النجاح الإخباري - لم تشهد الأيام الأربعة الأولى من مفاوضات جنيف 4 أي اختراق فعلي على صعيد التحضير لانطلاق المفاوضات، بل إنها أثبتت وجود صعوبات كبيرة أمام عملية التفاوض، خصوصاً مع محاولة النظام السوري التهرب من بحث الانتقال السياسي ومساعيه لتحوير المفاوضات إلى بحث نقطة مكافحة الإرهاب، وهو ما بدا واضحاً بعد التفجيرين اللذين شهدتهما مدينة حمص السبت، ما أفرز تحديات عدة أمام المعارضة، أبرزها منع حرف المفاوضات عن مسار بحث الانتقال السياسي، والرد على السلال الثلاث التي طرحها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.

ويبدو اليوم الإثنين حاسماً في مسار المفاوضات، خصوصاً أن المعارضة ستعطي ردها للمبعوث الأممي على الورقة التي قدّمها حول السلال الثلاث. وكان دي ميستورا وزع أوراقاً للوفود قال إنها "أفكار لجدول أعمال المفاوضات"، وتضمنت الأوراق تناول ثلاث سلال وهي "حكم" شامل غير طائفي ذو مصداقية، و"دستور" وفق جدول زمني معين، و"انتخابات" حرة نزيهة تجري تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة جميع السوريين. وشدد على وجوب بحث هذه السلال بـ"التوازي". ولم يغلق دي ميستورا الباب أمام تناول سلال جديدة إذا رغبت الأطراف بذلك، كتثبيت وقف إطلاق النار الذي تتولى بحثه اجتماعات أستانة، أو سلة إعادة الإعمار، كما عرض على الأطراف إمكانية الدخول في مفاوضات مباشرة.

وتُجري المعارضة السورية مباحثات مستفيضة حول الأوراق التي قدّمها دي ميستورا والتي تضمنت "أفكاراً حول جدول أعمال" المفاوضات السورية، وفق قرارات الأمم المتحدة ولا سيما بيان جنيف والقرار 2254، وسط تعدد الآراء حيال تقييمها بين من يراها "تلبي الحد الأدنى" وبين من يعتبرها "سيئة جداً". وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني المعارض، عضو الوفد المفاوض، عبد الأحد اسطيفو، إنهم ناقشوا أوراق دي ميستورا ووضعوا عليها الملاحظات وزادوا عليها بعض الأفكار، وسيبحثون ذلك خلال اجتماعات اليوم الإثنين مع المبعوث الدولي. وأكد اسطيفو في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "تطبيق عملية الانتقال السياسي هي مدخل أي عملية تفاوضية بالنسبة لنا"، كما نصّ عليها القرار 2118، لافتاً إلى ضرورة الالتزام بالجداول الزمنية التي وضعتها الأمم المتحدة والتي ذكرها القرار 2254.

وعقدت اللجنة المشتركة التي شكّلتها الهيئة العليا للمفاوضات السورية ووفد المعارضة في جنيف السبت، اجتماعاً جديداً لها أمس الأحد لبحث الأوراق المقدّمة، فيما تتوجس المعارضة من خوض غمار الحديث عن تلك الأوراق أمام الإعلام. وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، "إننا نعقد اجتماعات مستمرة من أجل مناقشة تلك الأوراق"، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المعارضة "لن تخرج من جنيف إلا بعد مناقشة عملية الانتقال السياسي، كما أكد عليه المبعوث الدولي".

وفي تأكيد على أن الورقة التي قدمّها دي ميستورا تحتوي على بند الانتقال السياسي، قال عضو الوفد الاستشاري يحيى العريضي لـ"العربي الجديد": "هي ورقة في مقدمتها الحوكمة، أي بمعنى إيجاد طريقة حكم والأمور الأخرى التي ينص عليها جنيف والقرارات الدولية". بينما قال مصدر آخر من المعارضة السورية لـ"العربي الجديد" إن هناك تقييمات مختلفة بين أعضاء المعارضة حول أوراق دي ميستورا، لافتاً إلى أن هناك من يراها جيدة وفي الحد المقبول، وهناك من يراها لا تلبي مطالبه.

وحث ممثلو مجموعة أصدقاء الشعب السوري المتواجدون في جنيف،وفقا لصحيفة"العربي الجديد" المعارضة السورية على "عدم التخوف من مناقشة الدستور"، معتبرين أن فتح السلال الثلاث سوف يربك النظام وهو لن يتمكّن من وقف المفاوضات أو حتى تحويل مجرى العملية السياسية إلى مكافحة الإرهاب، وذلك حسب ما ذكر مصدر دبلوماسي غربي لـ"العربي الجديد".

مقابل ذلك، يحاول وفد النظام التهرب من الإجابة عن مقترحات دي ميستورا، وذلك بعد هجمات مدينة حمص يوم السبت، وهو ما ترجم بقول رئيس الوفد بشار الجعفري للصحافيين من جنيف إن أولوية النظام هي "محاربة الإرهاب وليس أي شيء آخر". وكشف مصدر دبلوماسي غربي لـ"العربي الجديد" أن النظام أرسل رسالة إلى المبعوث الدولي، يوم السبت، طلب فيها عقد جلسة استثنائية لبحث الهجمات على مدينة حمص وضرورة التركيز على محاربة الإرهاب. وأشار الدبلوماسي الغربي إلى أن النظام، عقد عبر الجعفري لقاء بدي ميستورا يوم السبت، "نجح في نقل الأنظار من القضية الأساسية التي ركز عليها دي ميستورا في ثلاث مسائل هي الحكم والدستور والانتخابات إلى محاربة الإرهاب"، مؤكداً أن دي ميستورا حوّل قضية مكافحة الإرهاب إلى اعتبارها قضية دولية، كما أعطى اجتماعات أستانة صلاحيات التفاوض حول تثبيت وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين، وجعل من جنيف مسرحاً للتفاوض حول العملية السياسية فقط، حسب قوله.