النجاح الإخباري - أشاد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الخميس في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، بالمحادثات الإيجابية التي عقدها الرئيس محمود عباس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في الثالث من الشهر الجاري، وبحفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس من قبل نظيره الأمريكي. ورحب المجلس بإعلان الرئيس الأمريكي جديته في حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي طال أمده، وشراكته مع الجانب الفلسطيني في هذا المجال. وشدد المجلس على أن الطريق إلى السلام واضح ومحدد، وهو الذي عبر عنه  الرئيس في لقائه بالرئيس الأمريكي، وهو تطبيق حل الدولتين بما يعني إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194، كما نصت على ذلك مبادرة السلام العربية التي أكد القادة العرب التمسك بها في القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي في الأردن.


وأطلع رئيس الوزراء أعضاء المجلس على نتائج زيارته إلى تركيا، ومشاركته في المنتدى الدولي لأوقاف القدس الذي عقد في اسطنبول برعاية وحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبمشاركة وفود من الأردن والمغرب وتركيا، التقى خلالها برئيس الجمهورية التركية، حيث أعرب له ولحكومة تركيا وشعبها الصديق باسم الرئيس محمود عباس وباسم شعبنا الفلسطيني، عن فائق الشكر والعرفان على وقوف تركيا الدائم مع نضال شعبنا ودعمها لحقوقنا المشروعة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير في دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف. وفي هذا السياق ثمّن رئيس الوزراء عالياً المكرمة التركية إثر لقائه بالرئيس التركي بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لدعم الخزينة العامة. كما أعرب خلال لقائه مع أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين عن شكره لكافة الدول العربية والإسلامية، الصديقة والشقيقة، والمندرجة في إطار منظمة التعاون الإسلامي، على ما تبذله من جهود متواصلة لنصرة القدس والدفاع عن مقدساتها.


وفي كلمته أمام المنتدى نقل رئيس الوزراء تحيات الرئيس محمود عباس وتحيات شعبنا إلى كافة شعوب الأمتين العربية والإسلامية، مشيراً إلى أنه يحمل معه معاناة أهلنا في القدس، الذين يتصدون لمحاولات تغيير الطابع العربي الإسلامي والمسيحي لمدينتهم ومقدساتها، ويحمل وجع أهلنا في قطاع غزة المكلومة المحاصرة، الذين يفرض الاحتلال الإسرائيلي عليهم عقاباً جماعياً ويخنقهم بحصار ظالم يصادر أبسط مقومات حياتهم، ويحمل نداء ومعاناة أبناء شعبنا في الأغوار وفي كل شبر من أرض وطننا، الذين يعانون من الحصار والظلم والعدوان، ويطوقهم الاستيطان والجدار وتتهددهم مخططات اقتلاعهم ومصادرة أرضهم ومواردهم ومصادر رزقهم، كما يحمل من فلسطين الأسيرة، معاناة أسرى الحرية في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، الثائرين في وجه الظلم والقهر وقساوة الأسر والسجان، الذين يصرون على نيل حقوقهم الإنسانية الأساسية والانتصار لمعاناة شعبنا وتطلعاته، ويواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام، رافعين راية الحرية والكرامة، ومسطرين بأمعائهم الخاوية، وعزيمتهم التي لا تلين، ملحمة تاريخية في الصمود والتحدي، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية لنصرة أسرانا البواسل وإنقاذ حياتهم، وإلزام إسرائيل بإنهاء ممارساتها القمعية ضدهم، والاستجابة لمطالبهم العادلة، كمقدمة للإفراج عنهم جميعاً دون استثناء أو شروط.


