كايد معاري - النجاح الإخباري - رحل في العاشر من اذار قبل ثلاثة أعوام الشهيد ساجي درويش، تاركا خيله تصهل على قبره حزنا، وتاهت الحروف في تأبينه، وتبعثرت  خواطر الناس وأحساسيهم على صفحات التواصل الإجتماعي التي لم تكن تعني شيئا لساجي، وباسل على حد سواء.

واليوم يرحل باسل برشاقة عداء إفريقي، وغلف عروج روحه إلى السماء بغموض آخروي، مخلفا لنا حق تأليف رواية الكارثة والبطولة كما نشتهيها.

شهر اللوز ونواره في فلسطين يمر مرورا قاسيا، وذاكرتي لا تحمل كثيرا من العلامات الدالة على مرارة الرحيل، وتحويل الزهور إلى أحاديث يطويها الزمن في درج النسيان، ذلك كونها تحدث كل مرة، وفي كل مرة يكون العويل ذاته.

باسل لم يشكل خطرا  امنيا ووجوديا على دولة الاحتلال، ومن البلاهة القول أن كل العرب مجتمعين يحتلون أكثر من قرنة صغيرة في عقل " نتنياهو" وحكومته، إنما يغيظهم نموذج الفلسطيني المثقف الثائر، وعجز منظومة الإحتلال عن تصفية الفكرة، تفرغه رصاصا في جسد حامليه.

باسل كغسان كنفاني، اقلامهم كانت اخطر من بنادقهم، وعقولهم ثائرة متقدة ترى الحدود الفاصلة بوضوح ما بين التضحية والإنتحار، ويعرفون تماما الهوية التي على الفلسطيني الدفاع عنها بالدماء، والروح التي يراد لها الإندثار في زحمة الطوابير الصاعدة نحو القاع.
لم ينتظر باسل او ساجي من قبله هذه الحروف بعد الرحيل، كان آوانها حين احتدمت المعركة، واتهموا بالجنون، والحماقة، فيما كنا ندعي الحكمة والرزانة. 

بطولة باسل لا يجب ان تطغى على كارثة رحيله وعُرِي واقعنا الخاضع للإبتزاز من كل حدب وصوب، وحدود العاصمة السياسية التي انتهكها الجنود قبل الوصول لجسد باسل تحتاج أكثر من 21 طلقة تأبينية في الهواء، واقل من هول الشعارات المتوعدة.

كل المطلوب عدم تقديم نوار اللوز الفلسطيني كقربان نرشي به الموت ليمهلنا يوما او يومين. فيشرب " الموت" خمرنا وبعدها يطير لغيرنا.