النجاح الإخباري -
الحديث عن التقارب بين حركة حماس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان يُشبه إلى حد كبير قصة "زواج المحلل" فحماس التي قررت على ما يبدو الابتعاد عن قطر تدريجيا، ستحتاج إلى محلل يعيد إليها العلاقة التي كانت سابقا جيدة مع عدة دول عربية ومن بينها مصر، فلم تجد الحركة إلا محمد دحلان الطامح بالعودة إلى غزة وتقاسم الأدوار فيها وفق ما يتردد من أنباء، ويسعى دحلان أن يكون عراب التقارب الحمساوي المصري على أمل أن تحصل الحركة على دعم سياسي ومنه إلى تقارب آخر مع دول عربية ثرية للحصول على دعم مادي.
الثمن سيكون قطيعة في العلاقات مع قطر، ونبذ الدوحة، والامتناع عن الحج السياسي في طهران، وتأييد مطلق لمجموعة كبيرة من الأنظمة العربية في الحرب والسلم، هذا السيناريو وارد الحدوث بنسب متوسطة في حال صحت الأنباء التي تم تسريبها مؤخرا على إثر الزيارة التي أجراها وفد حركة حماس إلى القاهرة برئاسة يحيي السنوار، فيما تحدث الإعلام الإسرائيلي عن مبادرة مصرية تعيد إدخال محمد دحلان للحلبة السياسية الفلسطينية 
وكان الدكتور أحمد يوسف القيادي بحركة حماس قال إن دحلان التقى نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة وفد حماس برئاسة يحيي السنوار القائد الجديد للحركة بقطاع غزة، 
فيما زعم فايز أبو شمالة وهو أحد المقربين من دحلان أن هناك بلورة لمذكرة تفاهم ثلاثية سيتم توقيعها قريبا بين مصر وحماس ومحمد دحلان، بهدف ترتيب الأمور بقطاع غزة، مشيرا إلى أنها تقضي بعدم تفكيك لجنة إدارة شؤون القطاع التي شكلتها حماس، مع الإبقاء على ملف الأمن ووزارة الداخلية بالكامل مع حركة حماس، وسيتولى دحلان السياسة الخارجية والدبلوماسية، ويحشد التمويل والدعم الدبلوماسي والسياسي للحالة الجديدة في قطاع غزة.
"الزوج المحلل" والذي كان على الدوام العدو الأهم لحركة حماس ربما ينجح إلى حد ما في إقناع مصر بإجراء بعض التسهيلات على معبر رفح وفتحه بشكل جزئي، وربما يقنع دولًا مثل الإمارات بتقديم الدعم المادي لحماس لكسب ولائها، لكنه لن ينجح بكل الأحوال في ضمان ولاء حماس فتاريخيا الحركة لم تثبت على موقف اتجاه أي دولة، فسوريا كانت مقرا لإقامة خالد مشعل وقيادات حماس في الخارج وإيران كذلك الأمر والحركة تخلت عن هاتين الدولتين من خلال التحرك القطري حيث عملت الدوحة على كسب ولاء الحركة وأغرقتها بالأموال مقابل تخلي حماس عن دعمها لدمشق وكذلك طهران الداعم الأهم لنظام بشار الأسد.
وبالتأكيد دحلان لديه من الذكاء ما يكفي لتوقع انقلاب حمساوي في المستقبل في حال حدوث توافق الآن، وعليه فإن أي اتفاق بين الطرفين سيكون هشًا مع تلاشي ضمانات الاستمرارية لأي اتفاق، كمان أن حماس نفسها لن تجد في دحلان الشخص الأمين لصناعة هكذا اتفاق، وما يمكن أن يحدث على أرض الواقع هو "التقاء مصالح" لن يستمر طويلا، ولن يكون محل ترحيب كل قيادات حماس ولن يكون من السهل تطبيقه على أرض الواقع.
حماس التي لا تؤمن مكر دحلان سيكون لديها البدائل التي تلجأ إليها للخروج من أزمتها الراهنة، وأول بدائلها هو التوجه إلى حرب مع الاحتلال في محاولة لخلط الأوراق واللعب على الوتر العاطفي للشعوب العربية لتخفيف عزلتها وتأجيل مرحلة الموت السريري إلى فترة أطول، لكن في حال جرت حماس القطاع إلى حرب جديدة لا يمكن أن تكون كسابقاتها ولن تكون معركة لأيام، انما قد ينذر الأمر بحرق القطاع بأكمله والغرق بكل غزة، ولا يمكن بالتحديد تصور ما يمكن حدوثه في حال تم الذهاب إلى هذا الخيار.
حماس اليوم تعيش في مأزق والفلسطينيون في غزة لن يطول صبرهم على أزمات مثل الكهرباء والحصار وغيره، وبالتالي فالحركة مجبرة على ايجاد الحلول إما باتفاق هش يرعاه "الزوج المحلل" وإما بجر غزة إلى حرب وهو سيناريو له من يرافقه من خطوات وتبعات.