واستعرض رئيس الوزراء في كلمته كافة الإجراءات والممارسات العنصرية الإسرائيلية تجاه مدينة القدس منذ احتلالها عام 1967م، للسيطرة عليها وتغيير معالمها وعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، بهدف تهويدها واقتلاع الوجود العربي فيها، في انتهاك فاضح لكافة المواقف الدولية والقرارات الأممية التي تؤكد أن القدس الشرقية هي أرض فلسطينية محتلة منذ الخامس من حزيران 1967، وتشدد على وجوب عدم المس بمكانة هذه المدينة، وعلى ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وثمّن رئيس الوزراء الدور الأردني الهاشمي بقيادة جلالة الملك عبد لله الثاني، في الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك وفي حماية المقدسات وإعمارها وصيانتها، وفي الحفاظ على عروبة المدينة وأصالة هويتها. كما ثمّن الدور الهام الذي تلعبه المملكة المغربية الشقيقة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في دعم القدس لتعزيز هويتها وصون مكانتها التاريخية، كما أشاد بالدعم التركيّ المستمر لمدينة القدس، والذي يتوزع في الكثير من المجالات الثقافية والشبابية والتعليمية، وفي دعمها السخيَّ لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، لا سيما مؤسسة إحياء التراث ومدرسة دار الأيتام الصناعية.
ووجه رئيس الوزراء دعوته للمستثمرين من الدول العربية والإسلامية الشقيقة، للاستثمار، في أراضي الأوقاف التي تتركز غالبيتها في القدس وحولها، بما يساهم في الحفاظ عليها من المصادرة والضياع، وفي دعم صمود أهلنا والنهوض باقتصادنا الوطني، مؤكداً على جهود الحكومة لتطوير القوانين بما يمكن من الإدارة الفاعلة لأملاك الوقف الإسلامي وتهيئة الظروف المناسبة لحمايتها وتنميتها وتعزيز هويتها، بالاستفادة من تجارب أصدقائنا في الدول العربية والإسلامية.
وناشد رئيس الوزراء المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته المالية ومسؤولياته السياسية والتاريخية تجاه القدس، واتخاذ موقف موحد وصارم وفاعل، لإعانة المقدسيين على التصدي والصمود وحماية حقهم الطبيعي في التعليم والصحة والسكن، مشدداً على أهمية توفير الدعم وتوجيهه لقطاع الإسكان في القدس، من خلال منح البناء وإعادة الترميم، إضافة إلى دعم مؤسساتنا المقدسية، التعليمية والصحية، التي تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، مما يتطلب تنمية قدراتها المالية وتعزيزها لتمكينها من القيام بواجباتها في خدمة الوطن والمواطنين، مؤكداً على أن مأسسة واستدامة الدعم الموجه لقطاع التعليم في القدس، يعد أولوية كبرى، لمواجهة المخططات الإسرائيلية لتغيير المنهاج الفلسطيني والعبث بمضمونه الوطني والتعليمي، والتحريض على مؤسساتنا التعليمية.


