النجاح الإخباري - منذ إعلان دول خليجية وعربية مقاطعة قطر، والشارع الفلسطيني يخشى حدوث انعكاسات على قضيته، لا سيما أن انشغال العالم العربي بالمزيد من الإشكاليات والمعضلات سيجعل الاهتمام في القضية الفلسطينية يتراجع للخلف أكثر فاكثر.

ومنذ أيام ينشغل الكثيرون بما يثار حول عقد تفاهمات بين حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة والقيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، فما هي حقيقة هذا الأمر؟  وهل بالفعل المتغيرات العربية ستفضى إلى تفاهمات بين حماس ودحلان لإدارة القطاع؟

محللون استطلعت "النجاح الإخباري" ارائهم يعتقدون ان ما يثار حول هذه المسألة يصنف ضمن "المبالغات"، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الخيارات أمام حركة حماس باتت ضيقة وخاصة بعد الأزمة الخليجية مع قطر. 

العبرة في التفاصيل

المحلل السياسي الفلسطيني، اكرم عطا الله، يوضح أن المعلومات المتداولة حول التوجه لعقد اتفاق بين حماس ومحمد دحلان، ليست كما يتم تناقله في وسائل الإعلام، مؤكدا أن ما تحدث به سمير المشهراوي، كلام عام، ودائما ما تتفق الأحزاب على العموميات، ولكن العبرة في التفاصيل، وأن عودة دحلان لغزة ترتبط بالتفاصيل.

وقال عطا الله لـ"النجاح": "علينا أن نكون حذرين في الحديث عن التوافق الفلسطيني".

ويعلل ذلك بأن التوافق شيء شاذ بالشأن الفلسطيني، وأن هذا مرهون بأن تطبق حركة حماس بما اتفقوا عليه، ولكن التجربة الفلسطينية فيها مشكلة بالتفاصيل.

القاهرة بمنأى

وفي ختام حديثه قال: "أعتقد أن القاهرة كانت بمنأى عن الاتفاق، ولا يمكن فصل ما حصل من تطورات إقليمية، وربما أن دحلان بمساعدة القاهرة عقد تلك التفاهمات لأن حماس بحاجة لمن يتلقفها، ولا يوجد لها غير خيارين، الأول الصدام مع إسرائيل وينتج عنه تدمير القطاع وخسائر وإعمار وغيرها وهذا مأخوذ من التجارب السابقة، والخيار الآخر الذهاب إلى إيران، وهذه بالحسابات الوطنية والقومية وأقصد بالوطنية حسابات دحلان والمشهراوي، أنه بما معناه يرى دحلان أن تأتي إليه حماس أفضل من أن تذهب إلى إيران، وربما كان هذا التوافق بنتيجة لما حصل بخصوص قطر".

لا جديد

ومقارنة مع حديث عطا الله فإن المحلل السياسي عبد المجيد سويلم يقول لـ"النجاح الإخباري": "برأيي لا يوجد اي شيء جديد حقيقي وجوهري على هذا الصعيد، على الواقع يوجد علاقات بين دحلان وحماس، وهناك نوع من التفاهم الضمني بين الجهتين، ولا يوجد جديد، والاجتماع الذي تم الحديث عنه في القاهرة لا يتعلق بالمصالحة، بل بترتيبات بين مجموعة دحلان مع حركة حماس، وقد تم هذا الاجتماع على مستوى اقل من دحلان، وقيل على لسان بعض المقربين من اوساط ذلك الاجتماع ان المسألة تتعلق بترتيبات خاصة بين حركة حماس ودحلان، ولا يتعلق الأمر لا بمصالحة ولا بتغيير موقف مصري من الشرعية الفلسطينية، وليس له أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد".

الأوراق الصغيرة !

ويضيف سويلم "حماس تبحث عن حلول تتوهمها للخروج من الأزمة التي تفاقمت كثيرا بعد الأحداث الأخيرة في الخليج، فحماس بدلا من الذهاب باتجاه الشرعية الوطنية الفلسطينية والاختباء في عباءتها، هي تحاول أن تتلعب على أوراق صغيرة هنا وهناك، متوهمة ان هذا يمكن ان يساعدها على التخلص من هذه الأزمة، وللأسف الأخوة في حركة حماس لا يدركون ماهية المخاطر القادمة عليهم من أطراف كثيرة، وخصوصا من الإقليم العربي اذا ما بقيت تمارس هذه السياسة، وبالنسبة لإسرائيل هذا سيشكل غطاءً سياسيا لها في توجيه ضربة لقطاع غزة في أية لحظة، بدلا من كل ذلك تحاول حركة حماس الاختباء وراء هذه المسألة".

