خالد مفلح - النجاح الإخباري -  

خالد مفلح
لم يكن الأستاذ الدكتور رامي الحمد الله "أبو الوليد" -كما يحب أن ينادى- رجلًا أكاديميًّا عاديًّا، إنَّه رجل جمع بين العلم وحبه وبين طموحه الكبير للوصول إلى أعلى المراتب الأكاديمية على مستوى فلسطين والعالم، تقلَّد الحمد الله مناصب أكاديمية عدَّة في جامعة النجاح الوطنية -وهي بداية مشواره الأكاديمي- حتى وصل به علمه ليتربع على عرش واحدة من أعرق الجامعات على مستوى العالم العربي والعالم أجمع، وهذا كله بفضل إدارته الحكيمة وحبّه لعمله ولوطنه ولشعبه. نقل بروفيسور رامي حمد الله جامعة النجاح الوطنية في عهده نقلة نوعية وضعها على خريطة العالم الأكاديمية، وأصبح اسمها يتردد في جميع الميادين العلمية على مستوى العالم حتى جعل كبريات الجامعات في الوطن العربي والعالم تأتي للاجتماع به ونسج علاقات أكاديمية مع هذه المؤسسة التي حلّ اسمها في كلّ مكان في العالم، كلّ هذا  وغيره جعل د. رامي حمد الله محط أنظار القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها فخامة السيد الرئيس محمود عباس " أبو مازن"، ليحمّلوه أمانة الوطن والمواطن ويكلّف الحمد الله بتشكيل حكومة الوفاق الوطني في يونيو عام (2013) بعد أن توصَّلت حركتا فتح وحماس إلى "اتفاق" ينهي سنوات من النزاع والخلاف والانقسام الذي مزَّق شطري الوطن منذ العام (2007).
عملتُ مع الاستاذ الدكتور رامي حمد الله سنوات طويلة خلال فترة عمله رئيسًا لجامعة النجاح الوطنية، فمعروف عنه أنَّه صاحب مدرسة جعلت الكثيرين من روداها يعشقون هذا الرجل، فهو أبيض القلب دقيق في عمله لا يتحدَّث كثيرًا، يعمل أكثر مما يقول، يفكر ويخطط بصمت، يعتمد على العمل الجماعي، ويستشير مستشاريه والخبراء كلٌّ في مجال اختصاصه ويأخذ برأيهم وهذا سرّ نجاحه، لا يسامح من يخطىء بحق الناس، أو يظلم أحدًا، لا يحمل غلًا على أحد يبتسم في وجه الجميع من يعرفه ومن لا يعرفه، يكون في مكتبه قبل الجميع حتى أنَّه جعل الكثيرين الكثيرين يقتدون به وهذا نوع من أنواع العلم في مدرسته، من لم يرافق الحمد الله  يومًا ما قد يقول إنَّ هذا مبالغ فيه، ولكن اسألوا من عمل معه وهم بالآلاف وليسوا بالمئات يخبرونكم من هو رامي حمد الله، يمكث في مكان عمله أغلب ساعات اليوم كانت الجامعة بيته الأوَّل، وكان حبُّه لها يجعله أقرب منها دون سواها.
خلال سنوات تولي الدكتور الحمد الله رئاسة الحكومة الفلسطينية استطاع بحنكته وبعلمه -وهو المعروف عنه أنه ليس بالرجل السياسي بل رجل الورقة والقلم، الرجل الأكاديمي والباحث والمؤلف، رجل يضع الخطط والاستراتيجيات وينفّذ بناءً عليها، كما أنَّه لا يعمل دون تخطيط أو دراسة- أن يُحدث الكثير الكثير على مستوى الوطن فهو من استطاع تخفيض مديونية السلطة الفلسطينية التي كانت تمرّ وقت توليه رئاسة الحكومة في  أزمة مالية كبيرة، وبلغت في حينه قيمة الديون الداخلية والخارجية (4.2) مليار دولار.. وقال في حينه سنبدأ البحث عن مصادر دعم بأسرع وقت، وسنقوم بترشيد الإنفاق، وجمع الضرائب، وتوفير موارد إضافية،

رجل فكر وخطط وقال يجب أن لا نجعل اعتمادنا الكلي على الدعم الخارجي، فنحن لا نعلم ما يخبئه لنا القدر،  فبدأ بمراجعة شاملة للوضع الفلسطيني في جميع المواقع وجميع المؤسسات ومن هنا بدأت خطة إصلاح شاملة في الوطن بشكل عام، ساهمت في تحسين الوضع المادي بشكل لا بأس به وكل هذا بتخطيط وتدبير من رئيس الوزراء الجديد في حينه.

جاء د.رامي الحمد الله ليتولى رئاسة الحكومة الفلسطينية في ظروف ليست بالسهلة ولا هي بالمفروشة بالورود والرياحين، فعلى الصعيد الداخلي استطاع رامي حمد الله أن يلملم ما أمكن جميع الأطراف حوله ووصل إلى الجميع وسمع من الكل الفلسطيني، زار أغلب بيوت الفلسطينيين في مناسباتهم المؤلمة أو حتى السعيدة، باب مكتبه ليس كباب أيّ رئيس وزراء في أيّ بلد فهو مفتوح للجميع ويعمل معه فريق من الخبراء والمتميزين والأكفاء.

على الصعيد الإقليمي كذلك وضعنا الفلسطيني ليس كما يتخيل البعض فهناك معادلات وتنقاضات لا تعدّ ولا تحصى إلا أنَّ حنكة وسياسة هذا الرجل الأكاديمي والسياسي الفتيّ استطاع أن يكون في المقدمة ويستقبل من أعلى رؤس الهرم في المحيط أجمع.

وأمّا عالميًّا فسمعة الرجل كانت أمامه، فهو معروف لدى المحافل الدولية بذلك الرجل الهادئ المبتسم والمفكر الذي شغل الكثير من المناصب الأكاديمية على المستوى العالمي لذلك كان العالم أجمع ومنذ نبأ اختياره لهذا المنصب الشاق قد أرسل إعلامييه إلى مكتبه في الجامعة لالتقاط صور حديثة له حتى تكون في ارشيف مؤسساته وماكيناته الإعلامية وترحيب دولي باختيار رجل أكاديمي ليشغل مؤسسة تتولى شؤون البلاد والعباد.

إذًا ترحيب واسع على الصعيد العربي والعالمي باختيار الرجل لهذا المنصب في ذاك الوقت بالذات، أما هنا في فلسطين فالترحيب رسميًّا وشعبيًّا وفصائليًّا حتى ممن هم ليسوا من اتباعه قالوا إنَّ هذا الرجل لا معادلات له ولا أجندات خارجية تلزمه، فهمه الوطن وطموحه خدمة المواطن هذا ما جعل الرجل ينجح أكثر وأكثر.

أبا الوليد أمامك مشوار طويل وطريقك ليست مفروشة بالبساط الأحمر، لكنَّك بحنكتك ودهائك وعلمك حتمًا ستجعل من فلسطين شيئًا جميلاً وبك ومعك وبتوجيهات فخامة السيد الرئيس محمود عباس سنعبر بر الأمان يومًا ما وستشرق شمس حريتنا بإذن الله.