كما استمع المجلس إلى تقرير من وزير المالية والتخطيط، حول اجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة لفلسطين الذي عقد في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، مشيراً إلى أنه استعرض في كلمته أمام المشاركين، إنجازات الحكومة في إصلاح إدارة المال العام، وزيادة الإيرادات، وخفض العجز وديون القطاع الخاص، رغم انخفاض الدعم الخارجي خلال السنوات الماضية، وطالب بتقديم الدعم المالي وزيادته للحكومة الفلسطينية، والوفاء بالتعهدات المالية السابقة فيما يتعلق بملف إعادة إعمار قطاع غزة. كما طالب بالضغط على حكومة إسرائيل لإلزامها بضرورة تصويب ملفات العلاقة الاقتصادية والمالية العالقة مع الجانب الإسرائيلي، التي طالبت اللجنة في اجتماعها العام الماضي إسرائيل بتصويبها، إلّا أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تماطل وتراوغ في تحقيق أي تقدم بشأنها.
وأشار وزير المالية والتخطيط إلى أن اللجنة قد أكدت في بيانها الختامي تأييدها لحل الدولتين، ودعمها لاستئناف محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بهدف تحقيق السلام في الشرق الأوسط كأمر أساسي لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين، ورحبت بتبني الحكومة الفلسطينية أجندة السياسة الوطنية للفترة 2017 - 2022، وشددت على ضرورة قيام الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بإحياء المناقشات على أعلى مستوى مالي واقتصادي، وبذل جهود مكثفة للتوصل إلى إغلاق الملفات المالية والاقتصادية العالقة، وإلى إنجاز المفاوضات بشأن الاتفاق المؤقت لشراء الطاقة من أجل تنشيط محطة توليد الكهرباء في جنين. وإكمال الاتفاق الدائم لشراء الطاقة، وأهابت بالمانحين حشد الموارد لتنفيذ الاتفاق، كما دعت جميع الأطراف المعنية إلى إكمال "اتفاق المياه (البحر الميت - البحر الأحمر)" الذي يهدف إلى تأمين 30 مليون متر مكعب من المياه إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ودعت إسرائيل إلى فتح المنطقة (ج) لمزيد من النشاط الفلسطيني، بما في ذلك إمكانية الوصول والتنقل، بغية تمكين التنمية الاقتصادية، وإلى بذل المزيد من الجهد لتيسير الوصول إلى الأراضي، والسماح لشركات التوزيع والشركة الفلسطينية للكهرباء والنقل (بيتل) بالعمل بكفاءة، وتعزيز كفاءة الإرسال، وتسهيل استغلال توليد الطاقة الشمسية بكفاءة في المنطقة )ج)، كما شددت على الحاجة إلى زيادة دعم المانحين للموازنة العامة لتكملة جهود الحكومة الفلسطينية الرامية إلى ضبط أوضاع المالية العامة، وتهيئة الظروف التي تمكنها من زيادة الاستثمار تدريجياً في قطاعات الاقتصاد الإنتاجية، وطالبت المانحين بالوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة.
واستمع المجلس إلى تقرير من وزير الحكم المحلي حول انتخابات مجالس الهيئات المحلية، مشيراً إلى أن لجنة الانتخابات المركزية قد استكملت كافة الإجراءات لإجراء الانتخابات يوم السبت الموافق 13/5/2017 في 145 هيئة محلية، والتي ترشحت فيها أكثر من قائمة. ودعا المجلس كافة المرشحين إلى التنافس الشريف للفوز بثقة ناخبيهم، كما دعا كافة أصحاب حق الاقتراع في هذه الهيئات إلى المشاركة في هذا العرس الديمقراطي وممارسة حقهم الطبيعي والدستوري في اختيار ممثليهم في مجالس الهيئات المحلية.
ووجه المجلس التحية إلى أسرانا الأبطال في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي الذين يخوضون معركة الكرامة والحرية، ويرسمون أروع وأنبل صور الشجاعة والبسالة في مواجهة عسف السجّان وقمعه، ويسطرون في نضالهم وكفاحهم المجيد فصول ملحمة الحريّة التي ترتقي إلى أعظم ملاحم التاريخ البشري في الدفاع عن الحق والعدل والحفاظ على حرية الإنسان وكرامته. وجدد المجلس مطالبته المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته إزاء معاناة أسرانا البواسل والتحرك العاجل لإنقاذ حياتهم وإجبار إسرائيل لوقف قمعها الذي تمارسه ضدهم والعمل الفوري على إطلاق سراحهم جميعاً دون شروط، وأعرب المجلس عن قلقه لصمت مؤسسات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والصحية والإنسانية الدولية إزاء معاناة أسرانا، وشدد المجلس على أن المجتمع الدولي يتحمل جزءاً من المسؤولية إزاء حياة أسرانا وإزاء القضية الفلسطينية بسبب عجزه عن التحرك الذي تقتضيه المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية. وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة أسرانا الأبطال الذين دخلوا في إضرابهم عن الطعام لليوم الخامس والعشرين على التوالي مرحلة الخطر الشديد.
كما وجه المجلس التحية إلى أبناء شعبنا في الوطن وفي الشتات بمناسبة الذكرى التاسعة والستين للنكبة التي تأتي مترافقة مع استمرار الجرائم الإسرائيلية ضد أرضنا ومقدساتنا وشعبنا الأعزل، وفي ظل تنامي المظاهر والتشريعات والسياسة العنصرية، مستنكراً إقرار الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية مشروع "قانون القومية"، الذي يكرس لدولة التمييز العنصري ضد أبناء شعبنا أصحاب الأرض الأصليين في كافة مجالات الحياة. وأكد المجلس على أن إقرار هذا القانون بالتزامن مع ذكرى النكبة، يهدف إلى منع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شُرِّدوا منها، ويحرم الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره على أرضه، ويعتبر اعتداءً صارخاً على الشرعية الدولية وقراراتها التي كفلت حقوقنا الثابتة في العودة وتقرير المصير، مشدداً على أن الوفاء لمعاناة اللاجئين ولحقوقهم في هذه الذكرى يستدعي منا جميعاً تحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة بين جناحي الوطن، واستنهاض طاقات شعبنا لتوفير المزيد من مقومات الصمود والبقاء في مواجهة مخططات الاستيطان والتشريد والاقتلاع، والبناء في مواجهة الهدم والتدمير، وحماية وصون هويتنا الوطنية، ومواصلة الكفاح لإنهاء الاحتلال وإنجاز الاستقلال. ودعا المجلس كافة فئات شعبنا إلى المشاركة الواسعة في مختلف الفعاليات التي ستقام بهذه الذكرى.
وثمّن المجلس مشاركة نخبة من الروائيات والروائيين العرب وأصحاب دور النشر العربية في أعمال ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية "دورة القدس... نبيل خوري"، والذي انطلق من 7-11 أيار 2017، مؤكداً أن دعم صمود شعبنا يمثل ضرورة وطنية وعربية لصون الرواية والذاكرة الفلسطينية، وعلى أهمية مد جسور التواصل مع العمق العربي والإنساني لمواجهة سياسات العزل الذي يحاول الاحتلال فرضها كأمر واقع إلى جانب الانتهاكات والاعتداءات اليومية. كما اعتبر المجلس أن الدورة الأولى للملتقى "دورة القدس... نبيل خوري" هي لتعزيز حضور القدس وفلسطين في الخطاب الثقافي العربي دعماً للصمود الوطني الفلسطيني.

وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على مشروع نظام المجلس الوطني للطفل، لحماية ورعاية الطفل الفلسطيني، وتكمن أهمية هذا النظام في رسم السياسات المتعلقة بالطفل، ومتابعة وتنسيق الجهود اللازمة لحماية ورعاية الطفل والسياسات ذات العلاقة، وإقرار معايير حماية حقوق الطفل بما ينسجم مع المواثيق الدولية والتطورات على المستوى العالمي وخاصة اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت لها دولة فلسطين، بالإضافة إلى المساهمة في التشريعات والخطط والسياسات والبرامج ذات العلاقة بالطفل وحمايته، وعمل تقييم لكل من الجهات المشاركة في تنفيذ هذه السياسات، وتقديم التوصيات لهذه الجهات بهدف تحسين وتطوير مشاركتها بما يحقق الصالح العام للطفل الفلسطيني.
وقرر المجلس إحالة كل من مشروع قرار بقانون معدل لقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة 2004م، ومشروع نظام عمل المركبات الحكومية للقطاع المدني إلى أعضاء مجلس الوزراء، لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.