ويوضح سويلم أن الشيء الأفضل لحركة حماس سيادة العقلانية، وهي المصالحة الوطنية الحقيقية القائمة على الشراكة الوطنية، وإعادة اللحمة للسبق الوطني الفلسطيني لأن في ذلك إنقاذ للوضع الداخلي ولحركة حماس نفسها.

ويضيف: "نحن حريصون على هذه الحركة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الوطني الفلسطيني، وعليها ان تدرك المخاطر التي تحيط بها، والشرعية الفلسطينيية تمد يدها لها اذا ما كانت جادة في هذا الأمر، ولذلك أنا اعتقد أنه يجب على حركة حماس أن تغادر من الميدان ولديها ميدان وطني كبير يسيقبلها ويرحب بها، وسيحسب لها مثل هذه الخطوة إذا ما اقدمت عليها بشجاعة المراجع والناقد لنفسه وادارك مثل هذه الخطوة، انا اعتقد ان حركة حماس مطالبة بان تتحمل مسؤوليتها باتجاهه نفسها وباتجاه القضية الفلسطينيية عموما".

قطر وتركيا 

ويقول "إن تكون دولة في غزة فهو احتمال غير وارد باي شكل من الاشكال، وإن كانت اسرائيل تعمل ليل نهار على تكريسه فنحن نعتقد انها فشلت وستفشل ولن تقوم ابدا، وكل الاوهام حول هذه المسألة حتى وإن غذيت احيانا من الاخوة في قطر وتركيا، فانهم باتوا يدركوا ان هذه المسألة مستحيلة وعليهم التراجع، من هذا النهج بكامله وليس هناك مصلحة لاحد باستمرار الشق في وحدة السلطة الفلسطينية الا اسرائيل، ولذلك اعتقد انه بنهاية المطاف اننا كفلسطينيين سنعمل على شد حركة حماس للجسد الوطني وانهاء المعاناة لشعبنا واهلنا في قطاع غزة، واذا اصرت حماس ع موقفها بالانقسام ستدفع الثمن أولاً وسيكون غالياً".

ويرى سويلم أن زيارة وفد حماس للقاهرة يحمل عدة ابعاد، ومنها تعرف القيادة المصرية على القيادة الحمساوية الجديدة، فالقيادة المصرية من موقع مسؤوليتها أعادت طرح المشكلات القائمة بين مصر وحماس، وأنها تأمل دائما ان تتراجع حماس عن نهجهها وتتصالح مع محيطها العربي والاقليمي والفلسطيني.

ويعتقد سويلم أن دعوة المصريين لحركة حماس لزيارتهم في مصر تاتي لهذا السياق.

لا يمكن البناء على إشاعات

ويؤكد الكاتب طلال عوكل أن المؤشرات على الأرض لا توحي بوجود اتفاق بين حماس ودحلان، على الرغم من عقد قيادات من حماس لقاءات مع شخصيات محسوبة على دحلان في القاهرة، لكن لا يوجد أي إعلان رسمي أو معلومات حقيقية يمكن البناء عليها، وبالتالي من الصعب التعقيب على إشاعات.

مشددا في الوقت ذاته أن حماس تعيش مرحلة صعبة بسبب المتغييرات العربية الأخيرة وعليه، فهي قد تجد في دحلان المخرج من ازمتها.

مصالحة شاملة

وكان القيادي في حركة حماس، صلاح البردويل، قال في حوار مع وكالة "سوا" إن حركته اجرت لقاءات مع تيار دحلان خلال الزيارة الأخيرة للقاهرة، إضافة إلى لقاءات أخرى جرت هنا في غزة.

وأضاف: " جلس قادة من التيار التابع لدحلان مع وفد حماس بمصر، جلسات متعددة ووضعوا تصورا لإعادة تفعيل لجنة التكافل، التي شكلت من أجل التمهيد للمصالحة المجتمعية وترطيب الأجواء إضافة لتقديم معونات إنسانية مشتركة".

ولفت إلى أنه تم وضع تصورا أيضا لمصالحة مجتمعية حقيقية، مرجحا أن يكون ذلك "تمهيدا لمصالحة كبرى تشمل كل جهات حركة فتح بما فيها أبو مازن".