علا عوض - النجاح الإخباري - رئيس الإحصاء الفلسطيني

المدير الوطني للتعداد

يمر اليوم العالمي للإحصاء هذا العام والإحصاء الفلسطيني في خضم تنفيذ التعداد العام الثالث للسكان المساكن والمنشآت 2017 باعتباره حجر الأساس وجوهر العمل الإحصائي والمصدر الرئيسي لرسم السياسات وصياغة الخطط الهادفة لدفع عجلة التنمية في فلسطين في مختلف المجالات، ويقوم على تنفيذ هذا المشروع  ما يقارب من 11,000 موظف يبذلون جهوداً استثنائية ويوصلون الليل بالنهار في سبيل تحقيق هذا الانجاز الوطني الهام، فلا بد من كلمة شكر وتقدير لهم بهذه المناسبة، والتي تأتي تقديراً واعترافاً عالمياً بأهمية عملهم.  إضافة الى ذلك يستضيف الإحصاء الفلسطيني الاجتماع التاسع للفريق عالي المستوى للتنمية المستدامة 2030، والذي تحمل استضافة فلسطين له رسائل عدة، أهمها إبراز الدور المحوري للإحصاء على الساحة الدولية، واعترافاً بأهمية الإحصاءات كأداة في صياغة استراتيجيات التنمية المستدامة، ورصد التطور الذي تحرزه فلسطين في تحقيق أهدافها التنموية لا سيما المتعلقة بأجندة التنمية المستدامة.

وبهذا اليوم، سأطرح مجموعة من المعطيات والتحديات الإحصائية التي تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي للشعب الفلسطيني، فهناك تحديات يفرضها علينا الاحتلال الإسرائيلي وبها يستهدف معظم الموارد الأساسية التي تعتبر أساسا مهما في إحداث التنمية الحقيقية للاقتصاد الفلسطيني، وهناك تحديات داخلية لا يمكن تجاوزها إلا من خلال تنفيذ الخطط الإستراتيجية القطاعية وبشكل تكاملي وبفاعلية وكفاءة عالية، فعلى أرض الواقع يستغل الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية، حيث لم يتبقى للفلسطينيين سوى حوالي 15% من مساحة الأراضي فقط، وبلغت نسبة الفلسطينيون 48% من إجمالي السكان في فلسطين التاريخية. حيث تضع سلطات الاحتلال كافة العراقيل وتشدد الخناق على التوسع العمراني للفلسطينيين خاصة في القدس والمناطق المسماة (ج) والتي تزيد مساحتها عن 60% من مساحة الضفة الغربية. ففي قطاع غزة  أقام الاحتلال الإسرائيلي منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي بعرض يزيد عن 1,500م على طول الحدود الشرقية للقطاع وبهذا يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على حوالي 24% من مساحة القطاع  والذي يعتبر من أكثر المناطق ازدحاما وكثافة للسكان في العالم بحوالي 5,000 فرد/كم2،  وفي الضفة الغربية تسيطر اسرائيل على اكثر من 90% من مساحة غور الأردن والذي يشكل ما نسبته 29% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع والذي عزل أكثر من 12% من مساحة الضفة الغربية.

كما أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية 413 موقع، منها 150 مستعمرة و119 بؤرة استعمارية، يقطنها 617,291 مستعمر، حيث تشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 21 مستعمراً مقابل كل 100 فلسطيني، بلغت في محافظة القدس حوالي 69 مستعمراً مقابل كل 100 فلسطيني (سياسة تهويد في القدس).إضافة الى ذلك يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 85% من المياه المتدفقة من الأحواض الجوفية، ويسيطر الاحتلال الاسرائيلي على معظم الموارد المائية المتجددة في فلسطين والبالغة نحو 750 مليون م3 سنويا, ولا يحصل الفلسطينيون سوى على نحو 110 ملايين م3 من الموارد المتاحة أي بنسبة (15%), مما يجبر الفلسطينيين على شراء المياه من شركة المياه الاسرائيلية "ميكروت", حيث وصلت كمية المياه المشتراه 70.2 مليون م3 حيث يعيد الاحتلال بيع المياه للفلسطينيين علما أن حصة الفلسطينيين من الأحواض الجوفية حسب اتفافية أوسلو تبدأ من  118 مليون م3 وكان من المفترض أن تصبح هذه الكمية 200 مليون م3 بحلول العام 2000 لو تم تنفيذ الاتفاقية المرحلية، فيما بلغت حصة الفرد الفلسطيني 82.2 لتر/يوم من المياه في فلسطين، ويتراوح هذا المعدل بين 84.3 لتر/يوم في الضفة الغربية, و79.2 لتر /يوم في قطاع غزة مع الأخذ بعين الاعتبار ان ما يزيد عن 97% من مياه قطاع غزة لا تنطبق عليها معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، وهي من حيث الكمية أقل من الحد الأدنى الذي توصي به المنظمة ذاتها وهو (100 لتر/فرد/يوم) كحد ادنى. (حصة الفرد في إسرائيل 5 أضعاف حصة الفرد الفلسطيني من المياه)،  ومع سوء المورد الأساسي للحياه في قطاع غزه المتمثل بمياه الشرب إضافة إلى الضغط الديموغرافي على أرض القطاع والذي ينعكس من خلال الكثافة السكانية المرتفعة، حيث يتركز حوالي  2 مليون شخص في مساحة لا تتجاوز 365 كم2 معظمهم من اللاجئين هذا من جانب ومن جانب أخر الحروب الثلاث الاخيرة التي حلت في القطاع والتي ادت إلى دمار شبه كامل في أبسط مقومات الحياه للفرد الفلسطيني هناك لتتصاعد معدلات البطالة والفقر وسوء التغدية وهو ما ينذر بكارثه بيئية وإنسانية وشيكه.

نتاجاً لكل ما ورد فإن الإقتصاد الفلسطيني يعاني من تشوه بنيوي في الهيكلية الإنتاجية وأن معدلات النمو متباينة ومتذبذبه بشكل دائم وهو ما يعكس ضعف وهشاشة هذا الإقتصاد وإعتماده بشكل أساسي على الإحتلال الإسرائيلي فهو إقتصاد تابع. كما أن الإقتصاد مر في عدة مراحل واضحه منذ عام 1995-2015 حيث بلغ معدل النمو من الفترة 1995-1999 حوالي 9% ما أن دخلت الإنتقاضة الثانية 2000-2002 ليتراجع مباشرة بمعدل 10% وفي  عام 2006 كان الحصار الخانق على فلسطين ليتراجع بنسبة 4%وخصوصا في غزة بنسبة 18% وتلى ذلك الإعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع في الأعوام 2008،2012 ونهاية 2014 لنجد أنه في عام 2014 تراجع معدل النمو في فلسطين بنسبة 0.2% وفي عام 2015، 2016 ارتفع بنسبة 3.4% ،4% على التوالي ولكن هذا الإرتفاع إذا تم ربطه بالزيادة الطبيعية للسكان ليدلل على مؤشر حصة الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي، نلاحظ ان نصيب الفرد لم يتجاوز معدل النمو فيه 1% في عام 2015 ، 2016 لنجد تباين عالي بين الضفة وقطاع غزة لنرى ان نصيب الفرد في غزة هو نصف نص