعندما أطلق سراحه رفض أن يعيش وبداخله غضب، لأنه لا يريد أن يشعر أنه سجينا خارج قضبان السجن، لذلك قرر أن يسامح لبناء شعب يؤمن بالوحدة.

ما الخطوات التي اتخذتها لتسير على خطى جدك؟

جدي رمز عالمي، والجميع يتطلع إليه من هذا المنظور، وأنا أؤمن أنه لن يكون هناك نيلسون مانديلا آخر، ولكنني احاول السير على خطاه، ودعم سبيل الوحدة. والشيء الذي تعلمته من جدي هو أنه خدم الانسانية على مدار 67 عاما، لذلك اعتقد أن دوري الصغير الذي أقوم به هو خدمة الانسانية بالقدرات المتاحة.

وحول مشاركته في الحفل السنوي للمنظمة العربية لحماية الطبيعة في الأردن، خلال الأسبوع الماضي، لدعم برنامجي القافلة الخضراء في الأردن، والمليون شجرة الثالث في فلسطين؟

جاءت مشاركتي بعد الحملة التي أطلقت لإفشال القمة الإسرائيلية-الإفريقية التي كانت مقررة في مدينة لومي في دولة توغو نهاية تشرين الأول الماضي، وكان لنا دورا أساسيا فيها، وهدفنا هو دعم وحماية الأراضي ضد المصادرة، وهذا ما يتم فعله من خلال زرع الأشجار، وبالنسبة لجنوب إفريقيا الأشجار هي سبب الحياة، وتمنح الأمل للأجيال القادمة.

المصدر: وفا