النجاح الإخباري - شهد إدارة الرّئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، انقسامًا حول طريقة التعامل المثلى مع إيران في المرحلة المقبلة، بعد إلغاء الولايات المتحدة الأميركيّة الاتّفاقَ النووّيَ مع طهران، في أيّار/مايو الماضي.

فبعد إلغاء الاتفاق النوويّ، فرض ترامب عقوباتٍ اقتصاديّة على طهران هي الأشدّ منذ سنوات، استهدفت خصوصًا قطاع النّفط، مع أدّى إلى تراجع في أداء العملة الإيرانيّة، بالإضافة إلى تراجع صادرات النّفط الإيرانيّة.

ومع تهديد ترامب بفرض عقوباتٍ على الشّركات الأوروبيّة التي تشتري النفط من طهران، خلال لقائه مع شبكة "فوكس نيوز" الإخباريّة، أمس، الأحد، فإن مستشاري ترامب، وفقًا لما نقلته صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليّين وأميركيين، اليوم، الإثنين، يحارون في الهدف الذي تنتهي إليه العقوبات: اتفاق نووي جديد أم إسقاط النظام؟

رسميًا، لم تعلن الإدارة الأميركيّة أنّها تسعى إلى تغيير النظام الإيراني، الذي أخذ شكله الحالي بثورة شعبية أطاحت بنظام الشّاه، وأكّد أكثر من مسؤول أميركيّ أن الولايات المتّحدة تسعى من خلال العقوبات إلى إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، من أجل التوصّل إلى اتفاق شامل، لا يقتصر على النشاط النووي الإيراني، إنّما يشمل ملفات أخرى تشغل "حلفاء الولايات المتّحدة في المنطقة"، مثل الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة، والوجود الإيرانيّ في اليمن وسورية.

لكنّ، وفقًا لـ"هآرتس"، فإن هذه الخطّة ليست محلّ إجماع في الإدارة الأميركيّة، فنقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، ودائرته، يدفعون من دخوله منصبه إلى أن تغيّر الولايات المتّحدة سياساتها تجاه طهران، وهو إسقاط النظام في إيران.

يُذكر أن بولتون تحدّث أكثر من مرّة قبل دخوله إلى منصبه عن أنه "لا مناص من ضربة عسكريّة لإيران"، بالإضافة إلى أنه معروف في الأوساط السّياسيّة الأميركيّة بتحمّسه لإسقاط "نظام آيات الله" (بتعبير الصّحيفة) في إيران.

وقالت المصادر الأميركيّة والإسرائيليّة إنّ بولتون يرى في التظاهرات الاقتصادية التي تشهدها إيران منذ بداية العام الجاري بين الفينة والأخرى دليلًا على ضعف النّظام الإيرانيّ، وهو عاكفٌ على إقناع ترامب بأن النظام الإيراني سيسقط إذا ما شدّدت الولايات المتّحدة عقوباتها على طهران، وفقًا لـ"هآرتس".

لكنّ حماسة بولتون الشديدة لإسقاط النظام، تقابلها معارضة أكثر شدّة من قبل وزير الدّفاع الأميركي، جيمس ماتيس، الذي يعتقد أن محاولات إسقاط النظام في طهران ستقود إلى حربٍ شاملة بين الولايات المتّحدة وإيران.

ووفقًا لماتيس، فإن حربًا من هذا النوع ستؤدي إلى خسائر في الاقتصاد الأميركي وإلى الإضرار بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية.

أمّا بخصوص العقوبات الأميركيّة على إيران، فإن ماتيس لا يعارض تشديدها، إنّما يعتقد بأن هدفها هو إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، في تحوّل مفاجئ في موقف ماتيس، الذي، وفق المسؤولين الأميركيين، اُتهم خلال عمله قائدًا للقيادة الأميركيّة الوسطى خلال حكم الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، بأنّه يسعى إلى حرب مع إيران، وأنّه يعمل على دعم أجنداته الخاصّة ضد الإيرانيين، لكنّه حينما أصبح وزير دفاع ترامب، فإنه يتهم بأنه غير صلب بما فيه الكفاية لمواجهة الإيرانيّين.

وتقول المصادر الأميركيّة للصحيفة، إنّه رغم أنّ وزير الخارجيّة الأميركيّ، مايك بومبيو، اعتبر من الصقوريّين ضدّ إيران والاتفاق النووي، إلا أنه بدأ منذ نحو عام (حين شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيّة – سي آي إيه) بالتقرّب أكثر نحو الخطّ الذي يقوده ماتيس.